افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس المقر التاريخي لمجلس الدولة علي ضفاف النيل بالجيزة وذلك بعد إجراء الترميمات اللازمة له وقد حضر مراسم الافتتاح المستشار الدكتور جمال ندا رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس مجلس الدولة. صرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس شهد مراسم التوقيع علي وثيقة النظام الأساسي للاتحاد العربي للقضاء الإداري والتي تضمنت كلمة للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة أعقبها قيام المستشار محمد رسلان أمين عام الاتحاد العربي للقضاء الإداري بتقديم الوثيقة لممثلي الدول العربية الموقعة عليها ثم قام الرئيس بمصافحتهم. أضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس استقبل أرملة الشهيد عمر حماد المستشار بمجلس الدولة ووالد الشهيد عمرو مصطفي وكيل النائب العام اللذين استشهدا جراء الحادث الإرهابي بمدينة العريش أثناء أدائهما لواجبهما الوطني في مراقبة الانتخابات البرلمانية حيث أكد الرئيس أن الشهيدين ضحايا بحياتهما في سبيل الوطن وأضافا علامة مضيئة إلي مسيرة عطاء مؤسسة القضاء الشامخة ورجالها الأوفياء من أجل الوطن اتصالاً بدورهم الهام في إنفاذ سيادة القانون وتحقيق العدالة. وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس عقد اجتماعاً مع أعضاء المجلس الخاص لمجلس الدولة هنأهم خلاله علي إعادة افتتاح المقر التاريخي للمجلس وأكد خلال الاجتماع علي تقديره لرجال القضاء وما يبذلونه من تضحيات وجهود عظيمة من أجل رفعة الوطن. مشيداً بأداء مختلف المؤسسات القضائية ومن بينها مجلس الدولة الذي أنشئ عام 1946 منوهاً إلي دوره الفاعل في الفصل في المنازعات الإدارية بين الأفراد والمؤسسات الحكومية حيث يضم المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بالإضافة إلي هيئة قضايا الدولة. وعقب الاجتماع صافح الرئيس أعضاء المجلس الخاص لمجلس الدولة الذين قدموا لسيادته درع المجلس. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أزاح الستار عن اللوحة التذكارية الخاصة بافتتاح القصر التاريخي لمجلس الدولة "قصر الأميرة فوقية" بعد إعادة ترميمه وتجديده خلال زيارته لمقر القصر. وقصر الأميرة فوقية هو المقر القديم لمجلس الدولة افتتحه الملك فاروق في 10 فبراير 1947 بحضور رئيس مجلس الدولة حينذاك والمستشار محمد كامل وكان في الأساس قصراً للأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد من زوجته الأولي "شويكار" وأعادت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ترميم القصر علي مدار الأربع سنوات الماضية. ورافق الرئيس خلال زيارته لمقر المجلس كل من رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور ورئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ووزير العدل المستشار أحمد الزند ورئيس مجلس الدولة المستشار جمال ندا ورئيس محكمة النقض المستشار أحمد جمال الدين ورئيس محكمة الاستئناف المستشار أيمن عباس وأعضاء المجلس. وألقي المستشار جمال ندا رئيس مجلس الدولة كلمته أمام الرئيس السيسي قال فيها: إنه ولئن كانت المناسبة الطيبة التي تجمعنا تتطلب حسب المتعارف عليه أن يستهل الحديث بالإشارة إليها والتحدث عنها إلا أن حدثاً هاماً وخطباً جللاً يفرض نفسه علي واقع الأحداث في وطننا الحبيب يدفعنا إلي أن نبدأ به حديثنا. ألا وهو رثاء وعزاء شهيدي الواجب والوطن والقضاء المستشار الدكتور/ عمر حماد وكيل مجلس الدولة والسيد وكيل النائب العام/ عمرو مصطفي اللذين اغتالتهما يد الإرهاب الآثم أثناء أدائهما لواجبهما المقدس. أرحب بكم في هذه المناسبة الغالية التي تشهد افتتاح قصر من قصور العدالة في مجلس الدولة المصري وإنشاء كيان جديد من كيانات التجمع العربي في مجال القضاء الإداري. قال المستشار جمال ندا: ونحن نلتئم في قصر الأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد الأول وهو قصر العدالة الأصلي الذي كان مقراً لمجلس الدولة نستلهم السيرة العطرة لرجال القضاء المصري الذين أشربوا الحيدة والاستقلال بحكم تكوينهم القضائي الرفيع ووقفوا مواقف وطنية وجليلة حتي ارتقوا بهذا القضاء ورفعوا من شأنه وأعلوا من قدره وأنه وإن تأثر ولا ريب بما عصف بمصر عبر تاريخها من محن. إلا أنه ظل كمصر مرفوع الرأس. لم يخفض جبينه إلا لله عز