اليوم الخامس من يونيو يوافق ذكري النكسة التي حلت بنا في عام 1967 عندما قامت إسرائيل بتوجيه ضربات جوية مكثفة للمطارات المصرية واستطاعت إخراج مصر من المعركة قبل أن تبدأ وانسحب الجيش المصري من سيناء لتحتلها إسرائيل كما احتلت هضبة الجولان السورية والضفة الغربية في الأردن إلي جانب قطاع غزة. ونحن نكتب عن هذه الذكري المؤلمة حتي لا ننسي الماضي وحتي يظل ماثلاً أمام أعيننا نتعلم منه ونحاول ألا نكرر أخطاءنا وألا نثق أيضاً في عدونا. فلم تكن نكسة 1967 هي هزيمة في مواجهة عسكرية بقدر ما كانت سلسلة من الأخطاء والأكاذيب أدت إلي النكسة التي تمثل وتعكس أبعاداً أكبر من الهزيمة. ففي الوقت الذي كانت فيه صحفنا وإعلامنا يتحدث عن توغل قواتنا داخل إسرائيل وعن إسقاط طائرات إسرائيل كالعصافير كنا نقوم بانسحاب عشوائي من سيناء وكانت طائراتنا محطمة قبل أن تقلع..! ولم تكن الهزيمة نتاج نقص في الإعداد أو الاستعدادات أو ضعف المواجهة والتصدي للعدو. ولكنها كانت للعجز السياسي عن إدارة المعركة ولعدم استيعاب الزعيم التاريخي جمال عبدالناصر لما يدور حوله من مؤامرات تستهدف تحجيم مصر وتقليص دورها في مرحلة القومية والعروبة. وأوقعوا عبدالناصر في الفخ وسارع إلي إعلان الحشد العسكري والقيام بمظاهرة عسكرية لاستعراض القوة في سيناء دون أن يكون لديه معلومات حقيقية كافية عن استعدادات العدو وعن الدور الأمريكي في تدميره والقضاء عليه. وتردد عبدالناصر في اتخاذ قرار الهجوم. وانتظر أن تبدأ إسرائيل حتي يظل محافظاً علي التأييد العالمي له.. فبدأت إسرائيل ولم تكترث بالموقف العالمي وضربت ضربتها وحققت أهدافها واحتلت الأراضي ولم يتحرك العالم الذي انتظره عبدالناصر..!! *** ولكنها كانت الدرس الذي كنا في حاجة له.. كان علي عبدالناصر الذي أعلن مسئوليته الكاملة عن الهزيمة أن يعيد صياغة فكره ونظرته وفهمه للأحداث.. وكان عليه أن يدرك أن الخطاب الحماسي الثوري لا يحقق نجاحاً دون أن تسانده منظومة متكاملة من الأداء والاستعداد والتنظيم. وعندما استوعب عبدالناصر الدرس فإنه بذل في ثلاث سنوات من 1967 إلي 1970 جهداً هائلاً في إعادة بناء الجيش المصري علي أسس علمية وتدريبية مختلفة كانت وراء نجاح هذا الجيش في خوض أشرف وأقوي المعارك في أكتوبر 1973 وتحقيق أهم إنجاز للعسكرية المصرية تفخر به مصر وأعاد لها مكانتها واحترامها. وكان أنور السادات داهية مصر السياسي وأسطورة الفكر والقرار القائم علي الصدمات والخروج عن المألوف هو من درس وفهم وتعلم من دروس هزيمة 1967 ونجح في أن تكون الدبلوماسية المصرية ظهيراً للجيش في معركة تستلزم العقل قبل القوة. وعندما نجح السادات ومعه جيش مصر العظيم في عبور قناة السويس ودخول أرض سيناء وتحقيق خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي فإنه لم ينقد للمواجهة المباشرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أرسلت