اعتقد ان القمة العربية القادمة التي ستعقد خلال ايام بشرم الشيخ تختلف كثيرا وجوهريا عن عشرات القمم التي عقدت من قبل.. فلم يعد هناك مجال للخلافات امام المخطط الصهيوامريكي الذي يستهدف تقسيم البلاد العربية وتفتيت شعوبها وتفكيك جيوشها.. وعندما تتعلق القضية بالمصير والوجود علينا جميعا ان نتجاوز عن الصغائر والخلافات ونوحد الجبهة العربية امام عدو بات يلعب علي المكشوف لمحو الهوية العربية واشعال الحروب الاهلية والطائفية.. واذا كنا سابقا نختلف قبل ان نبدأ علي جدول الاعمال وماذا يشمل وما الاولويات وكيف يصاغ البيان الختامي وبأي البنود يبدأ.. فاليوم لامجال لذلك بل ولامجال لنقاش أي بنود أو قضايا سوي قضية الوجود ومواجهة هذه المخططات بوحدتنا وبقوتنا الموحدة ودفاعنا المشترك عن مصير أمتنا. *** وأري ان الملف الاهم والاوحد في هذه القمة اذا اردنا ان يكون لنا كيان عربي وأمة عربية ودول عربية مستقلة حرة بارادة ذاتية آمنة مستقرة.. لابد ان يكون ملف الدفاع المشترك والوحدة الاقتصادية والتعاون المشترك في كل المجالات هو ملف القمة الاهم والاوحد.. ولسنا اقل من الاتحاد الاوروبي الذي يقف يدا واحدة امام التحديات ورأينا كيف انقذ اسبانيا واليونان وايطاليا من الهزات التي تعرضت لها اقتصاديا.. واعتقد ان اليونان وصلت الي حد الافلاس والانهيار.. لكن وحدة الاتحاد الاوروبي حالت دون ان ينفرط العقد وتسقط احدي حباته.. وتدخل بالدعم المالي والسياسي والاقتصادي حتي مرت اليونان من هذه الازمة ووقفت علي قدميها.. فما بالك ونحن العرب تجمعنا عوامل مشتركة احق واجدي بالوحدة من الاتحاد الاوروبي الذي يتحدث لغات عديدة وعادات متفرقة وحدود متباعدة.. بينما نتحدث نحن لغة واحدة وعادات وتقاليد مشتركة وحدود متداخلة ونواجه مخططات وتحديات خطيرة تستهدف محو وجودنا.. فهل كل ذلك لايستدعي ان نتوحد ونتجاوز كل الخلافات.. هل هناك اخطر من تهديد الوجود والمصير. *** من هنا علينا ان نستفيد من الماضي ونستوعب دروسه جيدا خاصة من النواحي الاقتصادية.. وآن الاوان ان يعود رأس المال العربي إلي الدول العربية وآن الاوان ليكون الاستثمار العربي للبلاد العربية وتكون العمالة في السوق العربية للعرب.. فملايين العمالة غير العربية في البلاد العربية يمكن استخدامها قنابل موجودة ضد الدول العربية.. وآن الآوان لتحل العمالة المصرية محل العمالة الاجنبية والاسيوية والافريقية في السعودية والامارات والكويت والبحرين وغيرها. *** واعتقد ان اموال العراق وصدام التي تمت مصادرتها في بنوك امريكاوسويسرا واوروبا لو كانت في اي بلد عربي لاستفاد منها العراق وابناء العراق قبل غيرهم.. ولو كانت أموال الهاربين المصريين في اي دولة عربية لاستفادت منها مصر فورا بينما بنوك سويسرا ولندن وباريس وواشنطن قطعا هم أكبر مستفيد بها. وتخطئ أي دولة عربية مليون مرة اذا ظنت انها بمنأي عما يحدث وحدث في العراق وليبيا وسوريا واليمن.. او انها بمنأي من المخطط الصهيوأمريكي.. ويوم تم غزو العراق من القوات الامريكية بمزاعم بوشيه كاذبة للاسف صدقها العالم العربي وسار الاعلام معصوب العينين خلفها.. حذرنا آنذاك من هذا المخطط الامريكي الذي يستهدف تدمير دولة عربية قوية تهدد أمن اسرائيل وتستهدف الاستيلاء علي البترول العراقي ونهب خيراته وقلنا ان العراق لن يكون الاخير وانما البداية.. وان اعدام صدام هو البداية وليس النهاية.. ويومها قال بوش في خطبه الاسبوعية.. انتظروا وترقبوا وتعلموا.. في رسالة واضحة حللناها في حينها لكن لم يستوعبها احد.. انتظروا.. ماذا نفعل في الدول العربية وكيف ننفذ مخطط التقسيم بدقة وحكمة.. وترقبوا كيف نسقط الانظمة العربية واحدا تلو الآخر.. وتعلموا كيف نستخدم الشعوب لاسقاط دولها.. فلسفة بوشية خطيرة لم تستوعبها الشعوب العربية ولا اعلامها رغم ان مؤلفاتهم ومذكراتهم وتقاريرهم فضحت مخططاتهم لكن لم نتوقف عندها.. ولكن اصبح اللعب علي المكشوف الآن.. ولم تعد هناك اسرار أو خبايا والكرة في ملعب العرب.. فماذا هم فاعلون؟! هذا هو بيت القصيد.. ليس امام القمة العربية خيارات ولا مجال للخلافات.. اما الوحدة والدفاع المشترك والاقتصاد الواحد والشعب الواحد.. واما التفكك والضعف.. ولعل قصة الاب العجوز الذي جمع ابناءه الخمسة واعطي كل واحد منهم عودا من القصب وطلب من كل واحد كسر العود فكسره بسهولة.. ثم جمع خمسة اعواد واعطاها لكل واحد فاستحال كسرها.. فقال لهم في درس عملي لن تنساه الذاكرة.. هكذا قوتكم في اتحادكم مثل اعود القصب.. وضعفكم في التفكك.. فما لنا ندرس ونقرأ ونشاهد بأعيننا.. ولانستوعب ولانستفيد!!