لا أدري سر الهجوم الإعلامي والنخبوي المسعور علي مصر.. ولا أجد في الخطاب الفضائي أو الصحفي مراعاة لظروف البلد الاستثنائية في لحظة فارقة من تاريخها وعدم إدراك طبيعة المرحلة والتحديات التي تواجه البلاد من كل صوب واتجاه وفي الداخل والخارج. عدم إدراك اللحظة الراهنة لدي بعض الإعلاميين والنخب والمثقفين يشعرنا أنه عن قصد وسوء نوايا فهناك إعلاميون لا يعجبهم شيء ولا يرون في البلاد أي إنجاز وكلما دخلت البلاد معركة احتشدوا ضدها وكأنهم مثل الخنجر في ظهر الوطن. فعلي سبيل المثال قضية الشاب الإيطالي "ريجيني" الإعلام يتصيد كل شيء.. ومقالات تقر وتعترف ان الشرطة قتلت الشاب الإيطالي.. دون إدراك لحجم الخطر الذي يحدث بالبلاد وعن قصد وعمد هناك محاولات لالباس مصر التهمة التي يروج لها الغرب والإعلام المشبوه والإخوان وتجاهل المصالح العليا للبلاد وأمنها القومي وعدم التريث. "ريجيني" مثال واحد من كثير من النماذج التي يطعن فيها الإعلام ظهر الوطن وكأنه يعمل لحساب الغير في الخارج ويصب في محاولة ايقاع مصر في هذا الفخ بدلا من أن يساند ويدافع عن الدولة المصرية ومحاولة توريطها واحكام الحصار عليها. بعض الإعلاميين أيضا لا يرون أي شيء ايجابي في هذا البلد.. وكأنهم يفهمون في كل شيء وخبراء في الذرة والتنمية والاقتصاد وحقوق الإنسان والدين والشريعة والأمن ويصدعوننا يوميا بنظريات سطحية وانتقادات تافهة.. أقل ما يقال عنها انها حكاوي ساذجة في مقاه شعبية ودرجة ثانية.. حتي المواطن البسيط الأمي لا يحترمها. هناك إعلاميون ونخب لا يقدرون ولا يستوعبون اللحظة الفارقة التي تمر بها مصر والتحديات الجسام التي تواجهها.. فليس خفيا ان مصر وباعتراف الجميع وبالدليل والبرهان تواجه مؤامرة معقدة ليست أمنية أو عسكرية فقط مثل الإرهاب ولكن أيضا اقتصادية بدأت بحادث الطائرة الروسية وترويج أكاذيب وتشويه حتي يفقد السائح الأجنبي الثقة في المنظومة الأمنية المصرية وبالتالي ضاعت السياحة في شرم الشيخ وفي أماكن كثيرة.. حتي شركات الطيران العالمية هي جزء من هذه المؤامرة. وبغض النظر عن الحقيقة..التي هي محل تحر وبحث في قضية الشاب الإيطالي "ريجيني" لكنها أيضا حلقة في المؤامرة علي مصر وتشويه سمعتها بأكاذيب وملفات "مضروبة" عن التعذيب وحقوق الإنسان وتظلمات المجتمع المدني المشبوهة التي تلعب ضد أمن مصر لحساب الخارج. ضربات الخارج يمكن أن نتفهمها.. لكن طعنات الداخل هي التي لا يمكن استيعابها علي الإطلاق.. فمثلا لا تخلو الصفحة الأولي من بعض الصحف الخاصة وهي معروفة سواء علي علاقاتها أو تبعيتها من أخبار مغرضة وتحريضية عن الشاب الإيطالي "ريجيني" وتشويه في الأمن المصري حتي لو استدعي الأمر نقل هذه الصحف من صحف أجنبية مشبوهة تديرها أجهزة مخابرات أمريكية وإنجليزية.. ولا أدري ما هو الدافع لذلك. مسلسل الهجوم علي كل شيء وتشويه أي إنجاز لا يتوقف من العاصمة الإدارية وحتي قناة السويس مرورا بالمشروعات القومية الأخري أو الهجوم علي السياسيات والترويج كذبا وزورا وبهتانا ان البلاد تدار بسياسات مبارك وهنا اسأل.. هل كان يجرؤ أي صحفي وإعلامي علي الهجوم علي مبارك أو نظامه ورموزه؟.. بالطبع لا وكان مصيره السحل أو السجن أو ان يلقي