بدأت أجهزة الدولة التحرك لتنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للعمل علي ضبط الأسعار بعد الزيادة الكبيرة التي شهدتها خلال الفترة الماضية وأهمها تشكيل لجنة عليا من 7 وزراء وجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة لتكثيف المعروض من السلع الأساسية.. ولكن يبقي السؤال الأهم هل هذه الآليات قادرة علي احداث توازن بالسوق؟! خاصة وان الكثيرين يؤكدون ان الإمكانات المتاحة لن تساعد علي خفض الأسعار. وأكد الخبراء انه يجب علي الدولة تقليل الاعتماد علي الاستيراد خاصة للسلع الترفيهية والتي لها مثيل محلي وتنشيط الشركات والمصانع المحلية لزيادة الانتاج وتخفيض الضغط علي الاحتياطي من النقد الأجنبي فضلا عن تنشيط دور الشركة القابضة للصناعات الغذائية وزيادة منافذها في كافة المحافظات وقيام الدولة بتطبيق تسعيرة استرشادية للسلع لمنع الاحتكار. الدكتور محمد أبوشادي وزير التموين السابق يري ان ارتفاع الأسعار يتوقف علي عاملين أحدهم مبرر نتيجة عوامل اقتصادية حقيقية ومنها تأثير الاقتصاد العالمي بظواهر العرض والطلب والإنتاج والعامل الآخر غير مبرر والذي يرجع إلي جشع التجار ووجود احتكارات عائلية للنشاط الاقتصادي وضعف الدور الحكومي الناتج عن الفهم غير الصحيح لحرية السوق. وأوضح أننا نعاني من عدم وجود دور حقيقي لاتحادات الغرف التجارية والصناعات والتعاون الاستهلاكي وعدم اتخاذ خطوات ايجابية للحفاظ علي الاقتصاد الوطني مشددا علي ان حرية السوق لا تمنع تدخل الدولة في وضع الضوابط المنظمة للنشاط الاقتصادي والتي بدونها تحدث فوضي وتظهر معها الممارسات الضارة. وقال أبوشادي انه يجب اعادة الحياة للشركة القابضة للصناعات الغذائية والشركات التابعة لها لاسيما وانها تعاني حاليا سوء في الدور التسويقي للبيع وغياب تأثيرها علي السوق. ودعا الحكومة إلي ضرورة اللجوء للتسعيرة الاستشرادية بالاتفاق مع المجتمع التجاري لتحديد سعر عادل للمستهلك وهامش ربح منصف للتاجر بالاضافة إلي ضرورة تفعيل دور جهازي حماية المستهلك والمنافسة ومنع الاحتكار حتي يقوما بالدور المخطط لهما مع ونقل تبعيتهما إلي البرلمان حتي يكونا اداة في يد ممثلي الشعب لمواجهة المحتكرين وطالب وزير التموين السابق بتفعيل المادة 10 من قانون حماية المنافسة والتي تتيح للدولة تحديد "سعر جبري" للسلع التي بها ممارسات احتكارية في مدة محددة حتي تعود الأوضاع لطبيعتها مع تطبيق نظام اللامركزية وتفويض كل محافظ في وضع السياسات التي تناسب محافظته. هشام كامل المستشار بقطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين يقول ان الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا لمواجهة ارتفاع الأسعار عبارة عن مسكنات ولا تساهم في القضاء علي الأزمة الأساسية المتمثلة في تراجع المعروض لبعض الأصناف وارتفاع سعر الدولار واستغلال التجار للظروف الحالية في الحصول علي هامش ربح مبالغ فيه. وأوضح كامل انه يجب وضع ضوابط لعمليات الاستيراد العشوائية وتحديد قوائم للسلع الضرورة التي يجب فتح اعتمادات عاجلة لها فضلا عن قيام الدولة بوقف نزيف الاستيراد للسلع الترفيهية والتي لها مثيل محلي لتخفيف الضغط علي احتياطي النقد الأجنبي. أوضح اننا نستورد اكثر من 70% من احتياجاتنا الأساسية وهناك قائمة ل 20 سلعة أساسية يجب وضعها ضمن الأولويات مثل المواد الغذائية والأدوية وغيرها وأوضح ان بعض الإجراءات الحكومية الخاطئة ساهمت في نمو التضخم بصورة كبيرة منها السماح باستيراد كميات كبيرة من السكر بالرغم من ان المنتج المحلي مكدس بالمخازن فضلا عن تكبد مزارعي القصب خسائر فادحة. دعا إلي ضرورة تفعيل القوانين المنظمة للسوق مثل حماية المستهلك والمنافسة ومنع الاحتكار وان هناك فئة محدودة تحتكر انتاج واستيراد السلع الضرورية والتي تقوم بوضع تسعيرة دون ضوابط ودون تقدير لوضع السوق والمستهلكين. وقال محمد العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء ان التحركات التي تقوم بها الحكومة خلال الفترة الأخيرة ستسهم بشكل قوي في السيطرة علي الأسعار والتي من أهمها قيام رئيس الوزراء شريف اسماعيل بتشكيل لجنة تحت اسم السيطرة علي الاسعار وان هذه اللجنة ستعمل علي تكثف حاليا المعروض من السلع الغذائية ومنها اللحوم والسكر والزيت والأرز والبقوليات والخضر والفاكهة وغيرها من السلع بأسعار مخفضة في كل فروع المجمعات الاستهلاكية وشركتي الجملة والسيارات المتنقلة بالاضافة إلي التنسيق والتعاون مع هذه الوزارات لامداد كافة المنافذ بالسلع الغذائية لطرحها للمواطنين بأسعار مخفضة. وأوضح عسقلاني أن الدولة أصبحت أول يد تستورد السلع وتعرضها في السوق وذلك مثل المناقصة التي ستقوم بها هيئة السلع التموينية لاستيراد الدواجن واجزائها من الخارج وكذلك اللحوم وغيرها من السلع التي لها تأثر مباشرة علي محدودي الدخل. محمد العدوي تاجر بسوق العبور يقول ان ضبط الأسعار يأتي من خلال مراقبة سلسلة الانتاج بداية من الفلاح وحتي تاجر التجزئة مشيرا إلي أن الأسواق الخارجية والحلقات الوسيط ساهمت بصورة كبيرة في ارتفاع اسعار الخضر والفاكهة عن المستويات الطبيعية فمثلا نجد ان سعر الكوسة في أسواق الجملة لا يتعدي 100 قرشا بينما يصل في أسواق التجزئة والشلايش ل 5 جنيهات دون رقابة من الدولة وشدد علي ان البلاد لديها أراض تكفي الاستهلاك المحلي ويزيد دون تصدير مشيرا إلي انه في حالة رغبة الدولة في فتح أسواق خارجية والتصدير للاستفادة من العملة الصعبة فيجب عليها التوسع في الأراضي المنتجة للمحاصيل الزراعية وتشديد عمليات الرقابة وتنظيم حركة البيع حتي لا تنفلت الأسعار والاضرار بمحدودي الدخل. وأوضح انه بالنسبة للخضر والفاكهة فمن المعروف ان هناك أوقاتاً محددة يترتفع فيها الأسعار نتيجة فاصل العروات والتي تظهر نتيجة اختلاف الفصول ومن الضرورة العمل علي تلافي هذا لمنع استغلالها من قبل التجار.