"زوج القاصرات" والذي يعتبر من أبرز أسباب الزيادة السكانية وارتفاع معدلات الإنجاب كما أكدت الدراسات الديموجرافية مازال مستمراً.. علي الرغم من جهود التوعية التي بذلت علي مدار السنوات الماضية وعلي الرغم من تعديلات قانون الطفل عام 2008 والتي حددت سن الزواج بثمانية عشر عاماً وعلي الرغم أيضاً من مجازاة كل من ثبت تورطه في تزويج قاصرات من المأذونين. أحدث دراسة تناولت الزواج المبكر أجراها مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف عام 2013 علي عينة من "1091" مواطناً ومواطنة من 15 محافظة وكانت نسبة الإناث بالعينة 64% والذكور 36% وتراوح سن المشاركين فيها بين "15 - 60 سنة". أكدت الدراسة أنه في حين وافق 56% من المشاركين علي ان السن المناسبة للزواج يجب ان يكون فوق 21 سنةو36% وافقوا علي ان أفضل فترة عمرية للزواج تتراوح بين 18 - 21 سنة لم يوافق سوي 8% علي ان السن المناسبة أقل من 18 سنة. والجدير بالملاحظة انه من "136" أم تزوجن وعمرهن أقل من 18 سنة فضلت "19" أماً زواج بناتهن يتراوح عمرهن بين "15 - 18 سنة". أوضحت الدراسة ان المشاركين بصفة عامة عند سؤالهم عن البواعث الرئيسية للزواج المبكر ذكر 29% ان "السترة" سبب رئيسي وقال 26% منهم لأن هذا ما تقتضيه التقاليد بينما ذكر 20% ان السبب فقر الأسرة وان البنت تمثل عبئاً اقتصادياً علي أسرتها وذكر 16% ان البنت ستتزوج في كل الأحوال فلا داعي للانتظار.. و4% فقط ذكروا ان هذه تعاليم الدين. وبسؤال المشاركات عن المزايا والمساوئ المترتبة علي الزواج المبكر.. رأي الموافقون ان الميزة الرئيسية هي "السترة" وان يكون فارق السن بينها وبين أولادها صغيراً والميزة الثالثة تخص الإنجاب والرابعة ان البنت الصغيرة ستكون بصحة جيدة تستطيع ان تعتني بالأسرة والطفل بصورة أفضل بينما أكد 80% من المشاركين ان الزواج المبكر له آثار سلبية علي تعليم البنت و68% رأوا أنه يقلل من فرصة عملها. بينما تعلق ليلي قاسم طه - مقررة فرع المجلس القومي للمرأة بالفيوم علي الزواج المبكر خاصة وان الفيوم من المحافظات التي تشتهر بهذه الظاهرة فتطرح وجهة نظر أهل الفتاة فهم يرون ان استخراج بطاقة شخصية للبنت عند عمر 16 سنة يشجع أهل البنت علي تزويجها فهم يعتبرون ان هذه البطاقة "تصريح" غير رسمي بالزواج.. وهناك مأذونيون يشاركون في ذلك عن طريق عقد القران بعقود عرفية لحين وصول الفتاة إلي السن القانونية فيقوم المأذون بإثبات الزواج في الفتر الرسمي وقتها وتتراوح أجرة المأذون في هذه الحالة ما بين ثلاثة إلي خمسة آلاف جنيه. تشير إلي ان هناك قري بأكملها تشتهر بتزويج بناتهن في سن تبدأ من "13 سنة" وهي تطون. سنهور القبلية. العجميين. فديمين بالاضافة إلي العزب النائية. تضيف ليلي قاسم ان ثقافة الأب والأم انفسهم هي السبب الأول في الإقبال علي "زواج القاصرات" فالأسرة تريد لابنها عروساً صغيرة "عفية" تعينه في الكبر وتجعله في حالة "شباب دائم" وحتي لو كان في الثلاثينيات من عمره يتزوج من صغيرة في الخامسة عشرة.. بل ان من تزيد علي 25 سنة يطلق عليها "عانس" وهذه الفئة غالباً هن المتعلمات الجامعيات فالحاصلات علي الدبلوم يتزوجن بشكل أيسر.. فالعادات والتقاليد مازالت مسيطرة.. وبالتأكيد ينتج عن ذلك زيادة عدد الأبناء. أكدت أن صحة الفتاة الصغيرة خاصة في الحمل والولادة تتعرض للتدهور والأدهي ان إثبات الزواج نفسه لا يتم إلا عند سن 18 سنة وبالتالي في حالة الإنجاب قد يتم إثبات طفل عمره أربع أو خمس سنوات علي انه مولود حديثاً. تعلق بأن قانون الطفل الذي رفع سن الزواج إلي 18 سنة لم يحل المشكلة. أسماء إسماعيل - رئيس مؤسسة "كارت أحمر" للتنمية بأسوان.. فتشير إلي ان زواج القاصرات مازال موجوداً في المناطق الشعبية والقري في أسوان بسبب تدني المستوي التعليمي وبسبب "العرف الاجتماعي".. وتلجأ الأسر إلي محامي لتزويج بناتهن ولأخذ الاحتياطات القانونية. تضيف ان معرفة الأسر ببعضها واتباع الاشهار عند الزواج يجعل إثبات الطفل المولود لأم صغيرة واستخراج شهادة ميلاد له أسهل بكثير من إثبات زواج الأم الطفلة إذا هجرها الزوج قبل بلوغها سن "18 سنة". تؤكد ان عمالة الأطفال هي الوجه الآخر الناتج عن الزواج المبكر. عبدالرسول صقر - رئيس جمعية رعاية الأمومة والطفولة وحماية البيئة بنجع حمادي بقنا. يري أنه في معظم الصعيد يسود الاعتقاد ان الأب "يؤكل ويشرب" لغيره وبالتالي فزواج البنت وكأنه "هم وانزاح". يشير إلي ان "التسرب من التعليم" يشجع الأسر علي تزويج البنات خاصة عندما يرون البنت غير قادرة علي التحصيل الدراسي. يؤكد صقر ان صعوبة المناهج وعدم وجود مناهج دراسية تتناسب مع القدرات المختلفة للطلبة يؤدي إلي عدم استيعابهم وبالتالي تسربهم وخاصة البنات اللاتي لا يستطيع أهلهن الانفاق عليهن وتحمل تكاليف الدروس الخصوصية وبالتالي تري الأسر انهن في كل الأحوال سيتزوجن فيقبلون أول عريس حتي لو كانت الفتاة صغيرة ولضمان حقها يكتب العريس إيصال أمانة يتراوح بين "خمسة وعشرين إلي خمسين ألفاً" لحين وصول الفتاة لسن توثيق عقد الزواج "18 سنة". يضيف ان فرص العمل المتاحة في محافظة مثل "قنا" تنحصر في المهن "الأرزقية" كعمال البناء والزراعة وهي مهن لا تضمن رزقاً وبالتالي التخلص من البنت بالزواج يعتبر تخلصاً من عبء.