مستقبل أي أمة يعتمد علي مجموعة من المقومات الأساسية وعلي رأسها البحث العلمي الذي يعد قاطرة التقدم والحضارة في جميع المجالات وكل الدول الكبري تهتم دائما بالبحث العلمي وميزانيته أملا في غد أفضل.. مؤخرا أثارت أخبار سفر المخترع المصري الشاب مصطفي الصاوي إلي الإمارات وحصوله علي الجنسية الإماراتية جدلا واسعا.. فمصطفي ابن محافظة الدقهلية عمره 15 عاما فاز منذ أكثر من عام بجائزة أفضل باحث عربي شاب علي مستوي العالم خلال مؤتمر دولي بلندن.. اختراع مصطفي أطلق عليه اسم "السد الذكي" لتوليد الطاقة الكهربائية عبر ثلاثة مصادر للطاقة المتجددة وتصل طاقة التوليد لحوالي 33 جيجا وات في الساعة.. لجأ مصطفي للإمارات لتنفيذ اختراعه بعدما فشل في مصر في الحصول علي أي دعم. هذه القصة تفتح من جديد ملف هجرة العقول المصرية المتميزة للخارج وعدم الاستفادة منها.. فطبقا لآخر إحصائية للمصريين في الخارج هناك ما يقرب من 86 ألف عالم مصري موزعين علي مستوي العالم من بينهم 1250 عالماً في التخصصات النادرة مثل الفيزياء والكيمياء والهندسة الوراثية.. هذه الأرقام تكشف إلي أي مدي تهتم مصر بالبحث العلمي وميزانيته الهزيلة وفي نفس الوقت تراجعت مصر إلي المركز 135 عالميا في مجال البحث العلمي. الدول الكبري تولي أهمية كبري للبحث العلمي وميزانيته فأمريكا علي سبيل المثال تنفق أكثر من 100 مليار دولار سنويا علي البحث العلمي وفرنسا تتجاوز ميزانية هذا المجال 33 مليار يورو أما في مصر فميزانية البحث العلمي وصلت هذا العام إلي مليار جنيه فقط والتي تعتبر ميزانية متواضعة للغاية بالنسبة لمعظم دول العالم التي تنفق المليارات في البحث العلمي من اجل استغلال مواردها بشكل أفضل وتحقيق تقدم مستمر في جميع مناحي الحياة. علينا أن نعيد التفكير في هذا الملف الحيوي إذا أردنا الوصول لمستقبل أفضل وتحسين استغلال مواردنا الطبيعية وأيضا الاستفادة من علمائنا الذين يصطدمون بأرض الواقع ولا يجدون الدعم الكافي لتحقيق أحلامهم وتنفيذ اختراعاتهم.. بالطبع لن نستطيع منافسة هذه الدول في مجال البحث العلمي في يوم وليلة ولكن نحتاج إلي خطة شاملة وتخطيط واضح لكي نحسن من وضعنا ونخلق حياة أفضل للأجيال القادمة خاصة أن العلم والتكنولوجيا هما سلاحا المرحلة المقبلة.. فهناك الآلاف من الاختراعات والأبحاث العلمية لا تزال حبيسة الأدراج ولا تجد من يسلط عليها الضوء أو يدعمها. لا شك أن مصر مرت في الفترة الاخيرة بالعديد من الأزمات التي أثرت عليها في كافة المجالات ولكنها بدأت في تجاوزها والتقدم للأمام بعد نجاحها في إنجاز خارطة الطريق والانتهاء من آخر مراحلها والتي تتمثل في البرلمان الذي يجب أن يضع ضمن أولوياته البحث العلمي وميزانيته.. ويجب أن نتذكر مقولة العالم المصري الكبير أحمد زويل عندما قال في أحد مقالاته انه عندما سافر لأمريكا لم يكن يعلم شيئا عن الليزر وهذا هو الشيء الجميل في العلم أنك لا تعلم إلي أين سيأخذك؟ وفي نفس الوقت يجب أن نهتم بالبراعم الصغيرة ذات الأبحاث والأعمال النادرة والأخذ بأيديها حتي لا تتكرر قضية مصطفي مرة أخري.