تربينا منذ الصغر علي بيت شعر لا نخاله بعيداً عن نهضة أي دولة. أو أيامه ألا وهو البيت القائل "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". هكذا ببساطة وبدون أي جدال أو مواربة. فأي أمة يتهاوي فيها جدار الأخلاق. فلا أمل في أن تقوم مرة أخري. وهذا ما لا يتفق مع هزيمة الدول أو تعرضها لكوارث طبيعية مدمرة. فهي في تلك الحالة تستطيع أن تقوم مرة أخري بسهولة وأن تحقق نهضتها سريعا. لأن جدار الأخلاق والقيم والضمير باق في وجدان وسلوكيات وعقائد شعوبها. وهو المحرك لأي نهضة تنموية. ولدينا في نهضة شعب يعتز بمخزونه الأخلاقي والسلوكي بعد التدمير الذي تعرضت له اليابان في الحرب العالمية الثانية. عبرة وعظة ومثال ساطع. ومايضيق في صدري وصدر كل مصري غيور علي بلده. ذلك الحجم الفظيع من الانهيار الأخلاقي الحاد في المجتمع المصري. الذي تمثل بشكل مباغت في التداعيات التي أفرزتها ثورة 25 يناير. أسجل هنا أننا نعيش أزمة أخلاق. بدأت بعد أن هلت علينا تباشير الانفتاح الاقتصادي بعد مرحلة انتهاء الصراع مع العدو الصهيوني. لأننا فهمنا الانفتاح بمنظور خاطئ ولم ننتق سياستنا الانفتاحية. وأن نفرق بين الغث والثمين. وبين ما يضرنا من جراء الانفتاح وبين ما ينفعنا. فما حدث أن طغت قيم الانتهازية والمنفعية والوصولية علي قيم الأخلاق الحميدة التي كانت السياج الواقي للمجتمع المصري. ترافقت مع الضغوط الاقتصادية الناجمة علي سياسات اقتصادية فاشلة من البداية طيلة العقود الماضية. باختصار. كان الجميع للاسف مشتركا بكل وضوح وبلا إحساس وطني في تهاوي جدار الأخلاق. في بلد عرفه أهله علي مدار الحقب الزمنية والقرون بأنهم بناة الحضارة وهم خير الشعوب. لأننا كنا طيب المعشر. كريمي الخلق مع علو الهمة. حينما تنزل بنا النوازل والنواكب. فنكون اكثر رقة وشهامة للمحتاج ونجدة للمصاب نراعي جميعنا كلا في مصابه. وفي فرحه. نكون حريصين علي الا نهتك ستر الآخرين. رحماء بالغريب مهللين بقدوم الزائر بلدنا. حريصنا علي نظهر له افضل معاملة لكي يعود لبلده حاملاً ذكرة طيبة. مفادها المصريون طيبون ودودون. لا أجد مجالاً هنا للحديث واستعراض ممارسات خاطئة علي صعيد أخلاقنا في المرحلة المعاصرة. لأنني قد أذوب خجلاً. ولن يطاوعني قلمي علي أن أسوقها لكم وجميعنا نري ذلك التهاوي المزري في أخلاق المجتمع المصري. ولكن لنتفق علي أننا لا بد أن نعيد بناء ما تهدم من جدار الاخلاق. وأن نرمم ذلك الجدار بسياسات واستراتيجيات تتخذ قرارتها من أعلي الجهات السيادية في مصر. جميل أن ننشئ وزارة للأخلاق قد يكون طرحي مغايراً ولكنه بات ضرورة ملحة. نحتاج لوزارة للاخلاق! نعم لا تستغربوا فما لحق بأخلاقنا يستدعي إنشاء جهاز أو وزارة أو مؤسسة تكون في مهمة قومية كبيرة. لأنه سيقع علي عاتقها تصويب مسيرة المجتمع حينما يشذ أفراده عن أخلاقه الحميدة. فلا توجد جهة الآن تتصدي لمهمة إعادة أخلاق المجتمع المصري وترميمها ويجب أن توضع كافة الامكانيات والمقدرات لدعم تلك المؤسسة الوطنية. كما يجب أن تتشارك في تلك المهمة أيضا كافة مؤسسات المجتمع من أجهزة الإعلام والأزهر الشريف باعتبار أن الدين منبع الأخلاق الحصين. لعل إنشاء تلك الوزارة مجرد حلم. ولكننا نريده أن يتحقق فأخلاقنا هي أعز ما نملك وهي الاساس لبناء نهضتها وتطورنا الحضاري.