حوار أحمد إسماعيل برغم أن نتائج البحث والاستكشاف والتقييم لخامات الفوسفات في مصر تؤكد أنها غنية باليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة، فإن الشركات المنتجة لهذه الخامات تقوم بتصديرها للخارج بما تحتويه من تركيزات عالية لهذه العناصر الإستراتيجية المهمة. وهنا تثار عدة تساؤلات مهمة: لماذا، ولمصلحة من استمرار هذا الوضع؟! ولماذا لم نبدأ باستخراج هذة العناصر الإستراتيجية المهمة واستغلالها خصوصا ونحن في أمس الحاجة لها؟! وكيف؟ ومن أين نبدأ؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات المهمة كان حوارنا مع الدكتور إبراهيم هاشم زيدان - مدرس الجيولوجيا بهيئة المواد النووية، وهذا نص الحوار. كيف ترى قيمة خامات الفوسفات فى مصر؟ نعم، وبكل تأكيد، فقد أثبتت نتائج البحث والاستكشاف والتقييم أن خامات فوسفات وادي النيل والبحر الأحمر تحتوي علي اليورانيوم بمتوسط 100 جرام في الطن، وأن فوسفات أبوطرطور في الوادي الجديد يحتوي علي العناصر الأرضية النادرة بمتوسط 2 كجم في الطن. وللعلم، فإن الإنتاج السنوى لخام الفوسفات فى مصر قدر بنحو 4.8 مليون طن عام 2013م، وقامت الشركات المصرية المنتجة لهذا الخام بتصدير معظمه للخارج بما يحتويه من تركيزات عالية من العناصر الإستراتيجية المهمة (اليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة). ما أهمية هذه العناصر الأرضية النادرة؟ عددها 14 عنصرا فى نهاية الجدول الدورى الحديث للكيمياء، وتوجد هذه العناصر فى الطبيعة بنسب ضئيلة جدا تقدر (بجزء من مليون جزء). وتقنيات استخلاصها لا تتوفر إلا فى دول معدودة، وتعتبر الصين أولى هذه الدول المتقدمة فى هذا المجال. وتستخدم العناصر الأرضية النادرة فى صناعات التسليح والمغناطيسيات القوية وأنابيب مولدات النيوترونات بالمفاعلات النووية وكابلات الضغط العالي وعدسات الليزر والألياف البصرية والموصلات فائقة القدرة والخزف والصينيى والكريستال النقى وشاشات وطابعات الأجهزة الإلكترونية والتليفزيونات الملونة وشاشات الرادار وأشعة إكس والترمومترات الإلكترونية وغيرها، كما تدخل فى صناعة لمبات الكهرباء ولمبات الزئبق لمضاعفة درجة الإضاءة. وهيئة المواد النووية المصرية أجرت العديد من التجارب والأبحاث التى مكنتها من استخلاص هذه العناصر بطرق اقتصادية من الرمال السوداء وخامات الفوسفات. وما أهمية عنصر اليورانيوم؟ يعتبر اليورانيوم من أهم وأشهر العناصر المشعة من حيث الاستخدام السلمى والعسكرى، ويعتبر مصدرا رئيسيا لكميات هائلة من الطاقة تجعل العالم فى تقدم حضاري وصناعي إذا أحسن استخدام هذا المصدر فى توليد الكهرباء، حيث تقدر الطاقة الناتجة من كيلو جرام يورانيوم (235) بما يعادل الطاقة الناتجة من حرق (2000 طن بترول) أو (2700 طن فحم). والطلب العالمى لليورانيوم يقدر بنحو 65 ألف طن سنويا. دعنا نوضح للقراء من جديد أهمية اليورانيوم؟ يمكننا في مصر الاستفادة من هذه العناصر الإستراتيجية المهمة من خلال ما يلي: أولا: اعتبار خامات الفوسفات المصرى خامات نووية ويجب أن تعامل معاملة الرمال السوداء لأنها تحتوى على تركيزات عالية من اليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة، ويكون لهيئة المواد النووية حق الرقابة على هذه الخامات أثناء مراحل البحث والاستكشاف التقيم الاستغلال التصنيع والتصدير مع حفظ حقوق الشركات المنتجة. ثانيا: إنشاء شركة استثمارية فى صعيد مصر بمنطقة ادفو لتصنيع حامض الفوسفوريك والأسمدة الزراعية من خامات فوسفات وادى النيل والبحر الأحمر، على أن تقوم هيئة المواد النووية باستخلاص اليورانيوم أثناء مراحل التصنيع كقيمة مضافة لهذه الخامات. وكذلك إنشاء شركة مماثلة فى الوادى الجديد بمنطقة أبوطرطور واستخلاص العناصر الأرضية النادرة والاستفادة منها كمنتج ثانوى. ثالثا: إعادة تقييم احتياطيات الفوسفات فى مصر، حيث لاتوجد لها احتياطيات مؤكدة حتى الآن، إنما تم تقديرها كاحتياطيات جيولوجية فقط قدرت بنحو 40 مليون طن تقريبا فى مناطق البحر الاحمر ، نحو 70 مليون طن فى منطقة السباعية نحو 7 مليارات طن فى هضبة أبوطرطور بالوادى الجديد. ما مميزات منطقة إدفو؟ منطقة إدفو بمحافظة أسوان تتمتع بمميزات عديدة منها وفرة خامات الفوسفات التي تشجع علي الاستثمار، ووفرة المساحات الواسعة من الأراضي الجبلية والتي تسمح بإقامة مشروعات صناعية وزراعية متعددة، أيضا توافر شبكة الطرق والمياه والكهرباء، كذلك فهي قريبة من ميناء سفاجا ومن مطارات أسوان والأقصر، أيضا المساهمة في تنمية جنوب الصعيد وتشغيل العمالة المهنية في مختلف التخصصات. وما مميزات منطقة أبوطرطور بالوادي الجديد؟ أهمها توافر البنية الأساسية بالمنطقة والتي تتمثل في وجود خط سكك حديدية يمتد من الموقع إلى ميناء سفاجا بطول 700 كم تقريبا ووجود محطة كهرباء بطاقة 150 ميجا فولت أمبير، أيضا وجود العديد من المنشآت التى تصلح للورش والمصانع وآلاف الفيلات وعدد من العمارات السكنية الفاخرة وفندق خمسة نجوم، ولم يتم استغلالها منذ إنشائها فى تسعينيات القرن الماضى، أيضا يوجد بالمنطقة مستشفى ومدارس، بالإضافة إلى بعض الخدمات الاجتماعية الأخرى كذلك المساحة الكبيرة للهضبة(1200كم2) والمناطق المحيطة بها تشجع على إقامة مصانع ومناجم مختلفة تعمل فى وقت واحد، دون أن يؤثر أحدها على الآخر، بالإضافة إلي وجود شبكة من الطرق والمدقات الصالحة للاستخدام تربط المنطقة بمحافظات الصعيد والبحر الأحمر والقاهرة، بالإضافة إلى قربها من مدينة الخارجة وهى مدينة سياحية وبها مطار جوى أيضا يوجد عدد13 بئرا من المياه الجوفية متصلة مع بعضها بواسطة شبكة مواسير ضخمة صالحة لأغراض الشرب والزراعة والصناعة وتعمل بكفاءة عالية، كذلك وجود مساحات شاسعة من الأراضى الخصبة الممهدة وشبه مستصلحة تزيد على نصف مليون فدان يمكنها أن تسهم فى زيادة الرقعة الزراعية للنباتات الطبية والزيتية ناهيك عن حرارة الشمس المرتفعة بالمنطقة والتي تشجع على إنشاء محطة لإنتاج الطاقة الشمسية.