بأحدث الأسلحة لنجدة إسرائيل وأطلق عبارته المشهورة في مجلس الشعب في 24 أكتوبر 1973 عندما قال "أحارب إسرائيل نعم.. ولكن أحارب أمريكا.. لا..". ونجح السادات في غايته ومسعاه.. واستطاع تحييد الأمريكان ليبدأ بعد ذلك هجوم السلام الذي تلاه زيارته لإسرائيل ثم محادثات كامب ديفيد واتفاقية السلام وعودة الأرض المصرية. *** ولكن انتصار أكتوبر العظيم واستعادة الأرض والكرامة والشرف لا تنسينا أبداً نكسة 1967 ولا أسباب النكسة ولا رجالاتها ولا هذه الحقبة في تاريخ مصر بكل سلبياتها القاتلة والمدمرة.. وهذا هو الهدف من دراسة التاريخ والاستفادة منه. *** ونترك الذكري المؤلمة.. ونتعامل مع الواقع الجديد الذي نواجهه منذ الثورة الثانية في تاريخ مصر. ثورة يناير 2011 فالدكتور محمد البرادعي "عراب" هذه الثورة والمتحدث الدائم عن الشرف والمثاليات في مأزق أخلاقي وأدبي من نوع مختلف. فالمحامي سمير صبري قدم بلاغاً لنيابة الأموال العامة يطالب فيه البرادعي بإعادة خمسة ملايين جنيه استولي عليها بدون وجه حق علي مدي 8 سنوات من 17 يونيو 2008 إلي مايو 2016 من جامعة القاهرة كدكتور غير متفرغ في كلية الحقوق دون العمل بها..! والبرادعي تقاضي أموالاً عن أعمال لم يقم بها علي مدي خمس سنوات كأستاذ قانون دولي غير متفرغ.. ويستحق في ذلك المساءلة وأن يرد هذه الأموال للدولة.. ولكن ماذا أيضاً عن الذين تقاعسوا طيلة هذه الأعوام واستمروا في دفع المكافآت إليه دون الإبلاغ عن عدم حضوره أو قيامه بالتدريس..!! إنهم يستحقون المساءلة الأكبر والعقاب لا ينبغي أن يستثني أحداً..! *** والقناة الثالثة الفرنسية ضربتنا في مقتل بروايتها عن تعرض الطائرة المصرية التي سقطت مؤخراً لسلسلة من الأعطال الفنية دفعتها للهبوط اضطرارياً ثلاث مرات في آخر 24 ساعة قبل الكارثة..! وصفوت مسلم رئيس مصر للطيران نفي صحة ذلك بالقول "هذا غير صحيح"..! والنفي وحده لا يكفي وإذا كان ذلك غير صحيح فإن مصر للطيران عليها أن تتحرك في اتجاه مقاضاة القناة الفرنسية وإثبات عكس ذلك وإبراء سمعتها..! هذا الحديث خطير.. ولابد من المواجهة القضائية العاجلة ففي مثل هذه الكوارث لا تهاون ولا قبول لأعذار ولا اجتهادات أيضاً..! *** وأخيراً نذهب إلي الريف ومدارس الأرياف وأولياء أمور 15 مدرسة ابتدائية تابعة لإدارة الجمالية التعليمية بمحافظة الدقهلية أرسلوا لي يستغيثون من حال هذه المدارس التي تخلو من المعلمين..! ويقولون في ذلك إن المدرسين تكدسوا في 5 مدارس فقط في مدينة الجمالية أما باقي مدارس الأرياف فتخلوا منهم..! وكل ما يطالبون به في استغاثتهم هو أن يكون هناك إعادة توزيع للمعلمين علي المدارس لسد العجز في كافة التخصصات. وما يبحثون عنه من السهل أن يتحقق.. والمهم أن تكون الإدارة التعليمية أكثر حزماً في النقل والتوزيع والإشراف.. فمدارس من غير مدرسين.. ما جدواها..!