مما لا شك فيه أن لقاء وزير الخارجية الأمريكي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عقد في موسكو مؤخرا ثم لقاء وزيري خارجية البلدين في إيرلندا في وقت لاحق و الإعراب عن تفاؤلهما في التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، كما قلت من قبل هو كان بمثابة إلقاء أمريكي للملف السوري في أحضان روسيا كما تلقي كرة اللهب المشتعلة . ربما هذا هو ما دفع روسيا إلي الإصرار علي تزويد سوريا بمنظومات الدفاع الجوي من طراز إس – 300 رغم الإلحاح الأمريكي و الإسرائيلي بوقف الصفقة، أو تأجيلها علي الأقل، و الذي أقلق إسرائيل و الولاياتالمتحدة و قد بلغ القلق من الصفقة قمته عندما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو بزيارة عاجلة لموسكو بهدف إقناع القيادة الروسية بإلغاء الصفقة و لكنه فشل في إقناع الرئيس الروسي بإلغاء الصفقة أو حتي تأجيلها. تكمن أهمية صفقة السلاح الروسي في أنها أعادت الاعتبار للدولة السورية و نظام الرئيس بشار الأسد، بل و التوقف عند أن بشار الأسد هو الممثل الشرعي و الوحيد للشعب السوري و هو الدولة و هو المسيطر بالفعل، فلم تكن روسيا لتعطي صواريخ علي هذه الدرجة من الأهمية و التطور لعصابات مسلحة أو لنظام آيل للسقوط كما يروج لهذا بعض وسائل الإعلام، كما أن الإصرار علي الصفقة تعني أن الرئيس بشار الأسد و قواته المسلحة تسيطر في الواقع علي معظم الأراضي السورية و أن ما يحدث لا يعطي العصابات الإرهابية المسلحة أي غلبة علي الأرض. انزعاج الغرب من الصواريخ المضادة للطائرات الروسية يأتي نتيجة مخاوف من أن تضطر ظروف الحرب الغرب أو حلف الناتو للتدخل العسكري في سوريا في حال إحراز العصابات المسلحة تقدم علي الأرض بما يضمن للغرب معركة سهلة و نصر مؤزر و سريع، و وجود الصواريخ المضادة للطائرات في أيدي الجيش السوري ستعطيه وسيلة للدفاع عن بلاده. من المتوقع تصاعد حدة المعارك في الأيام القليلة المقبلة سواء من جانب العصابات الإرهابية المسلحة أو من الجيش السورية بغية تحقيق مكاسب علي الأرض مما سيكون لها تأثير كبير أثناء عملية التفاوض المزمعة، و إن كنت أشك في أن تبدأ عملية التفاوض بسهولة، فالواقع علي الأرض يحدده الذين يحاربون جيش بلادهم من العصابات الإرهابية، بالإضافة إلي المقاتلين الوافدين من الخارج، و لا أتصور أن قيادات الفنادق في الخارج لها دور كبير في عملية التفاوض، و لذلك سيحسم المعركة الجيش السوري بعد أن تمنع الإمدادات عن الجماعات الإرهابية. بقيت كلمة و هي أن إمداد سوريا بصواريخ 'أس-300 التي تعتبر منظومة دفاع جوي صاروخية بعيدة المدي 'أرض-جو' روسية الصنع أنتجت من قبل شركة ألماز للصناعات العلميةوللمنظومة عدة اصدارات مختلفة طورت جميعها من'أس-300 بي' وقد صمم النظام لقوات الدفاع الجوي السوفيتية لردع الطائرات وصواريخ كروز طورت بعدها اصدارات أخري لردع الصواريخ البالستية '، يؤكد أن خيار روسيا فيما يتعلق بالأزمة السورية استراتيجي، و تعتبر روسيا بخيارها هذا قد حققت انتصار سياسي دولي عوضها عن خداع الغرب و الناتو لها في ليبيا، فهل ستعطي روسيا منظومة كهذه لنظام آيل للسقوط، أشك في هذا، لقد انتصر الأسد. و في محاولة لحفظ ماء الوجه، قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوجان بزيارة للولايات المتحدة لطمأنتها بأن مخاوفها من الإسلاميين غير حقيقة في محاولة لإعادتها كعنصر فاعل علي الساحة السورية من جديد، لكن علي ما أعتقد أن الولاياتالمتحدة ستضغط في القريب العاجل علي حلفاءها من الغلمان بأن يكفوا أيديهم عن سوريا و ترك الجماعات الإراهبية علي قارعة الطريق.، و إن كانت تدفع بحلفائها لتحسين شروط التخلي عن دورها في سوريا، فهاهو الرئيس الفرنسي يطالب روسيا بتنحية الأسد، و رئيس الوزراء البريطاني يعرب عن عدم تطابق الموقف الروسي و البريطاني، لكن كما قلت الموقف سيحسم علي الأرض و لا اعتقد أن صفقة الصواريخ الروسية ستقتصر علي صواريخ دفاع جوي فقط.