يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة من أهل الأديان السماوية السابقة عند أكثر أهل العلم. لعموم قوله تعالي: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" "المائدة:5" ويجب علي الزوج المسلم أن يعاشر زوجته غير المسلمة بالمعروف كما لو كانت مسلمة لعموم قوله تعالي: "وعاشروهن بالمعروف" "النساء:19". ويثور التساؤل عن مدي سريان أحكام الحداد للمرأة المسلمة علي المرأة غير المسلمة إذا تزوجت مسلماً. حيث ذهب أكثر أهل العلم إلي وجوب حداد الزوجة المسلمة علي موت زوجها مدة العدة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام. أو بوضع الحمل. كما ذهب جمهور الفقهاء إلي وجوب حداد المرأة علي طلاقها طلاقاً بائناً مدة العدة وهي ثلاثة أشهر أو ثلاثة أقراء أو بوضع الحمل قياساً علي موت الزوج. خلافاً للمالكية وبعض الحنابلة الذين لا يرون الحداد للمرأة بسبب طلاقها مطلقاً. لأن الطلاق ليس موتاً بل هو نوع جديد من الحياة. وإذا وجب الحداد علي الزوجة المسلمة في هذه الأحوال فهل يجب علي الزوجة غير المسلمة أن تحتد إذا مات عنها زوجها المسلم أو طلقها طلاقاً بائناً علي قول من يري ذلك؟ مذهبان للفقهاء. المذهب الأول : يري أنه يجب علي الزوجة غير المسلمة أن تحد علي موت زوجها المسلم مدة العدة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام. لأن أحكام العدة والحداد من المعاملات المتعلقة بحسن العشرة. ووفاء العشير. ولا فرق في ذلك بين مسلمة وغير مسلمة. وهو أحد القولين للإمام مالك وإليه ذهب الشافعية والحنابلة. المذهب الثاني : يري أنه لا إحداد علي الزوجة غير المسلمة إذا مات زوجها المسلم. لخصوصية الحكم للمسلمة في ظاهر حديث أم حبيبة الذي أخرجه الشيخان. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال : "لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد علي ميت فوق ثلاث إلا علي زوج أربعة أشهر وعشرا" فهذا يدل علي أن حكم الحداد لموت الزوج قاصر علي الزوجة المسلمة. أما العدة وهي المدة التي تتربصها المرأة بسبب فرق الزوج أو موته فهي واجبة علي الزوجة بسبب هذا الفراق. سواء كانت الزوجة مسلمة أو غير مسلمة. لأن المقصود من العدة هو استبراء الرحم. ولا فرق في ذلك بين المسلمة وغير المسلمة. وإلي هذا ذهب الحنفية والقول الثاني عند المالكية. وإذا تطوعت الزوجة غير المسلمة بالحداد علي موت زوجها المسلم فهو من حُسن المعاشرة والوفاء لها. وتجتنب المرأة المحدة كل ما يعد زينة لها مما يتصل ببدنها أو ثيابها. ومن ذلك : صبغ الشعر. سواء كان هذا الصبغ بما فيه طيب كالزعفران والعنبر. أو بما لا طيب فيه كالحناء وصبغات الشعر الصناعية إلا إذا كان هذا الصبغ بغير قصد الزينة بل لغرض إصلاح الشعر. إذ لا يمنع الإحداد معاهدة النفس بإزالة الوسخ والتفث كنتف الأبط وتقليم الأظافر ومعالجة الشعر بما يصلحه من دهن وزيت ونحوهما. ويدل علي منع صبغ الشعر للزينة للمرأة المحدة. ما أخرجه البخاري من حديث أم عطية. قالت : "كنا ننهي أن نحد علي ميت فوق ثلاث إلا علي زوج أربعة أشهر وعشراً. ولا نكتحل. ولا نتطيب. ولا نلبس ثوباً مصبوغاً. وهكذا يؤسس الإسلام في المرأة معاني الوفاء لزوجها كما ألزم الزوج باتباع المعروف مع زوجته في كل حال. قال تعالي : "فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف" [الطلاق : 2].