هل هي مصادفة أن تُطلق يد الحوثيين في اليمن. وداعش في العراق وسوريا وليبيا. وأن يتزامن ذلك كله مع إتمام الاتفاق النووي مع طهران.. من المستفيد ومن الخاسر.. أي المصالح تصالحت وأيها تراجعت وتقهقرت..؟! وهل لا يزال بعضنا يشك في وجود علاقة وقواسم مشتركة بين ما يحدث في العالم العربي وما يجري ترتيبه في المنطقة.. الطرف العربي هو الخاسر الأكبر الذي يدفع فاتورة التوتر والاضطراب والإرهاب.. أمريكا وإسرائيل وإيران وتركيا أطراف رابحة.. أدوات الهدم واضحة والأهداف أيضاً ظاهرة لا تخفي.. تفجير المنطقة العربية من داخلها.. استنزاف السعودية ومصر ودول الخليج في اليمن.. فتح جبهات عديدة علي الدولة المصرية في سيناء والحدود الغربية مع ليبيا بالتزامن مع أزمة سد النهضة في الجنوب.. فهل هناك من لا يزال يصر علي إنكار الخطر والتعامي عن مخططات التآمر..؟! 1⁄4 ما نواجهه اليوم من مشكلات وتحديات هو الأخطر في تاريخنا كله فقد خضنا حرب أكتوبر بجبهة داخلية وعربية موحدة بخلاف ما نراه اليوم باستخدام ¢ الإسلام السياسي ¢ لهدم الاستقرار وزعزعة الأمن القومي العربي. وتوظيف المذهبية الدينية لحساب السياسة كما تفعل طهران المتغلغلة في نسيج عواصم عربية عديدة باستخدام المذهبية والطائفية البغيضة. المخطط وضعه الغرب بإحكام: تشويه الدين وهدم الأوطان بأيدي بعض أبنائها المغرر بهم. وها هو يزود ميليشيات العنف بالسلاح والمال والمعلومات الاستخباراتية.. حتي صار الإرهاب هو الخنجر المطعون في الخاصرة العربية. لم تفلت منه دولة. هذا الإرهاب هو التمهيد والبداية لاستضعاف دولنا وتهيئة المسرح للقوي الخارجية الطامعة لنهب ثرواتنا وخيراتنا.. فإلي متي يصر البعض هنا علي التعامي عن الخطر رغم أنه بات متحققاً.. وإلي متي يستمر عالمنا العربي هو الأضعف في معادلات وموازين القوي ويظل مشاعًا مستباحًا ورهناً لمشيئة أمريكا والغرب وإسرائيل.. إلي متي يظل بعض بني جلدتنا الشاردون أو الفاسدون الخونة معول هدم وخنجراً مسموماً في ظهر الأمة سواء دون قصد أو بقصد المكاسب الزائفة.. إلي متي نتحمل ازدواجية الغرب الفاضحة ومواقفه المشينة إزاء قضايانا.. هل ينطلي علينا ما قد يبدو من اختلاف ظاهري خادع بين أمريكا وإسرائيل بينما هما في الواقع كيان واحد والاختلاف بينهما غير وارد بل هو مفتعل ذراً للرماد في العيون.. أو بين أمريكاوإيران اللتين اتفقتا علينا..؟! وإنه لشيء مستهجن أن يشكك البعض ويوجه سهام نقده للقوة العسكرية العربية المشتركة.. وهي الفكرة التي ظلت أمنية تراود الشعوب العربية قبل القادة قرونًا طوية.. فلماذا التشكيك وهل تروي المشككون ودرسوا الفكرة جيداً وعرفوا مزاياها جيداً وكذلك مثالبها أم أنها المعارضة الجوفاء لإثبات الموقف وتوهين العزائم.. لماذا يصر البعض علي تصوير ¢ عاصفة الحزم ¢ وكأنها مجاملة للسعودية وليست حفاظًا علي أمن الخليج وباب المندب الذي هو النهاية االطرفية والمنفذ الطبيعي لقناة السويس.. هل كنا بحاجة إلي الانتظار حتي يقفز الحوثيون ومن وراءهم إيران علي باب المندب