كانوا رجالاً ينتظرون لحظة الإعدام.. لم يكن فيهم خائف أو مرتعد.. كانوا مؤمنين بأن هذا هو قدرهم وأنها النهاية التي كتبها الله لهم. ففي الفيديو المؤلم الصادم الذي بثته حركة "داعش" الإرهابية رأينا 21 بطلاً من رجالات الصعيد. وقد وقفوا في ثبات ولم يكن منهم أحد متوسل. فقد أدركوا أنهم أمام وحوش لا تعرف قلوبهم الرحمة ولا يتلذذون إلا بمشاهد الدماء ولا حوار معهم لأنه لا عقول لهم. كانوا عمالاً بسطاء ذهبوا يكافحون في سبيل الرزق.. ولم يدركوا أنهم قد أصبحوا في دولة بلا دولة وفي بلد توغلت فيه العصابات والمنظمات الإرهابية وأنهم وحدهم سيدفعون الثمن. فالغلابة دائماً هم وقود كل الأزمات وهم أول من يتم التضحية بهم. ومصر كلها فخورة بهم. حزينة من أجلهم ومتعاطفة مع عائلاتهم. ولكنها الحرب.. ومصر الآن في حرب مع الإرهاب داخل وخارج الحدود. ومصر أيضاً لن تبكي الشهداء ولن نتقبل العزاء الآن.. فالقصاص أولاً.. والقاتل يجب أن يُقتل. *** ونحن جميعاً مع الرئيس. وخلفه في أي قرارات مصيرية يتم اتخاذها.. سواء كانت عمليات جوية مكثفة كالتي بدأت بالفعل أو في أية خطوات أخري مدروسة يراها لصالح تأمين مصر وحدودها. ونحن مع الرئيس الذي أكد أن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد وبالأسلوب والتوقيت المناسبين للقصاص من القتلة المجرمين. وهو الرد الذي لم يتأخر كثيراً والذي يؤكد أن مصر كان لديها خطط جاهزة وكانت علي استعداد للتحرك ولن نتوقف إلا بعد أن يكون الرد قاسياً وموجعاً لهؤلاء القتلة وأعوانهم. *** وننتظر ما الذي سيفعله العالم الآن.. وما الذي سيقدمه لنا من دعم في مواجهة هذا الإرهاب.. وكيف سيترجمون بيانات الشجب والإدانة إلي تحرك ومؤازرة. فلقد مللنا أحاديث العالم وازدواجيته عندما لا يتفاعل مع الإرهاب إلا إذا اقترب من حدوده ومواطنيه بينما يكتفي بالتلاعب بالعبارات والكلمات إذا ما تعلق الأمر بنا. ويقوم بخلط كل الأوراق للتهرب من المسئولية والابتعاد عنها. إن مواقف العالم المائعة في التعامل مع هذه الأزمات توجب علينا ألا نلتفت بعد الآن إلي أية مطالبات خارجية فيما يتعلق بأوضاعنا الداخلية وأن نتخذ ما نراه من قرارات لتأمين الوطن دون تردد أو تحفظ أو اكتراث بالمواقف الخارجية والدولية. فهم لا يريدون لنا خيراً ولا يضمرون لنا إلا شراً..! *** وكان موقف اخواننا من أقباط مصر مشرفاً ووطنياً في إفساد أية محاولات للوقيعة بين عنصري الأمة. وفي التأكيد علي أن السلطات المصرية سوف تقتص من القتلة. فمن قتلوا في ليبيا هم شهداء مصر كلها.. والمصاب مصاب كل مصري.. واستهداف "داعش" للأقباط هو استهداف لمصر كلها وانتفاضة مصر لن تتوقف لأن للمصريين درعاً تحميها وتصون أمن البلاد وسيف يبتر الإرهاب والتطرف. *** وإذا كان الإخوان يبحثون عن مخرج للعودة إلي نسيج المجتمع المصري والتأكيد علي الانتماء وحب الوطن. فإن الفرصة قد واتتهم مرة أخري في إعلان وقف المظاهرات وكل أعمال الاحتجاج تضامناً وتلاحماً مع شعب مصر في هذه الأوقات المصيرية التي دخلنا فيها أجواء الحرب التي تستوجب التلاحم والتضامن بعيداً عن أية خلافات من أي نوع. *** ونأمل في أن يتعامل الإعلام مع الأحداث بهدوء وعقلانية ودون إثارة ومزايدات تربك وتضغط علي صانعي القرار وعلي الرأي العام. إن التحدث في هذه القضايا يتطلب فهماً وخبرة ودراية بالأحداث ولا يحتاج أن ندق طبول الحرب كلما وقع حادث أو كارثة. فنحن لا نريد أن نعالج كارثة بكارثة أكبر. والقرار السياسي والعسكري لا يدار ولا يوجه من الفضائيات. وانما كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته الموجزة الحاسمة في أعقاب الإعلان عن مقتل المصريين.. بالأسلوب والتوقيت المناسبين. *** وأخيراً فالجبناء الذين نفذوا حكم الإعدام كانوا يسيرون علي شاطيء البحر في هدوء وسلام وأمان تام. ونفذوا جريمتهم وهم علي ثقة من أن أحداً لن يتصدي لهم.. وهو ما يؤكد أن ليبيا قد أصبحت مباحة ومستباحة لهم.. وأن هناك من يدعمهم ويغذيهم بالمعلومات من دول لم تعد مجهولة. وأن الحرب ليست مع داعش وحدها.. الحرب مع من يوجهون ويستخدمون داعش.