تتزايد خلافات الرأي بين مؤسسات الإدارة الأمريكية؛ بشأن توسيع إستراتيجية الرئيس الامريكي باراك أوباما في مكافحة تنظيم "داعش"، لتشمل النظام السوري، لكن البيت الأبيض لا يلوح بإجراء أي تغيير "واسع النطاق" في الاستراتيجية المذكورة، على الأقل أمام عدسات الإعلام، ويحمل ضم بشار الأسد إلى الاستراتيجية أخطارًا كبيرة بالنسبة لأوباما، الذي يسعى إلى حل سياسي للحرب السورية، بعيدًا عن التدخل العسكري فيها. وأكثر ما يجري الحديث عنه؛ هو ردود الأفعال الشديدة للدول المساندة لنظام الأسد كروسيا، فضلًا عن تردد بع ض الحلفاء الأوروبيين غير الراغبين بالتدخل في الأزمة السورية. وتعتقد الإدراة الأمريكية أن تدريب المعارضة السورية وتزويدها بالعتاد في مواجهة "داعش"، يمكن أن يُستخدم أيضًا في محاربة الأسد، وبذلك تصيب إستراتيجية مكافحة "داعش" النظام السوري بطريقة غير مباشرة، ولم يفتئ الناطقون باسم الإدارة الأمريكية؛ يتحدثون عن أن إضعاف تنظيم داعش سيقوي المعارضة السورية، وهو ما سيساعد على إرغام الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وأثارت الاستراتيجية منذ طرحها تساؤلات؛ حول القسم الخاص بسوريا من مكافحة داعش، دون إنهاء الحرب الدائرة في البلاد، وفي هذا الخصوص يقول خبير الشؤون السورية في معهد بحوث الشرق الأدنى بواشنطن "أندرو تابلر" - في تعليق بموقع ديلي بيست: "إن هناك الكثير مما قيل ولم يطبق في الأزمة السورية"، ويضيف: "لا أحد يعتقد أن الرئيس أوباما يريد فعل شيء حقًّا في الموضوع السوري، حتى أن المسئولين الحاليين يقولون بضرورة وجود خطة لحل سياسي، لكن هذه الخطة غير متوفرة". ومن أكبر العقبات التي تقف أمام الإدارة الأميركية أن ضربها لتنظيم "داعش"، سيساعد النظام السوري، الذي يحارب بدوره التنظيم، على توجيه ضربات أقوى لقوات المعارضة، التي ستضعف بالتالي خلال قتالها في الميدان ضد داعش، وهذا ما يزيد من تعقيد معضلة الأسد أمام الإدارة الأمريكية، التي تقول: "إن النظام فقد مشروعيته وعليه التنحي" من جهة، ولا ترغب في الحل العسكري من جهة أخرى، ولا يبدو الحل السياسي ممكنًا ما لم تحقق المعارضة السورية التفوق على الأرض". هل هناك خلافات في الإدارة الأمريكية؟ قال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية، في جلسة بالكونغرس في أيلول/ سبتمبر الماضي: "إنه قد ينصح أوباما باستخدام القوات البرية - في حال فشل استراتيجية مكافحة داعش، فيما وجّه وزير الدفاع تشاك هاغل، خطابًا إلى مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس ضمنه انتقادات شديدة، وحذر من انهيار السياسة الأمريكية الخاصة بسوريا بسبب عدم وضوح نوايا الإدارة تجاه الأسد، كما لوحظ أن مسئولين في وزارة الدفاع انتقدوا الإستراتيجية في وسائل إعلامية؛ شرط عدم الكشف عن هويتهم، حيث قال مسئول عسكري - حول العمليات ضد داعش: "علينا أن نشكل قوة موثوقة، خلال زمن كافٍ، قادرة على تغيير الوضع في الميدان، نحن نرى أن المعارضة المعتدلة تضعف تدريجيًّا". وعلى الرغم من إبداء المؤسسات المختلفة في الإدارة الأميركية رأيًا مغايرًا لأوباما وفريقه، إلا أن الرئيس الأمريكي لا ينظر بحماس إلى التدخل العسكري في سوريا؛ وزج الجيش في حرب جديدة، كما هو معلوم عنه، ويتجنب أوباما إرسال وحدات برية إلى سوريا؛ خشية من احتمال اشتباكها مع قوات النظام. ويعتقد أنه في حال الإطاحة بالأسد دون التوصل إلى اتفاق سياسي، ستنهار مؤسسات الدولة كما حدث في ليبيا والعراق، لذلك يسعى إلى إرغام الأسد على التفاوض مع المعارضة؛ من أجل الوصول لحل سياسي، عوضًا عن استهدافه مباشرة. وقد تضطر الإدارة الأميركية إلى الجلوس وإعادة النظر في استراتيجيتها لمكافحة تنظيم داعش، في حال لم تحقق الضربات الجوية، التي ينفذها التحالف الدولي ضد التنظيم، النجاح المأمول، وفي حال تصاعد خطر التنظيم في سوريا والعراق، وضعف المعارضة السورية بشكل كبير.