ليحكموا القبضة علي الملاحة الدولية في البحر الأحمر ويتحكموا فينا.. ثم أليست هناك تحالفات إقليمية ودولية نشأت للدفاع عن المصالح المشتركة لتلك الكيانات.. الاتحاد الأوربي والناتو مثلاً.. ما المانع في وجود حلف عربي مشترك اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً ليحفظ للأمة ما بقي من مقومات هيبتها ووجودها وأمنها ضد المتربصين وجماعات الإرهاب المارقة العميلة والخونة هنا وهناك.. ماذا يضير العرب لو امتلكوا أسلحة الردع.. ألم يقل الرئيس السيسي إن تلك القوة العسكرية المشتركة لن تكلفنا شيئاً ولن ترهقنا ماديًا حيث تبقي وحداتها ومكوناتها كل في مكانه ودولته لحين استدعائها للتدخل إذا ما دعا لذلك ضرورة؟! 1⁄4 أتعجب لما قاله الأستاذ هيكل في حواراته التليفزيونية المتواصلة وتشكيكه في القوة العربية الموحدة وهو الذي قال في الحوار ذاته إن ضياع باب المندب يعني إغلاق قناة السويس وتضرر دبي والمنطقة العربية والعالم.. فلم هذا التناقض..؟! لقد قال الأستاذ أيضًا إن حضور إثيوبيا لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي كان ليقينها أن مصر لم تعد وحدها بل إن ثمة التفافًا عربياً حولها» وهو ما جعل رئيس وزراء إثيوبيا يدرك أن مصر باتت في وضع مختلف. ولا يمكن التعامل معها بمنطق كسب الوقت أو المراوغة. ولهذا قال ¢ إما أن نسبح معاً أو نغرق معاً ¢.. وهو ما يعني تغيراً ملموساً في موقف إثيوبيا المتعنت من سد النهضة. لا أدري لماذا يجدف الأستاذ هيكل ضد التيار أحياناً بقوله مثلاً ¢كان يجب علي مصر أن تخطر مجلس الأمن قبل ضربها لداعش في ليبيا رداً علي ذبح واحد وعشرين مصرياً علي يد هذا التنظيم الإرهابي.. ونسي الأستاذ أن الحكومة الشرعية لليبيا هي من طلبت ذلك.. ثم ماذا لو أن مجلس الأمن رفض توجيه هذه الضربة.. أما أخطر ما قاله هيكل فهو أن هناك حالة حصار علي غزة رغم أن هناك محكمة مصرية قضت باعتبار حماس منظمة إرهابية..وحذر هيكل من تحول غزة لقنبلة لو انفجرت سوف تصيب مصر.وأن هناك مليوني فلسطيني لو غضبوا سيقتحمون الحدود.. ولا أعرف لماذا ولا علي أي أساس بني هيكل كلامه هذا.. وهل وقف خطورة الأنفاق حصار غزة.. ولماذا تتهم مصر بحصارها رغم أن إسرائيل هي سلطة الاحتلال المسئولة عنها وفقاً لاتفاقيات الأممالمتحدة وهي التي تملك 5 معابر مع الفلسطينيين مقابل معبر واحد لمصر مع غزة.. ثم كيف نفتح الحدود مع غزة بينما تصر حركة حماس علي اختراق أمننا وممارسة عدوان سافر ضدنا وهو ما أكدته الأحداث في سيناء.. ألا يعد كلام هيكل تحريضاً لحماس علي اقتحام حدودنا.. فماذا يريد الأستاذ بالضبط؟! 1⁄4 كلام الرئيس السيسي كان قاطعاً حاسماً: ¢ نحن أمة في خطر. ولن نتخلي عن أشقائنا العرب كلهم.