ماذا تنتظر الحكومة لمراقبة الأسواق وانفلات الأسعار متي تظهر العين الحمرا للتجار السعرانين والبياعين المخالفين متي تكشف عن أنيابها ومتي تستعرض عضلاتها وتستخدم ذراعها الطويلة وانها عندما تصدر قرارا أو تتخذ إجراءً قادرة علي تنفيذه وإنجاحه وتقليل أضراره وزيادة عدد المستفيدين منه وتخفيض عدد ضحاياه. الحكومة تستطيع أن تتخذ ما يحلو لها من سياسات وإجراءات مرة وبطعم العلقم وتستطيع أيضاً أن تجعل الشعب يتقبلها ويتفاعل إيجابياً معها لو كانت ايدها "طايلة" بمعني انها تستطيع أن تنفذ سياساتها بشقيها ما لها وما عليها أي تفيد التاجر والصانع وتحمي المستهلك لا أن توفر لرجال الأعمال والرأسماليين كل الظروف لزيادة أرباحهم وتضخم ثرواتهم وتترك الموظفين والعمال والفلاحين والفقراء والغلابة نهباً لطمع وجشع التجار. في الأربعين عاما الماضية تم تهميش أجهزة الرقابة التجارية وتقليم أظافرها وسحب سلطاتها لصالح التجار ورجال الأعمال لماذا لا نعيد احياء دورها ومنحها سلطة أوسع وتشديد عقوبة المخالفين من مفتشيها. لماذا لا نستغل خبرات الدولة العميقة إيجابياً ونستخرج مواهبها ونستثمرها مرة في صالح المواطن لا لصالح الأغنياء. وإذا كانت تجربتنا مريرة مع الجهاز الإداري والإدارة المحلية لتفشي الفساد فيهما واستغلال سلطاتهم لفرض الإتاوات والحصول علي الرشاوي يمكن اللجوء إلي الشرطة والجيش معاً لمراقبة الأسواق وهما من نثق فيهما وهما من نجحا حتي الآن في بسط الأمن ونجحا في كل الاختبارات والسيطرة علي كثير من الأزمات ويستطيعان القيام بهذه المهمة وفرض الانضباط علي الأسواق والشارع. نحن بصراحة شديدة لا نثق إلا في الجيش والشرطة ونتمني أن يتحملا في هذه المرحلة الدقيقة المسئولية في تسيير كل أمور الدولة إلي أن نربي قيادات وكوادر بشرية شبابية بمعاهد وأكاديميات هاتين المؤسستين علي كيفية الإدارة الرشيدة والرقابة الجيدة. تجاربنا مع الجيش والشرطة تبعث الراحة والطمأنينة ويعالجان المشكلات بشكل سريع ودقيق ووفق المعايير والمقاييس العالمية. لا يجب أن تتخذ قرارات جريئة وصعبة ولها تداعيات خطيرة دون أن تكون هناك متابعة لها في كل المراحل علينا ألا نترك الأمر للمحليات والأحياء إذا كنا نريد أن نتجاوز هذه الضائقة الاقتصادية الشديدة ونتغلب علي آثارها المؤلمة وننتقل إلي مرحلة نماء وازدهار وانطلاق.