عاريا في صحراء دهشور كما ولدته أمه. الذين يروجون ان البلاد تدار بسياسات مبارك مغرضون ومحرضون ويحاولون التغرير بالبسطاء والرأي العام.. لأن نظام مبارك مات وانتهي ولم يكن يعطي هذه المساحة من الحرية والرأي حتي وصلت إلي درجة الفوضي وان يتحدث كل من هب ودب حتي العملاء والطابور الخامس وخدام رجال الأعمال وأصحاب المصالح يتحدثون في كل شيء ويهاجمون وينهشون في جسد البلد دون أن يحاسبوا.. فهل هذا نظام مبارك؟. نسي هؤلاء ان الرئيس السيسي استلم مصر "خرابة" بكل ما تحمله الكلمة.. وهنا لا ألوم نظام مبارك وحده وله الجزء الأكبر الأعظم من المسئولية عن تراجع مصر بعد أن انتشر الفساد والظلم وغابت العدالة في توزيع الثروة وآلت للحاشية ورجال الأعمال واختلط المال بالسلطة. وتم تجريف كل شيء.. لكن أيضاً ورغم ايجابيات ثورة 25 يناير وهي قليلة للغاية ومرتبطة بالجانب السياسي والديمقراطية إلا أنها كادت أن تقذف بمصر إلي غياهب المجهول فقد عمت الفوضي والانفلات الأمني والأخلاقي وفقدت مصر الكثير من اقتصادها وتوقفت المصانع وانتشرت البلطجة والصوت العالي وأغلقت المصانع أبوابها.. وضاع رصيدنا الاحتياطي النقدي الأجنبي.. وفقدت مصر الهيبة والمكانة وبدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة.. وحل الخراب وظهرت التنظيمات الارهابية والطابور الخامس والعملاء وهو ما نعاني منه حتي الآن. إياكم أن تعتقدوا أن كل ما في ثورة 25 يناير كان ملائكياً أو من المدينة الفاضلة ولم يكن ربيعاً وأهم ما جنيناه منها علي الصعيد العربي فقدان دول شقيقة ضاعت واندثرت وسقطت في المستنقع وهناك من يحسدوننا علي مصر لكننا لا ندري قيمتها. الدنيا لم تكن وردية عندما تسلم الرئيس السيسي الحكم بل الجميع وعلي رأسهم الإعلام كان يعرفون الحقائق كاملة ولم يخف الرئيس عن أحد وطلب من الجميع المساعدة والدعم.. لكن ما يحدث التفاف علي العهد وصل إلي مرحلة طعن الوطن حتي في القضايا الخطيرة التي يحاولون من خلالها الأعداء إيقاعنا في الفخ. لا يمكن ولا نقبل أن تكون معاول هدم للوطن.. أو أداة في يد الأعداء والمتآمرين علينا.. أحياناً كثيرة نري كصحفيين أو إعلاميين بعض القضايا ونرفض طرحها الآن حفاظا علي مصلحة مصر.. لكن ليس من الرجولة أو الوطنية تسوية كل شيء ومشاركة المشبوهين في تشويه كل شيء والتحريض علينا في الداخل والخارج.. هنا من يحسدوننا علي مصر.. اسألوا الليبيين والسوريين والعراقيين واليمنيين عن مصر وجيشها وشرطتها.. وكيف مصر احتضنتهم.. وكيف وهم يتسولون وطنا في أوروبا وغيرها يبحثون عن مجرد خيمة تأويهم بعد أن ضاعت الأوطان وتفككت الجيوش لكن مصر باقية شامخة بفضل الله أولا وجيش عظيم ورجال مخلصين أنقياء أطهار. أعمي لا يبصر ولا يري من لا يري معاناة مصر وخطورة التحديات التي تواجهها من إرهاب في سيناء ومن تفجيرات في الداخل وأبطال يسهرون الليل والنهار لحماية ما يقرب من 1200 كيلو متر هي حدودنا مع ليبيا التي تسكنها أشباح وشياطين الإرهاب ويتربصون بوطننا.. أعمي من لا يري صعوبة الظروف الاقتصادية ورغم ذلك هناك إنجازات ومشروعات عملاقة ستراها الأعين قريبا.. مغرض وحاقد وجاحد من لا يرحم. الإعلام في حالات الحرب والمواجهة بطبيعة الحال