يكفي هذا بداية للحديث عن الجريمة الخسيسة ضد مصر وشعبها. ضد أديانها وأبنائها. ضد حاضرها ومستقبلها. الذي أبداً أبداً لن يهتز. ولن يعرف التراجع.. ولذلك يمكن أن يؤجل الحديث عن الأمن واختراقه وثغراته. إيماناً واعتقاداً بأن أهل مكة أدري بشعابها. وأن أهل الأمن بجميع مؤسساته أدري بثغراته. وأنهم قادرون علي أن يسدوها. ويعالجوها. بشرط أن تتوفر لهم الإمكانات وتسد النواقص من كادر بشري. ومن أجهزة مطلوبة. وأن تكون لهذا أولوية مثل التعليم والصحة.. مثلاً: هل تتوفر أجهزة تصوير ومراقبة كافية لجميع أماكن التجمعات؟!.. وهل توجد بوابات إلكترونية كافية؟!.. وكيف نوفر هذا وغيره لتغطية جميع المؤسسات التي تحتاج إلي رقابة خاصة. ليلاً ونهاراً؟!! وفي مواجهة هذه الجريمة الخسيسة. ونحن نعزي أنفسنا. ونترحم علي شهيدات البطرسية. واحدة واحدة. وعلي جميع شهداء الإرهاب من الشيخ الذهبي إلي اليوم. ومن مدنيين وعسكريين ورجال شرطة. ضباطاً وأفراداً. فإننا نؤمن بأن مصر بشعبها وجيشها أقوي من الإرهاب. وأنها ستنتصر علي الإرهاب. وتطهر أرضها من هذا الدنس. ومصر تخوض هذه المعركة التي فرضت عليها وهي تتحمل آلامها وتقدم خيرة أبنائها من موقع إيمان لا يتزعزع في أن ما لا يقتلنا يقوينا.. نقول هذا ونعرف أن الإرهاب أصبح قدر العالم المعاصر. ومهما تكن خسائرنا فإنها ضريبة لتحقيق الاستقرار الذي نأمله. إننا نتألم ونحزن لكل شهيد يتوفي. ولكل جندي وضابط يصاب. ولكل مدني يمتد إليه أذي. ولكن لن تذهب أنفسنا حسرات.. إننا نحزن ونتألم ونبكي علي كل قطرة دم تراق. لكن لن نجزع. ولن نتراجع. بل نواصل مسيرة البناء والتعمير والتشييد وصولاً إلي مصر التي نريدلها نمواً وتقدماً ورخاءً.. وعند هذا الهدف لن تحرقنا يوماً شلة من المتآمرين والإرهابيين ممن شاءوا لأنفسهم أن يخونوا وطنهم. لأنهم كارهون لأنفسهم. وإذا نظرنا إلي المرحلة المعاصرة من ظهور الإرهاب وانتشاره من سبعينيات القرن الماضي إلي اليوم. فإن السؤال هو: ماذا حقق الإرهاب. وماذا كسب الإرهابيون من وراء جرائمهم الخسيسة؟!.. لم يكسبوا شيئاً سوي تشريد أنفسهم في بقاع الأرض. والتسول علي أعتاب أنظمة تؤويهم. وتمولهم.. كما كسبوا كراهية وعداء شعبهم الذي لن يقبل معهم صلحاً أو مساومة إلا إذا ألقوا سلاحهم. وتوقفوا عن عبثهم القتالي. واعترفوا بخطاياهم.. وعندئذي قد يقبل الشعب. وقد ينظر في أن يغفر. وأغلب الظن أن غفرانه سيكون عندئذي مشروطاً ومحدوداً. بعد أن خاض تجربة الصفح عنهم أكثر من مرة. أما من يزرعون الإرهاب ويؤون الإرهابيين ويمولونهم ويسلحونهم. ويدفعون لهم مقابل كل جريمة ثمناً. فإن لهم حساباً آخر.. ومصر شعباً وقيادة وجيشاً أكبر من أن تلجأ إلي أساليبهم الخسيسة. وفاءً لحقها في الثأر والانتقام.. وما أسهل ذلك لو كانت مصر تريده أو تلجأ إليه. لأنها دولة مبادئ وقيم. ولا تعبأ بعبث الصغار. عسي أن يثوبوا يوماً إلي رشدهم. أو أن يثور شعبهم عليهم.. وليس هذا ببعيد. ودائماً تدور علي الباغي الدوائر. ولكن هذا لا ينفي أن لمصر وصبرها حدوداً.. والويل للجميع لو فقدت مصر صبرها. ونفدت قدرتها علي احتمال ألاعيب الصغار. و"خربشات" المتآمرين. نعم. إنها لا تعدو أن تكون "خربشات". لن توهن عزيمة مصر. ولن تضعف قدرتها علي الصمود. ومن موقع الحرص أكبر الحرص علي كل قطرة دم. من ابن من أبنائها الأبرار. .. ونصر مؤكد إن نصر مصر جيشاً وشعباً وقيادة ضد الإرهابيين مؤكد. كما أن القدرة علي القضاء علي الإرهاب مضمونة. باجتثاث أسبابه. وجذوره الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ذلك أن الإرهاب ليس نبتاً شيطانياً. ولكنه يولد ويتوالد في بيئة حاضنة.. وعلينا ونحن نخوض هذه المعركة المضمونة أن نقضي علي بذور هذه البيئة.. وهذا لن يتم في يوم