نهر النيل من أشهر أنهار العالم. هو حياة مصر ومصدر خيراتها والشريان الذي يغذي أرضها. لم يحظ نهر في العالم كما حظي نهر النيل الذي وصل في قدسيته إلي أنه كان معبوداً للمصريين الأوائل واستمرت قدسيته حتي يومنا هذا. هو نهر سخي معطاء ولولاه ما كانت الحياة علي أرض مصر وصدق "هيرودوت" عندما قال ان مصر هبة النيل - تغني به الشعراء والكتاب وسجل عنه المؤرخون والجغرافيون والرحالة - حكام مصر في مراحل تاريخها. اجتمعوا علي أولوية الاهتمام بنهر النيل والدفاع عنه واكتشاف منابعه وروافده. الحديث عن النيل خلال هذه الفترة لابد ان يتطرق إلي ما سمي سد أثيوبيا والذي أظن إلي درجة اليقين أنه محل اهتمام النظام الحالي بقيادة الرئيس السيسي ولا يخالجني أدني شك أننا بقيادته سنحافظ علي حصة مياهنا بهذا النهر العظيم ولا يجرؤ كائن من كان أن يختلس قطرة ماء من إيراده. أعود بمخيلتي وقد كانت نشأتي علي النيل وإقامتي وعملي بجواره الذين أوجدا حباً وعشقاً له وما زلت استعيد صوت عبدالوهاب وموسيقاه في النهر الخالد عن النيل العظيم وقد بسطت أشعة القمر علي سطحه الفضي المتلألئ في منظر بديع قل ان تجد مثيلاً له في العالم. أذكر ذلك وأنا أري بكل أسي وأسف تعاملنا مع هذا النهر العظيم حيث تدني من الاجلال والاحترام كنا نقسم في مجال تصديق ما نقول بالملك الطاهر أو البحر الطاهر ونقصد به النيل وكم شاهدت أبناء ريفنا وهم يتحدثون مع النيل يبثون شكواهم وكأنه حاكمهم أو قاضيهم. تعالوا نري الصورة الأخري المتدنية سلوكاً وتعاملاً حيث أصبح النهر مكاناً لالقاء الجيف والمخلفات والتخلص من عوادم المصانع وامتلأت الترع والمجاري المائية التي كانت رقراقة بالأكياس البلاستيك وزجاجات الأدوية الفارغة وغيرها من الملوثات. الغريب ان هذا هو مصدر الري لمحاصيلنا ومزروعاتنا - ناهيك عن الإهدار الجسيم للمياه دون مبرر بل ان أحد الأبحاث في هذا المجال انتهي من دراسته لاستخدامات المصريين للمياه اننا نستهلك 3 لترات في أمر يحتاج إلي لتر واحد. الحديث عن اساءاتنا للنهر أصبحت بغير حدود ونحن نعاني شح الماء وحصار التلوث الأمر لا يحتمل الانتظار أو المعالجات البطيئة - تعالوا نثور علي أنفسنا ونستعيد احترامنا لنيلنا وهو في ذات الوقت احتراماً لمصريتنا وواقعنا ومستقبل أجيالنا.