بات واضحاً التوجه الدولي نحو ايجاد حل سلمي للأزمة السورية ويقود هذا التوجه روسياوالصين بشكل رئيسي وقد انضم إليها أطراف فاعلة علي الصعيد الاقليمي والعربي والاسلامي يجمعهم قاسم مشترك وهو الحفاظ علي الدولة السورية وعدم تكرار النموذج الليبي أو العراقي أو الصومالي. وأهمية الحل السياسي للأزمة في سوريا لخصها الرئيس عبدالفتاح السيسي في لقائه مع وفد الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الايطالي قبل يومين بتشديده علي أهمية الحل السياسي وانه ليس دعماً لأي طرف علي حساب الآخر وإنما حفاظا علي كيان ومؤسسات الدولة السورية والحيلولة دون انهيارها مؤكدا علي ضرورة إعادة إعمار سوريا عقب التوصل إلي تسوية سياسية للأزمة بما يساهم في عودة واستقرار المواطنين السوريين في وطنهم. الموقف العربي بشأن الحل السلمي للأزمة السورية في معظمه لا يزال غامضاً لكن الشارع العربي تجاوز هذا الموقف ويطالب بحل سلمي خشية تكرار سيناريو ليبيا والعراق. ويري الخبراء ان أزمة سوريا تقترب من الحل السياسي ليس بعد حادثة غرق الطفل "إيلان" لكن بعد استشعار العالم بأن الأزمة السورية غذتها أطراف مختلفة بدأت بتدخلات متشابكة قذفت ببقايا القاعدة والعائدون من أفغانستان والصومال والشيشان إلي الداخل السوري مما خلط الأوراق منذ أحداث ادلب قبل 4 سنوات إلي اليوم وكانت النتيجة ملايين اللاجئين السوريين وسط آلة إعلامية غربية وعربية صورت المشهد بشكل مرعب ومخيف. والموقف الروسي والصيني راهنا علي الحل السياسي منذ البداية لكن أطراف غربية وعربية كانت ضد هذا الحل الذي نجحت السياسة الروسية في اقناع العالم ان بقاء حالة سوريا الحالية ستؤدي إلي مزيد من الدمار والضحايا الأبرياء. ويري الروس ان سوريا آخر النقاط الحصينة لهم علي البحر المتوسط بعد سقوط ليبيا وتتوقع مصادر دبلوماسية أن يطرح بوتين في اجتماع الجمعية العامة في نيويورك المقبل خطة انقاذ روسية تدعمها الصين وإيران وأطراف أوروبية وعربية وعدد من دول أمريكا اللاتينية. وكشفت المصادر ان روسيا حريصة علي الحل السلمي وبقاء الرئيس بشار الأسد مع التركيز علي مكافحة الارهاب المتمثل في داعش والجماعات الارهابية الأخري التي تري موسكو ان هذه الجماعات كانت وراء ازدياد أعداد اللاجئين مؤخرا. رسائل الإعلام الغربية ومعها وسائل الإعلام الاسرائيلية كشفت قبل أيام عن نية الروس تدعيم تواجدهم العسكري داخل سوريا بقاعدة عسكرية في اللاذقية. أمريكا استقبلت أنباء التعزيزات العسكرية لسوريا خاصة ما تم تسريبه مؤخرا عن نقل امدادات روسية إلي دمشق عبر طائرات النقل العملاقة "كوندوز" وان طائرات اليوشن مرت عن طريق بلغاريا بقلق بالغ لدرجة ان البيت الأبيض حذر من هذه التعزيزات العسكرية وبدأت في اتخاذ إجراءات مضادة ومنها محاولة الضغط علي بعض الدول بعدم فتح مجالها الجوي أمام طائرات روسيا خاصة إلي بلغاريا واليونان وهو ما يفسر الفشل الأمريكي في التعامل مع الأزمة. الملاحظ ان السياسة الروسية نجحت في ضم عناصر دولية واقليمية عديدة للاقتناع بوجهة النظر الروسية ان الحل السلمي ومكافحة الارهاب يتطلب بقاء بشار الأسد وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند انضم إلي نظيره الفرنسي وفجر قنبلة من العيار الثقيل لم يتركها خبراء السياسة دون تعليق وهي استعداد بلاده لبقاء بشار الأسد رئيساً لسوريا. ومما لا شك فيه ان أزمة اللاجئين السوريين والحديث الذي لا ينقطع عنها منذ حادثة الطفل البرئ إيلان باتت صداعا في رأس حكومات الغرب الذي وقف طويلاً يتفرج علي اشتعال أزمة كان من الممكن اطفاء نيرانها قبل أعوام عبر اجتماعات جنيف 1و2 لكن مع حادث إيلان أصبح لا مفر أمام الغرب والعالم من الحل السلمي لأزمة تولدت خلالها جماعات الإرهاب داعش التي هددت العرب والغرب في آن واحد.