وليس فقط في الخليج الذي يعد أمنه خطاً أحمر وجزءًا لا يتجزأ من أمننا القومي. وستقوم مصر بواجبها وحمايتهم إذا تطلب الأمر ذلك. مؤكداً أن تحرك مصر مع الدول العربية يجري في إطار سياسي يجنب الجميع الخسائر. وأن الأمن القومي العربي لن يُحمي إلا بالدول العربية مجتمعة. وأن تأمين الملاحة في البحر الأحمر وحماية باب المندب أولوية قصوي. وأنه لا وجه للمقارنة بين تجربة مصر باليمن في ستينيات القرن الماضي وبين التدخل الحالي لتأمينه. فهذا واجب لا نتخلي عنه. وليس وجودنا في التحالف الذي تقوده السعودية لعودة الشرعية في اليمن ووقف المد الفارسي رداً لجميل دول الخليج المساندة لمصر بل إيماناً بوحدة العرب في مواجهة أخطار خارجية لا ينفع معها الحياد أو المواقف الوسط. فالأمن القومي ليس وجهة نظر يصح الاختلاف حولها. ولن تنسي مصر مواقف خادم الحرمين المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي شكل محوراً خليجياً قوياً داعماً لمصر. وأعلن أمام العالم أجمع مساندة بلاده لمصر. وأرسل وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل إلي فرنسا لإعطاء مصر فرصه لتحقيق الاستقرار. وهي المبادرة التي لاقت صدي عالمياً قوياً مؤازراً للقاهرة في حربها للإرهاب والفاشية. وهو الموقف الذي جاء كاشفاً للخونة والمنافقين والمغيبين. مزلزلاً للإرهاب وهي المواقف التي بدونها ما كان لمصر 3 يوليو أن تقوم بواجبها في إنقاذ الهوية الحضارية للمنطقة والحفاظ علي رقاب أهلها من مقصلة الإرهاب والإخوان. 1⁄4 مصر لن تنسي المواقف الكبري المساندة التي يستكملها بقوة الآن الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أدرك أن المنطقة العربية في خطر بعد انقلاب الحوثيين علي الشرعية في اليمن. مدعومين من إيران.وقاد تحالفا جديدًا ضم معظم الدول العربية» وهي المحاولة التي سبقتها جهود سياسية لجمع أطراف الأزمة للحوار لعودة الاستقرار لليمن والمنطقة. 1⁄4 تشكيل القوة العربية الموحدة خطوة جادة لتقويم المسار العربي وتدارك أخطاء الماضي.ولا بد أن يتبعها تشكيل جبهات أخري في المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية. فالوحدة العربية ليست خياراً بل ضرورة لتحقيق أي نصر »وهو ما يستلزم تنحية الخلافات وبذل جهود مضاعفة وحفز العقول المفكرة لابتكار تصورات ورؤي جديدة تتفق مع الواقع العالمي الجديد ومتغيراته العاصفة. أمتنا العربية قادرة بمقوماتها ووحدتها علي صنع المعجزات ودحر الإرهاب بإدارة معركة رشيدة ضد أفكار التطرف وميليشيات العنف سواء في ذلك داعش أو جبهة النصرة أو الحوثيين وبيت المقدس وتنظيم القاعدة وهي التنظيمات التي خرجت جميعاً من عباءة الإخوان. وهي التنظيمات التي تقف وراء جهات عربية وغربية لتحقيق أهداف مشبوهة. مطلوب علاج استراتيجي للبيئة الحاضنة للإرهاب ومعالجة حالة الفراغ والبطالة وضعف المشاركة السياسية وتغيير الثقافة وتحسين رداءة التعليم وتكثيف التوعية الإعلامية ومواجهة الفقر. أخشي ما أخشاه لو استمر حالنا علي سوئه أن تتمادي إسرائيل وإيران وتركيا وغيرها في الغي والعدوان علينا لإشعال المنطقة صراعاً وحروباً في ظل صمت أمريكي مريب.. ولا يبقي أمامنا إلا السعي لامتلاك ناصية العلم وامتلاك سلاح نووي رادع عملاً بقوله تعالي: ¢ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ¢.. فهل نفعلها..؟