كتب - حمادة عبدالوهاب استقبل النظام السوري دخول الأزمة عامها الخامس، بالاحتفال والاستبشار بأن دول عظمى كالولاياتالمتحدةالأمريكية أعلنت تغير موقفها لصالح هذا النظام، فقد شعر الرئيس السوري بشار الأسد أنه نجح الآن في فرض شروطه على أعدائه وخصومه من القوى الدولية والإقليمية. أمريكا والنظام السوري "ستضطر واشنطن في النهاية إلى التفاوض مع نظام الأسد"، هذا ما قاله الوزير الأمريكي جون كيري في حواره مع قناة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، والذي اعتبر تغيرًا واضحًا في السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية، إذ تؤكد واشنطن منذ وقت طويل ضرورة رحيل الأسد عن السلطة عبر عملية انتقال سياسي من خلال التفاوض. ورغم نفي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تكون قد غيرت موقفها من ضرورة رحيل الرئيس السوري الأسد، إلا أن قراءات عدة تبعت الموقف، منها ما أكد على أن السياسة الأمريكية براجماتية، تبحث عن تحقيق أهدافها، حيث ظهر تغير ملحوظ في لغة الخطاب الإعلامي الأمريكي في التعامل مع الأزمة السورية، وبدا تأكيد أمريكي في افتتاحية صحيفة "نيويورك تايمز"، في 24 يناير 2015، بعنوان "تحول الوقائع في سوريا" على أن التهديد الأكبر في الوقت الحالي لا يتمثل في الأسد بل في تنظيم "داعش". كما يُستشهد بالدعم الأمريكي للمؤتمر الذي تم عقده في روسيا بين بعض قوى المعارضة السورية، ووفد من نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الفترة من 26 إلى 28 يناير 2015، حيث كشف هذا الدعم عن حدوث تغير نسبي فى أولويات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء الصراع في سوريا، باتجاه دعم المبادرات الدبلوماسية التي تهدف إلى الوصول إلى تسوية سياسية. من جهة أخرى، هناك من يؤكد أن هذا هو الموقف الأمريكي هو موقف منذ البداية، حيث قال كاتب الصحفي السوري بسام جعارة حول: "نعلم الموقف الأمريكي تجاه الثورة منذ كانت سلمية، وعندما حملنا السلاح مارست ضغطًا لمنع وصول السلاح النوعي"، ويستشهد جعارة على كلامه بأن عدة دول حاولت تزويد المعارضة بسلاح نوعي، لكن أمريكا منعت وصوله، وتابع القول: "الكيميائي الذي عدته واشنطن خطًّا أحمر لأنه يشكل خطرًا على إسرائيل، وبهذا قالت الإدارة الأمريكية للرئيس السوري تستطيع أن تقتل ولكن من دون كيميائي". يشار إلى أن تلك التصريحات استفزت عدة دول ودفعتها إلى تأكيد موقفها من "أنه لا مكان للأسد في مستقبل لسوريا"، وأكدت فرنسا وبريطانيا على أن بشار الأسد لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل في سوريا. بينما قال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إن طهران تأمل أن تكون الإدارة الأميركية قد حكَّمت العقل في دعوتها إلى إجراء حوار مع النظام لحل الأزمة في سوريا. وتوقع لاريجاني أن تحقق الخطوة الأميركية الجديدة تقدما في المستقبل على صعيد حل الأزمة. أسباب تغير الموقف الأمريكي يمكن تحديد جملة من التحديات التي فرضت على الإدارة الأمريكية ضرورة تغيير موقفها المتحفظ، ولو جزئيًّا، تجاه بقاء الأسد في السلطة، وأول تلك التحديات استمرار تمدد نفوذ تنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الأخرى، وتوافد المزيد من المقاتلين الأجانب المتعاطفين مع التنظيم، الأمر الذي من شأنه تصعيد حدة الاضطراب وعدم الاستقرار داخل الأراضي السورية. أما ثاني تلك التحديات، فيتمثل في تصاعد حدة الخلافات بين قوى المعارضة السورية وفشلها في التوصل إلى توافقات سياسية فيما بينها، فضلًا عن تخوف واشنطن من التوجهات السياسية والأيديولوجية التي تتبناها بعض تلك القوى، والتي يمكن أن تحولها، في المستقبل، إلى مصدر لتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة. ويخص التحدي الثالث تفاقم الأزمة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوري، والتي أثارت الرأي العام الأمريكي ودفعت اتجاهات عديدة إلى توجيه مزيد من الانتقادات لاستراتيجية الرئيس أوباما في التعاطي مع تطورات الأوضاع في سوريا. الجيش السوري يحارب داعش إن موقف روسيا والدول المؤيدة لنظام السوري الداعي إلى ضرورة إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب على الإرهاب بدأ يُستجاب له، حيث استخدمت تلك الدول خطر "داعش" لتأكيد على أهمية دور النظام السوري في التخلص منه. دول عربية تدعم الحل السياسي مصر استضافت وفود المعارضة السورية وقامت بأعمال وساطة بين عدة أطراف. وكان وزير الخارجية المصري قد أعلن في وقت سابق، أن "الحلول السياسية هي السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية" في موقف مطابق للموقف الروسي الذي تقارب مؤخرًا مع النظام المصري. و أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عدة محافل دولية على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية. وحملت زيارة عماد الأسد ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد إلى مصر الكثير من المعاني، والتي تعني أن ما بين سوريا ومصر الكثير والكثير الذي يتجاوز الموقف من بشار الأسد. ومن جانبها، الإمارات تضغط على الإدارة الأمريكية من أجل إقناعها بضرورة بقاء نظام "الأسد" والعمل مع بعض شرائح المعارضة السورية الشكلية التي تؤيد بقاء "الأسد" وتطالب بإصلاحات رمزية. بينما قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم إنه إذا خُيرنا بين بقاء الرئيس السوري بشار الأسد بعد أربعة سنوات من الثورة السورية وبين سقوط سوريا بيد "الجماعات الإرهابية"، فإننا سنختار بقاء الأسد. وقال وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، معلّقا على محاولات التسوية السياسية في سوريا إنه إذا كان لا بد من الاختيار بين رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وتنظيم الدولة، "فلا شك أن نظام الرئيس الأسد أقل سوءا بكثير من حكم داعش".