أمر الله تعالي أن تقوم العلاقة الزوجية علي المودة والرحمة. وإذا حدث شقاق بين الزوجين فعلي الأهل الإصلاح بينهما. ولكن بدلا من المودة والرحمة في واقع الحياة الآن صار العنف والضرب بقسوة هو وسيلة الرجل للتفاهم واستقرار الحياة بينه وبين زوجته. ولأن هذا العنف الأسري لم يعد قاصرا علي الطبقات الاجتماعية الفقيرة أو التي تسودها الأمية. فإن بعض البرامج التليفزيونية قد أفردت لها حلقات للمناقشة مع بعض من هؤلاء النساء المعذبات أو اللاتي تعرضن للإهمال التام من الأزواج أو الأخريات اللاتي يعانين من خيانة أزواجهن لهن. من هذه البرامج كان "حصلت قبل كده" الذي قدمه طوني خليفة يوم الأحد الماضي علي قناة "سي بي سي" واستضاف بعضا من هؤلاء الزوجات اللاتي عانين من الضرب المبرح والذي أودي بواحدة منهن إلي غيبوبة استمرت عدة أشهر بعد أن رمي بها زوجها المدمن من الطابق الرابع. كما استضاف أحد الرجال الذي يتخذ الضرب وسيلة لتطيعه زوجته ليتعرف المشاهدون علي أسباب لجوء الرجال للعنف. وحتي تكتمل الصورة وتوضيح جوانب المشكلة وتقديم الحل كان اللقاء مع الدكتور محمد عبد العاطي عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر والدكتورة هالة منصور أستاذ علم الإجتماع بجامعة بنها وفاطمة خفاجي الباحثة بالمركز القومي للمرأة .. من خلال التقارير التي عرضها البرنامج عن العنف ضد هؤلاء الزوجات. إتضح أن العوز المادي لإحداهن وحب الأبناء وعدم وجود مكان آخر لها سوي بيت هذا الرجل كانت دافعها للعودة إليه دائما. حتي بعد أن أجبرها علي الحياة في البيت مع زوجتيه السابقة والتالية ولكنه أبقاها في "زريبة البهائم". بينما إمرأة أخري أدي بها تكرار ضربها بعنف ثم صلح زوجها لها إلي أن تبادله الضرب في النهاية لأنه كاد يخنقها ثم تترك بيتها بلا رجعة وتطلب الطلاق. أما الرجل الوحيد الذي استضافه البرنامج ليحكي عن مشكلته مع زوجته فكان عذره في ضربها أنه لايحب أن يعلو صوتها علي صوته ويريد منها الطاعة العمياء , وإذا لم تطعه فإن الضرب المبرح يريحه من مشاكله معها لمدة طويلة. والغريب أن أمه كما شاهدناها في التقرير كانت هي التي شجعته علي ضرب زوجته لأنها تعتبره الوسيلة المثلي لإصلاح الزوجة. وكأنها كانت تستعيد ماضي حياتها مع زوجها الراحل وتريد لزوجة ابنها أن تعيش نفس مشاعر الألم ولا تحظي بالسعادة التي حرمت هي منها. ولقد اتضح من مناقشة الحكام الثلاثة لهذا الرجل وأسبابه أنه مريض نفسي حتي أن الدكتورمحمد نصحه بالتوجه لطبيب أمراض نفسية بعد الحلقة. لأن ما يفرضه علي زوجته من قهر وعنف لأنها الطرف الأضعف لا يمكنه ممارسته مع سواها لأنه لو تجرأ مثلا وضرب رئيسته في العمل لكان جزاؤه الرفد. أما الزوجة النوبية فلأنها كانت موظفة تأخر زواجها حتي السابعة والثلاثين لأن الرجل النوبي كما ذكرت لا يتزوج المرأة العاملة- وكان زوجها يكبرها بستة عشر عاما وسبق له الزواج وإنجاب خمسة أبناء ولم تره إلا مرة واحدة. وتزوجها بتوكيل عام وسافرت إليه حيث يقيم في السعودية. ولكنه كان يسيء معاملتها ويضربها بعنف وتتحمل لأنها حملت في طفلتها الأولي. ثم زاد من قسوته بعدما أنجبت طفلهما الثاني. ولما لم تعد تتحمل الضرب وخافت أن يقتلها. اتفقت معه أن تعود بطفليها إلي مصر وتتكفل بهما ويراهما في مصر أو حيث يقيم. لكنه احتال عليها لترسل له الطفلين ولم يعيدهما إليها وحرمها حتي من سماع صوتيهما عبر التليفون منذ عام. إن العنف ضد المرأة سلوك الرجل ضعيف الشخصية والحيلة ونتيجة لأسلوب تربيته بالقسوة. ولهذا يجب علي الفتيات المقبلات علي الزواج أن تتأنين في اختيار الزوج وتختبره أثناء الخطبة لتعرف كيف يكون تصرفه معها عند أي خلاف. فإذا امتدت يده إليها بالضرب فلتنه هذه العلاقة قبل أن يصبح العنف سلوكا يوميا يمارسه معها بعد الزواج ويكون الأبناء ضحية الطلاق.