وليلة. بل يحتاج إلي عمل وجهد وتخطيط ومشاركة شعبية لا بديل عنها.. ولكن هذا أي ضمان النصر المؤكد لا يعني أنها معركة سهلة أو بدون تضحيات. لذلك علينا أن نكون مستعدين لتحمل الأعباء والقيام بالواجبات.. كل الواجبات التي تضمن بناء جبهة موحدة صلبة ضد الإرهاب. وضد الإرهابيين وبناء مثل هذه الجبهة يبدأ ببناء حائط صد. وبيئة طاردة للإرهابيين. إن الإرهاب لا يعيش ولا ينمو في أي بلد. إلا في ظل "بيئة حاضنة". وواجبنا الأول أمس واليوم وغداً في المعركة ضد الإرهاب أن نحرم الإرهابيين وأن ننزع منهم مثل هذه البيئة. ولعل أقرب الأمثلة ما جري وما يجري في سيناء مما قد لا يحتاج إلي تفصيل. ولكن من يخوضون معركة الشرف ضد الإرهاب هم خير من يرون الفرق بين البيئة الحاضنة. والبيئة الطاردة للإرهاب.. منذ سنوات. جري الحديث عن "مجلس أعلي لتنمية سيناء". وهو مجلس لا أعلم هل تم إنشاؤه أم لا؟!.. ولكننا اليوم أكبر احتياجاً له. بحيث يكون من مهامه ليس فقط بحث المشروعات الاقتصادية صناعية أو زراعية. بل يكون في داخله فرع لمتابعة أحوال أهل سيناء من الناحية الاجتماعية والسياسية. والنظر في مشكلات هؤلاء المواطنين. وكيفية حلها وبسرعة. وإلي أن يتم هذا. لماذا لا تذهب لجنة من مجلس النواب وتبحث مثل هذه الأمور مع أهالي سيناء. وبحيث لا يترك مثل هذا الملف مثل ملفات كثيرة في أيدي الأمن. وهو مثقل أصلاً بمهام خطيرة وعديدة. وليس العلاج الأمني هو العلاج الوحيد للمشكلات. خاصة مشكلات سكان سيناء. جبهة حزبية لقد تابعت جنازة تشييع جثامين شهداء الكنيسة البطرسية. سواء القداس الجنائزي أو الجنازة الرسمية والشعبية. وقد لاحظت غياب القيادات الحزبية المعروفة بمعني أنه قد تكون هناك وجوه حزبية ولكنها غير معروفة. ولكن الأهم هو غياب المشاركة الحزبية سواء باللافتات والشعارات وحتي بالهتافات. فهل حضر ممثلو الأحزاب ومُنعوا؟!!.. وأين ممثلو شباب الأحزاب؟!!.. إن واجب هؤلاء جميعاً هو العمل اليومي وليس العمل الموسمي في مقاومة الإرهاب.. وقد يكون من المناسب التفكير في عمل "شعبي" في هذا المجال. من خلال هيئة منظمة تكفل المشاركة الشعبية التي لا بديل عنها في مقاومة الإرهاب. لقد قرأت حالاً المقال المهم للأستاذ الدكتور محمد أبوالغار. الوطني الغيور "المصري اليوم. 13 ديسمبر الحالي" بعنوان "يسقط الإرهاب: توحيد مصر المدنية ضرورة عاجلة".. ومع اتفاق المرء مع أغلب ما جاء فيه. إلا أني لا أطمع في تحقيق مثل دعوته. ولكني آمل في خطوة قصيرة وعاجلة تتمثل في "جبهة شعبية لمقاومة الإرهاب". ولا أطمع في مشاركة جميع الأحزاب التي يقال إن عددها مائة حزب.. والعدد في الليمون بالطبع.. ولكن أتمني أن تقوم جبهة من أهم الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني. لها رسالة واحدة. وهي العمل ضد الإرهاب. ويكون لها شكل بسيط. عبارة عن لجنة في كل محافظة. تتفرع عنها لجان عمل في المناطق التي يتهددها الإرهاب.. ما هو أكثر من ذلك. يبدو لي صعباً في الظروف الراهنة.. ولكن لا بأس من أن تتطور هذه الجبهة وتنمو لتكون لها أهداف وخطط سياسية واقتصادية واجتماعية. ولكن الأهمية والأولوية يجب أن تكون الآن لمقاومة الإرهاب حتي لا يزداد خطره. في ظل تحرك الإرهابيين علي مستوي الوطن العربي كله. خاصة في المرحلة التي ستأتي بعد ضرب داعش في العراق والإرهابيين في سوريا.. يجب منذ الآن أن نكون متيقظين ومستعدين لمواجهة هذا كله.. وبحيث تكون جبهة الشعب سنداً قوياً لقوات جيشنا ورجال شرطتنا الذين يتحملون العبء الأول ويقومون بالدور الأكبر في مقاومة الإرهاب. إن رسالتهم في هذه المرحلة كبيرة مهما تزايدت المؤامرات. وتعدد المتآمرون في الداخل والخارج.. ومهما تطل المعركة فإن النصر مضمون. وهو آتي آتي.. واسلمي يا مصر.