قد يري البعض أن هذا ليس هو الوقت المناسب لحديث موضوعي. هاديء وهادف لقضية حلايب. في ظل التوترات التي نشأت بسببها والتراشقات الإعلامية بين سودانيين. ومصريين لكنني أراه أنسب وقت لفتح هذ الملف. من أجل طيه إلي الأبد. وأكثر ما يشجعني علي ذلك وجود الرئيسين عبدالفتاح السيسي. والمشير عمر حسن أحمد البشير. في قيادة دفتي الحكم في البلدين. مصر والسودان. وحرصهما علي إنجاز تقدم في علاقات البلدين والشعبين الشقيقين. لم ينجزه رئيسان قبلهما وأثق أنهما قادران علي فعل ذلك. ولو اتبعا النية بالعمل. وفطنا لبعض من حولهما ممن يسعون إلي تعكير الأجواء بين الخرطوم والقاهرة. وقبل الحديث عن الذين يعبثون بعلاقات البلدين من خلال قضية حلايب المعلقة. لابد أن نشير إلي نشأة المشكلة الأولي وكيف احتواها الحاكمون السالفون. فهي نشأت أول مرة في العالم 1958م. وما كان لها أن تظهر قبل ذلك حيث كان السودان ومصر. في عهد الخديوية دولة واحدة. يحكمها ملك واحد. وفي عام 1958م أرادت مصر أن تقيم انتخابات علي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. فأرسلت فريقاً من هيئة الانتخابات للإعداد لها في منطقة حلايب وشلاتين. فاعترضت حكومة السودان. وبدأ رئيس الوزراء السوداني عبدالله خليل في تعبئة الجيوش. لاعتراض لجان الانتخابات فتحرك قادة السودان الحكماء. من حاكمين ومعارضين. يتقدمهم السيد عبدالرحمن المهدي. والسيد علي الميرغني والزعيم إسماعيل الأزهري. واتصلوا بالرئيس جمال عبدالناصر. طالبين منه سحب لجان الانتخابات. لأن القضية معقدة. والوقت غير كاف. لحسم المسألة. فما كان من الرئيس عبدالناصر إلا أن أمر لجان الانتخابات بالعودة فوراً. وأوقف الانتخابات في دائرة حلايب وشلاتين المتنازع عليها. من أجل الحفاظ علي سلامة الأجواء السودانية المصرية دون توتر وانفعال. صحيح أن هذه المرة لم يتحرك حكماء. وأجريت العمليات الانتخابية وتوترت الأجواء ولكن لا يصح أن تترك هكذا تتصاعد ونحن نعلم أن البعض لاسيما فلول عهد حسني مبارك البائد يصطادون في المياه المتعكرة. فيجب إلا نسمح بالترويج لأقوال ساذجة. مثل التي تزعم أن السودان يمكن أن يدعم الموقف المصري في مفاوضات سد النهضة الأثيوبي. في مقابل تنازل مصر عن حلايب. ولن يحسم ذلك سوي تحرك عاجل وحاسم من الرئيسين البشير والسيسي. ينفذا به وعدهما بحل مشكلة حلايب وفق الرؤية التكاملية التي ينظران بها لمستقبل العلاقات بين مصر والسودان.