وسط توقعات بمزيد من التدهور من ناحية. وبين استعادة الثقة في الاقتصاد المصري. خرجت علينا حكومة شريف إسماعيل بتصريحات انقسم حولها الشارع بين مؤيد ومعارض. حيث قالت إنها تستهدف تمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار علي ثلاث سنوات. من بينهم 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بواقع أربعة مليارات سنوياً بفائدة تتراوح بين الواحد إلي 1.5 بالمئة. خاصة أن معدلات عجز الموازنة تتراوح بين 11 و13 بالمئة خلال الست سنوات الماضية. وهذا القرض سيعطي شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب. قرض صندوق النقد الدولي جاء بعد التراجع العنيف للاحتياطيات من النقد الأجنبي. مما أدي إلي تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار. هذا بخلاف تراجع معدلات السياحة بسبب الهجمات الإرهابية. وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبي اللذين من شأنهما الإضرار بصورة كبيرة باقتصاد البلاد المتعثر من الأساس. المفاوضات التي ستتم بشأن هذا القرض لم تكن وليدة اللحظة. بل سبقتها اتفاقيات مبدئية مع صندوق النقد الدولي مرتين منذ ثورة 25 يناير. إبان حكم المجلس العسكري. بقيمة 3.2 مليار دولار. وخلال حكم الإخوان للبلاد بقيمة 4.8 مليار دولار. إلا أن المفاوضات توقفت لأسباب معلنة للجميع. منها عدم الاستقرار السياسي. ورفض الشارع المصري لهذا الاقتراض. الذي كان يشترط بعض الإصلاحات الاقتصادية مثل إعادة هيكلة برامج دعم الطاقة. وإقامة بعض الإصلاحات الضريبية. كتطبيق ضريبة القيمة المضافة. وخفض الإنفاق الحكومي. هذا بخلاف إجراء بعض الإصلاحات في الجهاز الإداري للدولة مثل تقليل العمالة. وتقليص عددهم إلي مليون و200 ألف بدلاً من 6 ملايين. القرض الذي سيمنحه صندوق النقد الدولي لمصر لم يكن هو القرض الوحيد الذي سيُمنح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حيث وافق الصندوق في وقت مبكر من العام الجاري علي منح بعض القروض لكل من العراق وتونس والأردن. بسبب أزمات اللاجئين وتراجع أسعار النفط وانخفاض معدلات النمو.. وإن كان قرض صندوق النقد الدولي لمصر يستهدف التخفيف من حدة الضغط علي الدولار واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري مرة أخري. بالإضافة إلي أنه سيوفر سيولة مباشرة لسد الفجوة التمويلية للموازنة. وسيخفض من وتيرة التسارع في زيادة سعر الدولار في السوق الموازية. هذا من وجهة نظر المؤيدين لقرار الاقتراض.. بينما يري المعارضون والرافضون للاقتراض أنه مع إقرار مصر لحزمة التمويلات التي أعلنتها أخيراً بقيمة 21 مليار دولار. ستشهد البلاد توسعاً غير مسبوق في الاستدانة الخارجية منذ حقبة التسعينيات. حيث قفز بنسبة 34.1% في الربع الثالث من العام المالي الماضي. الذي انتهي في 31 مارس 2016. ليصل إلي نحو 53.4 مليار دولار مقابل نحو 9.39 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق. مؤكدين أن هذا النمط من التفكير يدخل البلاد في دوامة من الاقتراض المستمر حتي لا تفلس. وهذا نموذج أشبه بما يحدث في اليونان. فقد لا نشعر حالياً بخطورة هذه الديون. لكن عندما يحل وقت سدادها والفوائد المترتبة عليها ستكون هناك أزمة. خاصة أن القطاعات الاقتصادية المصرية لا يمكنها توليد كل الدولارات اللازمة لسداد هذه الديون. ومن هنا علينا أن نسأل هذه الحكومة: أين أنت من جذب الاستثمارات الأجنبية التي طال الحديث عنها خلال القمة الاقتصادية بشرم الشيخ في مارس 2014؟!.. وهل نجحتم في كبح أزمة النقد الأجنبي بعدما حصلتم علي 25 مليار دولار من دول الخليج خلال السنوات الأربع الماضية؟!.. وهل لو حصلتم علي قرض البنك الدولي سنكون قادرين علي خفض أسعار السلع. وزيادة الاحتياطيات من الواردات والسلع الأساسية لأطول فترة ممكنة؟!.. أم سيبقي الحال علي ما هو عليه؟!!