يختلف عندما تكون الأوطان في وضع طبيعي ومستقر.. فربما نغفر شدة الانتقادات وافتقادها للمنطق والعقل إذا كانت الأمور في البلاد تسير بشكل طبيعي ولا تشهد هذا الكم من التحديات والتهديدات والمخططات والمؤامرات.. لكن الأفضل ومن الوطنية أن يكون الإعلام مساندا للدولة والجيش والشرطة في مواجهة الأخطار التي تحدق بالبلاد. ليس عندي مبرر لغياب الحس الوطني لبعض الإعلاميين ربما يكون المال من باب "تحلية البضاعة" وجذب المشاهدين ورفع نسب المشاهدة لكن في ذلك أنانية وحب الذات علي حساب المصالح العليا للوطن.. وأيضا ما يحدث مجرد ضجيج ورغبات مريضة في الزعامة يفتقد هذا النوع من الإعلام للرؤية والمهنية.. فعندما تتحدث عن فشل وغياب رؤية لابد أن تطرح الحلول والرأي الصحيح لكن هذه اللغة المتعالية التي تدعي الفهم والعلم في كل جوانب الكون تفتقد لأدني درجات الصدق ويمقتها المشاهد.. بل ويصنف أصحاب هذه المدرسة بالعداء للوطن ومناهضة مصالحه. فضائيات رجال الأعمال أنواع.. هناك من يحاول أن يتسلح بقوة الأعمال لاستمرار النفوذ وتخويف صانع القرار.. وهناك من يسعي لحماية مصالح مشبوهة ويجدها فرصة لممارسة نشاط خارج عن القانون مثل غسيل الأموال ويجد ضالته في أصحاب النفوس الضعيفة من الإعلاميين الذين يتسمون بالصراخ والعويل وإدعاء الزعامة والفهم رغم انه لا يبحث فقط إلا عن المال والدولارات وليس في حسبانه طبيعة المرحلة واللحظة الراهنة التي تمر بها البلاد. قلت.. وأكرر من لا يري جهود الرئيس السيسي ونجاحاته وانجازاته خلال الفترة الماضية فهو جاحد وأعمي.. والحق يقال فإن الرجل لديه إخلاق وطني ورؤية واسعة لمستقبل مصر اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وعسكرياً وخارجياً ويبذل جهوداً مضنية لوضعها علي الطريق الصحيح ونجح في تحقيق نجاحات خارجية تحظي بالاحترام والتقدير سواء علي المستوي الإقليمي أو الدولي واستعادة مكانة مصر المرموقة علي هذا الصعيد يجب أن تكون محل فخر لكل مصري.. بالإضافة إلي ما تحقق في الشأن الداخلي من انجازات ومشروعات عملاقة واستعادة الأمن والنجاح في محاصرة الارهاب وضرب بؤره بقوة وحسم وإعادة مصر لأهلها بالاضافة إلي الانحياز الصادق للبسطاء ومحدودي الدخل. مصر تحارب علي كل الجبهات.. سواء الإرهاب بتنظيماته وأدواته وأجهزة المخابرات الخارجية التي تدفعه وتبذل النفيس والغالي للحفاظ علي الوطن.. وأيضاً وفي الوقت عجلة التنمية تدور بأقصي سرعة.. وسوف نراها تخرج لنا مشروعات عملاقة خلال الفترة المقبلة سواء في مشروع تنمية محور قناة السويس وشبكة الطرق القومية والمطارات والموانئ وهضبة الجلالة والتنمية الواسعة في سيناء شمال ووسط وجنوب ومدارس وما يقرب من 500 ألف وحدة سكنية ومحطات تحلية مياه وصرف وتوصيل للغاز لأكثر من 1.2 مليون وحدة سكنية وإنشاء مناطق صناعية جديدة ومناطق تكنولوجية ومشروعات أخري عملاقة.. فمصر لا تنام وتسابق الزمن رغم كل حملات الحقد والكراهية وربما الغباء والجهل والبحث عن مصالح شخصية فقط. أنا علي يقين أن مصر سوف تقهر ظروفها.. وستعبر طوفان المؤامرات والمخططات التي تسعي لتركيعها وإجبارها علي فعل ما تريد.. طعنات الأعداء مبررة.. لكن غدر الأبناء لا يمكن قبوله.