وجل. ولحكم الحق والعدل. لأنه قضاء حر ومستقل وهو قد كان ومازال وسيظل كذلك. لن ينال منه إرهاب غادر وآثم يسعي إلي هدم كيان الدولة المصرية ومؤسساتها. وأني له ذلك؟! ونشير إلي أنه وإذا كان عالمنا العربي منذ تأسست جامعة الدول العربية عام 1945 استجابة للرأي العام العربي يتجه نحو التعاون والتآلف. فإننا نذكر أن التعاون في المجال القانوني والتشريعي والقضائي بين الدول العربية هو الأساس الفعال والمؤثر لتحقيق العدالة وإقرار مبادئ العدل والإنصاف واحترام الحقوق والحريات. ولاشك أن ذلك لن يتحقق إلا إذا طال هذا التوحد المنشود مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا التي تتولي مهمة القضاء الإداري في الدول العربية عبر كيان ينتظمها وإطار يضمها قوامه اتحاد عربي للقضاء الإداري. لذا فقد سعينا مع الدول العربية إلي إنشاء هذا الاتحاد دعماً للروابط والصلات بين مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا في هذه الدول ولتحقيق التقارب بين الأنظمة القضائية المطبقة فيها والتشريعات ذات الصلة المعمول بها وتيسير سبل تبادل الخبرات والتعريف بالمبادئ المتعلقة بالقضاء الإداري وتوحيد المصطلحات القانونية التي تتضمنها هذه الأنظمة وتلك التشريعات وذلك هو ما سيعني به كيان وتنظيم قضائي عربي مشترك ومتخصص. يمارس دوره البناء والخلاف ويؤكد علي مبدأ استقلال القضاء وحصانته ومثله وقيمه العليا. سعياً لتحقيق وحدة العدالة الإدارية المنشودة والتكامل القضائي في الدول العربية جمعاء. هذا وقد وافقت مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا في الدول العربية علي تأسيس هذا الاتحاد العربي تحقيقاً لهذه الغايات وفقاً للأسس والأحكام الواردة بمشروع النظام الأساسي المقدم من رئيس مجلس الدولة المصري. وتتجه الرؤية المستقبلية للاتحاد إلي أن يكون له مركز متكامل لتدريب القضاة العرب وصقل خبراتهم علي نحو يرقي بالعمل القضائي العربي ويهدف إلي توحيد المبادئ القانونية والقضائية المعمول بها في الدول العربية. ومما تجدر الإشارة إليه أن الدور المنوط بالاتحاد سيكون له أثره بشأن المنازعات التي تكون الجهات الإدارية بالدول العربية طرفاً فيها حيث ييسر وجود هذا الاتحاد تنفيذ الأحكام القضائية في وقتها بل ووأد المنازعات في مهدها لأنه سيوجد ثقافة قانونية عربية بين أرباب العمل والعمال وكذا بين جماعات المستثمرين حيث يشجع وجود الاتحاد فرص الاستثمار في الدول العربية بما يوفره من مناخ آمن وجاذب للمستثمر يمنع اصطدامه بأي قوانين لم يعرفها ولم يطلع عليها فالمأمول أن يكون من ثمار هذا الاتحاد وجود قانون موحد للاستثمار في الدول العربية يشجع المستثمرين العرب علي إيثار الدول العربية بأموالهم واستثماراتهم. وكذا وجود قانون موحد للخدمة المدنية "قانون الخدمة المدنية العربي الموحد" وقانون موحد للعمل العربي "قانون العمل العربي الموحد" وغير ذلك من القوانين النوعية الأخري كقانون الشهر العقاري والتوثيق العربي الموحد وقانون الرسوم والضرائب والجمارك العربي الموحد وغيرها من القوانين التي تنظم المجالات المشتركة التي سيطالها التوحيد. وقال ندا: لقد ولدنا ونشأنا جميعاً علي حلم الوحدة العربية باعتبارنا أمة واحدة وإذا كان الدكتور محمد كامل مرسي أول رئيس لمجلس الدولة قد خاطب الملك في افتتاح مقر مجلس الدولة عام 1946 قائلاً: "إن هذا المجلس الذي تتجشمون جميعاً الخطي الكريمة لافتتاحه لايزال يوجد من لم يظفر بمثله بين البلاد التي لها في أساليب الحكم عرق قديم بل التي لها بين عظمي الدول مقام معلوم" فإننا نقول: إنكم تشهدون وضع لبنة كبيرة في بنيان العمل العربي المشترك أفرزت كياناً قضائياً تشريعياً عربياً مشتركاً. نأمل أن تكون نواة لوحدة عربية شاملة علي جميع المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية. هذا وقد اختيرت القاهرة بمجدها وحضارتها لتكون مقراً لهذا الاتحاد بما لها من تأثير ثقافي ومعرفي جعلها حاضنة للعرب جميعاً شعوباً ومؤسسات. وتعد هذه الزيارة الأولي لمجلس الدولة في عهد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية. قال المستشار وائل شلبي الأمين العام للمجلس إن الاتحاد العربي للقضاء الإداري ترأسه جمهورية مصر العربية ويضم عدداً من الدول العربية وهي "البحرينالأردنتونسلبنانفلسطينالعراقموريتانياالإمارات اليمن الجزائر المغرب".