تحاول مصر المحافظة علي مكانتها السينمائية في الوطن العربي كأقدم بلد دخل الصناعة، ورغم الأهمية الشديدة للصحافة السينمائية المتخصصة، ورغم أن جزءًا كبيرًا من صناعة السينما يعتمد علي الترويج لها عبر الصحافة، ومع علم الكثيرين أن جزءًا من وصولك للعالم والجمهور هو عبر الصحافة، فإنه حتي الآن في بلد يحتفل بمرور مائة عام علي السينما، لا توجد مجلة سينمائية متخصصة تعبر عن السوق السينمائية والصناعة ومشاكلها وتقنيتها في مصر، وتشبع أيضًا هواة السينما الذين ينتظرون وجود مطبوعة واحدة تتحدث عن عشقهم بشكل يماثل التجارب العالمية. محاولات عديدة علي مر العصور ظهرت واختفت ولم يحاول أحد إنقاذها أو لم يلتفت إليها أحد، لأنها في الغالب محاولات فردية لا تنال أي دعم من الدولة أو وزارة الثقافة تحديدًا أو من المنتجين وصناع السينما أو غرفة صناعة السينما.. ببساطة شديدة لا أحد يهتم بوجود مجلة دائمة ثابتة، والدليل كم المحاولات التي ظهرت في السنوات العشرين الأخيرة ثم اختفت تماما، فهناك مجلة «الفن السابع» والتي كانت متخصصة جدًا في الثقافة السينمائية وتقنيتها والتي توقفت نتيجة عدم وجود الدعم المادي لاستمرارها، وتلتها مجلة «سينما أون لاين» التي استمرت فترة أطول، ولكن في النهاية يتغلب الجانب المادي دائمًا، ونفس فريق مجلة سينما أون لاين قام بمحاولة واحدة في مجلة «ستديو»، ولكنها واجهت مشكلة تراخيص بجانب المال، فكان منها عدد واحد يتيم أصاب قراء السينما بحزن شديد علي حلم لمع في عدد كاد ينافس قوة المجلات العالمية، لكنه ذهب سريعا كما ظهر، ومؤخرا ظهرت مجلة «إيجي فيلم» في محاولة لم تتعد الستة أعداد انتهت سريعا أيضا، ثم المحاولة الأكثر تأثيرا وطولا في الوسط، وهي «جودنيوز سينما» والتي أيضا ظهرت من نفس فريق مجلتي «ستديو، وسينما اون لاين»، واستطاعت الاستمرار لأكثر من خمس سنوات متواصلة وحققت نجاحا كبيرًا أعطي الأمل للكثيرين في أنه أخيرًا توجد مجلة حقيقية عن صناعة السينما في مصر والعالم، واستطاعت أن تصل إلي أغلب الدول العربية لتؤدي دورها في كونها تعبر عن السينما في مصر، ولكن للأسف خيب أمل الكثيرين مع توقفها لأسباب مادية أيضًا. الملاحظ هنا أن توقف المجلات السريع هو أن أغلبها بأموال رجال أعمال يرغبون في الربح وليس في دعم الثقافة السينما في مصر، ونظرا لأن فكرة الإعلانات من شركات صناعة السينما في مصر منعدمة لأنهم يكتفون بالإعلان في الصحف اليومية بجانب التليفزيون، فيجد صاحب المطبوعة نفسه لا يحصل علي شيء مقابل ما يقدمه، فتبدأ المجلة تخسر ولا تضيف له ربحا ماديا، عكس مجلات الخارج التي تعتمد بشكل أساسي علي الإعلانات للاستمرار، وهو ما يتأكد منه كل متابع لهذه المجلات. وإذا كان هذا حال المطبوعات التي يقدمها رجال الأعمال أو محبو السينما فنجد أن المحاولات الحكومية أو التي تتبع الحكومة بشكل ما أيضا تتوقف، وهو ماحدث لمجلة «جمعية الفيلم» المدعومة من وزارة الثقافة. أما المحاولة التي مازالت مستمرة فهي مجلة «أبيض وأسود» الفصلية التي تطبع وتنشر من قصر ثقافة السينما، لكنها فقيرة إلي أقصي درجة في شكلها ومضمونها، فلم تستطع رغم مرور عامين عليها أن تلفت الأنظار أو تسهم في صناعة السينما أو أن يكون لها دور مؤثر في الوسط الإعلامي. السؤال المهم هنا: ماذا تنتظر وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما؟ ومتي يلتفت الجميع إلي أهمية وجود مطبوعة متخصصة في السينما في مصر؟ ولماذا لا يتم دعم المطبوعات التي تظهر لضمان استمرارها؟ هل ينتظر الجميع ظهور مجلات متخصصة من دول الخليج مثل مهرجاناتها التي غلبت مهرجاننا الأقدم دوليا، ووقتها نندب حظنا ونؤكد أننا نحن الأقدم، ولكن دون أن نفعل أي شيء يعطينا أهمية أو يثبت استحقاقنا لأي ميزة أكثر من غيرنا، لأننا بصراحة نضيع أي فرصة تعطينا ميزة عن الآخرين بمنتهي السهولة والبساطة.