وصلتني عن طريق الناقد الشاب أندرو محسن أعداد من مجلة "فرجة" وهي مطبوعة سينمائية صدرت بداية هذا العام. أول ما تبادر إلي ذهني هل ستستمر أم ستلحق بمثيلاتها من المطبوعات السينمائية المتخصصة. التبويب جيد. مقالات متنوعة تشبع أمزجة مختلفة سواء لكتاب شباب مثل منة الله عبيد وأندرو محسن. أو لأساتذة لديهم الخبرة مثل الأستاذ الكبير رؤوف توفيق أو طارق الشناوي. قدر من التوازن تحققه فرجه بين أقلام الشباب والكبار. بين السينما المحلية والأجنبية. مع افتقاد تام للسينما الأخري التسجيلية والقصيرة. شكل المجلة مناسب. مع تحفظي علي الأغلفة في عمومها. أعتقد أنها المرة الأولي التي يكتب فيها اسم رئيس التحرير والأيقونة الدالة عليه علي غلاف مجلة. أليست- الترويسة- كافية بالداخل بالنسبة لكثيرين وكاتبة هذه السطور منهم لا أفهم هذه النرجسية المبالغ فيها. هل هذا معناه أنه صاحبها ومديرها والعقل المفكر الوحيد بها. صورة الغلاف ضعيفة وعناوينه أقرب لمجلة أسبوعية خفيفة. أحدها صدمني "مصر تبحث عن مزة شاشتها".. كيف هذا؟ هل الهدف جذب القاريء العادي. عفوا لاستخدام لفظ "العادي".. أقصد القاريء غير المتخصص. فهل انجذب القاريء بعد الأعداد الخمسة التي صدرت حتي الآن. علي الساحة أيضا مجلة "الفيلم" شديدة التخصص بأغلفة لخاصة الخاصة. مجلة تصدر عن الجيزويت هل هي صامدة. ما أرقام توزيعها. هل هناك طريقة لمعرفة الأرقام الفعلية لتوزيع مجلة سينمائية بعشرة جنيهات كما فرجة.. أو بخمسة عشر كما مجلة الفيلم. وما أرقام توزيع مجلة "أبيض وأسود" الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة؟ مدعومة لتباع بجنيهين فقط لاغير. علي الساحة إذن حاليا ثلاث مطبوعات بعد أن اختفت "جود نيوز" و"الفن السابع" و"عالم السينما".. والاخيرة مطبوعة فصلية لجمعية نقاد السينما المصريين وصدر منها خمسة أعداد ثم توقفت.. وعلي نهجها سارت "أبيض وأسود" تبويبا وشكلا مقتصدا بصفحات داخلية رصينة والغلاف فقط ملون. وأعود إلي "فرجة" وفي تقديري أنه ما لم تجذب المجلة شركات الإنتاج والتوزيع السينمائي للإعلان فيها. مالم تحصل علي تكلفة إصدارها من الطباعة وأجور المحررين. ما لم يتم تداولها كسلعة مرغوبة. فستلحق بسابقتها- الفن السابع- التي لم يكن لها مثيل.. وجود نيوز وعالم السينما علي اختلاف التوجهات. واختلاف حجم الدعم الإعلاني. والعلاقة مع القاريء متخصصا كان أم نهما للمعرفة. لا شك أن وجود مطبوعة سينمائية مكسبا للسينما ولمحبيها. مكسبا لصناعها ونقادها. مكسب كبير النجاح في جذب الكاتب الكبير رؤوف توفيق للعودة إلي الكتابة. مكسبا أن تكون هناك مساحة لأقلام شابة لتجتهد في تقديم دراسات تحتاجها الثقافة السينمائية. جهد جميل للمحررة منة الله عبيد وأحيي دراستها "سينما الستات". جهد جميل للناقد أندرو محسن عن "عادل إمام النجم الكبير في أدواره الصغيرة" وبالطبع مشاغبات ابراهيم عيسي ومقاله الافتتاحي عن مومياء شادي عبد السلام "المومياء المثلجة بالصعيد" الذي يطرح فيه فيما يشبه الاعتراف تكتمه الإفصاح عن عدم انبهاره بالفيلم وقت عرضه وشجاعته الآن بعد مرور سنوات. وجدل طارق الشناوي معه مختلفا ومحللا قيمة الفيلم الكبير.. ومن الأمور المحمودة أيضا اجتذاب أقلام غير معروف مساهماتها في الكتابة عن السينما مثل د. نبيل فاروق. حوارات جيدة مع محمد خان. وحيد حامد. علي أبو شادي. فضفضة مفتوحة بها جوانب جديدة وإنسانية منفتحة علي أزمنة وأشخاص بعضهم غاب عنا كحديث محمد خان عن أحمد زكي. كل التمنيات للمجلة بالاستمرار عن طريق جذب المعلن. وجذب كتاب متخصصين. وجذب قراء متعطشين لمعرفة جوانب من فن السينما والدراما التلفزيونية. عشاق الفرجة بكل أنواعها فبدونهم لا يمكن لأي عمل أن يستمر. بدون القراء وبدون دعم السينمائيين أشك في إمكانية استمرار "فرجة" رغم احتياج الساحة لمطبوعة تحقق التوازن بين المتعة والمعرفة.