سافرت كثيراً للدول الأوروبية والأمريكية.. وفي الأيام الأخيرة قضيت في كندا ما يزيد علي سبعة أشهر.. وقمت برحلات داخلية بالطائرات.. وسواء أكان السفر لرحلة خارجية أو داخلية فإنني خضعت للتفتيش الدقيق في كل رحلة. والتفتيش هناك يخضع له الجميع لا فرق بين مسئول وغير مسئول ويبدأ بخلع الجاكت وتفريغ محتوياته ووضعها في صندوق مخصص لذلك.. ثم يبدأ بخلع الحذاء.. ومن بعده خلع حزام الجلد المخصص للبنطلون.. ثم يوضع ما من شأنه أن يكون معك من نقود معدنية وال"آي باد" والتليفون المحمول والساعة والمحفظة الجلدية.. ثم تمر بعد ذلك من البوابة الالكترونية.. فإذا لم تحدث صفيرا فإن ذلك يعني أنه ليس معك ما يمنع الدخول.. ثم تمر بعد ذلك بتفتيش ذاتي علي جسمك بعصاة تكشف المعادن.. ثم يسمح لك بالدخول. وفي احدي المرات نسيت أن أذكرهم بسماعة موضوعة داخل الأذن وكنا في رحلة داخلية.. واضطر رجال التفتيش أن يلامس بيديه كل أجزاء الجسم واستمرت هذه العملية قرابة عشر دقائق.. ثم سمحوا لي بالسفر. هكذا يكون التفتيش دقيقا في الطائرات وفي منافذ الخروج حتي لا يحمل أحد الإرهابيين ما يجعل حياة الركاب معرضة للأذي. لذلك تعجبت من نائبين بالبرلمان عندما آثارا أزمة في مطار القاهرة أثناء دخولهما صالة رقم 2 لاستقلال الطائرة التابعة لشركة الخدمات البترولية المتجهة إلي مطار أبوسمبل لاعتراضهما علي إجراءات التفتيش وخلع الأحذية!! والنائبان البرلمانيان هما اللواء حامد بشات رئيس لجنة العلاقات العربية والإفريقية واللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي. وشكا النائبان من هذه المعاملة لوفد وزارة النقل المتجه إلي ميناء "أرقين" لحضور التشغيل التجريبي للمنفذ بين مصر والسودان برئاسة الدكتور جلال سعيد وزير النقل. "إزاي يفتشونا ويخلونا نخلع الأحذية واحنا داخلين من البوابات.. احنا صاحيين الساعة 5 الفجر عشان نقوم بعمل وطني ونشارك في افتتاح المنفذ". وأضاف النائبان للوزير: "ده سوء تنظيم من عندكم.. وكمان احنا المفروض نقعد في مقاعد جنب الوزير.. احنا أعضاء مجلس النواب وجايين لعمل وطني". وقد رد وزير النقل علي شكوي النائبين بالاعتذار لهما عما حدث وانه سيعالج شكواهما من سوء التنظيم.. وأمر بالتحقيق في الواقعة. ومع احترامي الشديد للنائبين الموقرين.. وكلاهما كان برتبة لواء في السابق قبل انتخابهما لعضوية مجلس النواب.. وهما أيضا رئيسا لجنتين هامتين في المجلس.. فالمفروض أن يلتزما بالتعليمات التي تضبط ايقاع العمل بالمطارات والمنافذ.. وألا يكون هناك استثناء لشخصهما باعتبارهما نائبين بالبرلمان.. وأن يكون الانضباط في العمل هو الركيزة التي اعتمدا عليها وهما لواءان سابقان!! والسؤال هو: ما دخل موظفي المطار إذا كنتما استيقظتما من النوم الساعة الخامسة صباحا؟! هل هذا يعفيكما من إجراءات التفتيش المتبعة في المطارات؟! وما هو دخل الموظفين إذا كنتما مسافرين للنزهة أو من أجل عمل وطني؟! الخضوع للتفتيش في المطارات لا يفرق بين السفر للنزهة أو من أجل الأعمال الوطنية.. علينا أن نتخلي أولاً عن الشعور بالعظمة والكبرياء والخضوع للتعليمات عند الأمن بالمطارات.. وعلينا أن ننسي المقولة الدارجة "هو أنت ما تعرفش أنا مين؟!". لم يعجبني رد الدكتور جلال سعيد وزير النقل علي النائبين بالاعتذار لهما والتحقيق في الأمر.. بل كان يجب عليه تنبيههما إلي التعليمات التي يفرضها القانون والإجراءات عند السفر.. وأخشي ما أخشاه ألا يكون الوزير قد مر هكذا دون إجراء أي تفتيش عليه.. لأن الشيء الوحيد الذي ضيعنا هو "الكوسة" والاستثناء للأشخاص المشهورين. وأخيرآً.. سؤال مهم للنائبين الموقرين ولمعالي الوزير: ألم تسمعوا عن الوفود التي جاءت من كل دول العالم لفحص الإجراءات الأمنية بالمطارات.. كل يوم يأتي لنا وفد ونسمح له بتفقد إجراءات أمن مطاراتنا.. كل ذلك من أجل عودة السياحة إلي بلدنا بعد أن خسرنا عشرات المليارات من الدولارات نتيجة لانقطاعها بعد حادث الطائرة الروسية في سيناء!! هذا للتذكرة وللعلم فقط!!