پانتهت عروض مهرجان الاسماعيلية السينمائي الدولي في دورته رقم "18".. وكانت واحدة من أنجح دورات المهرجان بسبب الاختيار الدقيق للأفلام المشاركة. والتي كانت تمثل العديد من دول العالم من اسيا وافريقيا واوربا وامريكا اللاتينية والعالم العربي ومصر ايضا.. حاول رئيس المهرجان د. أحمد عواض ومديره الناقد السينمائي محمد عاطف اختيار مجموعة متوازنة من الافلام تعبر عن اتجاهات السينما التسجيلية والروائية القصيرة في العالم في مسابقات المهرجان الاربع. في مسابقة الافلام التسجيلية الطويلة جاء الفيلم المصري ¢هدية من الماضي¢ - 78 دقيقة - للمخرجة الشابة كوثر يونس بمثابة ¢ هدية ¢ من المهرجان لجمهوره. قدمت خلاله المخرجة تجربة فريدة عندما قررت أن ترجع بذاكرة والدها د. مختار يونس 33 عاما الي الوراء. وقت أن كان طالبا يدرس الدكتوراه في روما. عندما وقع في حب الجميلة ¢ باتريسيا ¢ وسافر الي القاهرة علي أمل العودة مرة أخري لروما للزواج من حبيبته ولكن الاقدار منعت اللقاء المنتظر. وفي الفيلم تصطحب كوثر والدها في رحلة عجيبة في الزمان والمكان والعاطفة. وكأنها محاولة لشفاء النفس من أوجاع الماضي. وفي نفس المسابقة يأتي الفيلم الايطالي - البلجيكي ¢بين شقيقتين¢ - 80 دقيقة - اخراج مانو جيروسا ليقدم تجربة انسانية رقيقة لسيدة "اورنيلا" تقف الي جانب شقيقتها الكبري "تريزا" مريضة الزهايمر. ويتولي ابن اورنيلا وهو المخرج تصوير ما يدور بين الشقيقتين. كان من الممكن أن تضع الاخت شقيقتها في مصحة أو بيت للمسنين. لكنها اختارت الطريق الصعب بأن تضحي بحياتها الخاصة ورعايتها لأسرتها من أجل شقيقتها مريضة الزهايمر. كذلك فعل الدكتور ماك ويج من الكونغو الذي ضحي بحياة الرفاهية في أوروبا من أجل علاج نساء وطنه اللاتي عانين من جرائم الاغتصاب المتكرر. سواء أيام الحرب بين قبيلتي الهوتو والتوتسي أو بعد ذلك. وقد حصل هذا الطبيب علي العديد من الجوائزالعالمية تقديرا لانسانيته والتي أظهرها المخرج تيري ميشيل في فيلمه. كما أعجب الجمهور بالفيلم المصري الروائي القصير ¢حار جاف صيفا¢ اخراج شريف البنداري والذي عرضه المهرجان في الافتتاح. ومن مصر أيضا شاهد جمهور مهرجان الاسماعيلية الفيلم التسجيلي ¢توك توك ¢للمخرج روماني سعد الذي يقدم رؤية سياسية وانسانية واعية لثلاثة من أطفال شبرا يعملون كسائقين للتوك توك. ونعرف معاناتهم اليومية خاصة بعد ثورة يناير. وكيف يعملون من أجل توفير مصاريف أسرتهم. وعلي عكس هذه الرؤية جاء الفيلم التسجيلي القصير ¢ عين الحياة ¢ للمخرجة الطالبة وفاء حسين. الذي يربط علي غير علم بين انشاء متحف الحضارة بالهرم وزيادة منسوب المياه داخل بيوت منطقة ¢ عين الحياة ¢ العشوائية القريبة من عين الصيرة بمصر القديمة. وقدمت في الفيلم نماذج سيئة لسكان المنطقة يعترفون بأنهم سوف يستمرون في سرقة الماء والكهرباء من الحكومة!! وسوريا كانت حاضرة بقوة في مهرجان الاسماعيلية هذا العام. خاصة في مسابقة الافلام التسجيلية القصيرة بثلاثة أفلام. منها فيلم ¢ 9 أيام من نافذتي في حلب ¢ اخراج عيسي توما واخرون. والذي نقل بالكاميرا استعدادات الميلشيات المسلحة قبل أن تبدأ الحرب في سوريا بوضع المتاريس واكياس الرمل بما يؤكد بأن الاحداث كانت مخططة. وفي نفس المسابقة تميز فيلم ¢ هواء ¢ من استونيا التي تدعم مخرجته كامي جارسيا ضرورة العلاقة السوية بين الفتاة والشاب. وترفض بوضوح العلاقات المثلية التي يروج لها للأسف دعاة الحرية وحقوق الانسان. أما مسابقة أفلام التحريك فقد شهدت عرض مجموعة رائعة من الافلام. منها الفيلم المصري ¢صولو¢ للمخرجة نيرة الصروي وهو فيلم ¢ ستايل ¢ شديد البساطة والرقي عن عازف كمان عجوز يحلم بأن يظل قادرا علي العزف ويحظي بتصفيق الجمهور. كذلك عرض المهرجان في نفس المسابقة الفيلم اللبناني ¢ موج ¢ للمخرج ايلي داغر الذي حصل علي سعفة كان للافلام القصيرة العام الماضي. وهناك فيلمان من أفلام التحريك أثارا الجدل والنقاشات بعد عرضهما وهما: ¢السماء تسمعنا كلنا ¢ من سريلانكا اخراج كاوشاليا باتيرانا وينتقد استخدام الميكروفونات لبث الصلوات من المساجد والمعابد البوذية والكنائس وكأن السماء لا تسمع. ولكن المخرج يقدم رؤيته بأن هذا الالحاح الصوتي سوف يكون له تأثيره الضار علي الدين وليس العكس. أما الفيلم الثاني فهو ¢السيد¢ من أستونيا للمخرج ريهو أونت ويقدم قصة قرد يحطم قفصه ومنزل صاحبه عالم الاحياء.. ويضطر الكلب ان يكون تابعا لسيده الجديد.