ونواصل حديثنا الذي بدأناه الأسبوع الماضي حول تورط الأطراف الإقليمية والدولية في الثورة السورية حتي تحولت إلي صراع دموي رهيب قتل فيه ما يزيد علي نصف مليون سوري وتم تهجير ثلث الشعب للداخل أو الخارج. ولم تحرك هذه الأطراف الإقليمية والدولية للتورط في الصراع سوي أطماع هذه الدول ومصالحها هي وقد اعترف بذلك رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف صراحة. في الأشهر الأخيرة زادت حدة المعارك وارتفع عدد الضحايا والمهاجرين من سوريا نتيجة التدخل الروسي المباشر في الحرب واستخدام سلاحها الجوي والصاروخي في شن غارات مكثفة كان أغلبها ضد المعارضة السورية وليس ضد داعش التي زعمت موسكو انها جاءت لقتالها. وفي الواقع انه ليس روسيا فقط هي التي استخدمت ورقة داعش للتدخل في سوريا. إيران وحزب الله وأمريكا ودول أوروبا كلها استغلت داعش ل "مسمار جحا" للتدخل في سوريا والعمل لحساب مصالحها فقط. وفي حوار جمعني مع إعلامي سوري يعمل في قناة محلية موالية للحكومة قال انه يفضل التدخل الروسي علي الايراني لأن الايراني يعمل علي نشر التشييع في المناطق التي يقاتل فيها بسوريا وهم علي الأرض بمخابراتهم وميليشياتهم.. بينما الروس لا يعملون علي الأرض بقدر ما يشنون غارات جوية ويقدمون أسلحة ولا يهدفون لنشر مذهب ديني أو أيدلوجية سياسية. .. إلي هذا الحد وصل الأمر بالشعب السوري وأصبح يفاضل بين تدخل هذه الدولة أو تلك وكان الأولي أن يتم رفض كل تدخل خارجي سواء من دول أو أحزاب أو ميليشيات أو جماعات إرهابية.. ومما لاشك فيه ان تدخل هذه الأطراف زاد الوضع السوري سوءاً ودموية ولو لم تتدخل لكان الحال أفضل. وحسناً فعلت مصر عندما رفضت التورط في الصراع السوري انطلاقاً من سياسة عدم التدخل في شئون الدول الأخري. هذا الموقف الذي اتخذته مصر يؤهلها للعب دور مهم جداً في عملية السلام السورية وتهدئة الاحتقان في المنطقة برمتها وعلي مصر أن تطرح مبادرة شاملة لنزع فتيل حرب طائفية شاملة تلوح في الأفق بين السنة والشيعة واستخدام موقعها ومواقفها المتوازنة تجاه كل الأطراف وهذا هو مكمن قوة الموقف المصري. والجميع يعرف علاقة مصر الطيبة مع لبنان بكل أطيافه والعراق وأيضاً سوريا واليمن.. وعلي الدبلوماسية المصرية أن تتقدم للأمام عبر مبادرة شاملة بين ايران والسعودية حتي لا تدخل المنطقة في سباق تسلح وحرب بالوكالة.