لا ينكر أحد ان هناك مساحة من الحرية لم نعهدها من قبل وان هناك عددا هائلا من الصحف الخاصة والمستقلة والتراخيص القبرضية واللندنية تحتل مساحات كبيرة من الأرصفة لدي الباعة ومع كثرتها وكان يمكن لهذا الكم الكبير من الصحف السياسية والرياضية والثقافية والفنية ان تثري الحياة السياسية والفكرية لو اتبعت معايير الجودة الموضوعية وعمل بها صحفيون حقيقيون وليس حرفيين وعواطلية ومن كل المهن التي ليس لها علاقة بالصحافة من قريب أو بعيد مما جعل هذه الصحف التي نطلق عليها الصفراء وصحف بير السلم تخرج عن النص علي طول الخط متخذة من السب والقذف معيارا للنجاح ومقياسا للجودة والتنافس الرخيص واصبح مقياس الانتشار هو التطاول علي الآخرين. للأسف الشديد استغل البعض مساحة الحرية التي تتمتع بها الصحافة والإعلام بصفة عامة استغلالا سيئا وحولوا صحفهم إلي نشرات سب وقذف إما لابتزاز الآخرين وارهابهم أو ظنا منهم ان هذا هو السبيل للانتشار والشهرة خاصة ان هناك نفرا في الوسط الصحفي لم يكن يعرفهم أحد وظهروا علي السطح وعرفهم الناس ليس لتميزهم المهني ولكن لأنهم اشتهروا بالسب والقذف والخروج الدائم عن نص القيم وميثاق الشرف المهني وهنا لابد ان نوضح ان الفرق شاسع بين كشف السلبيات والانحراف بالحق والمستندات والنقد البناء الذي يضيف لبنة إلي البناء ويسد ثغرات الثوب ولا يمزقه أو يهدم البناء بدلا من ترميمه.. الفرق كبير بين ذلك وبين السب والقذف للشهرة والانتشار. *** وللأسف الشديد انتقلت عدوي الصحف الصفراء إلي الفضائيات ولأن مقدمي برامج هذه الفضائيات لا يستحقون الجلوس أمام الكاميرا.. فلا اسلوب ولا ثقافة ولا فكر ولا ادارة حوار.. ليس إلا "شوية" ماكياج وبودرة سواء رجال أو سيدات ليس إلا.. والمشاهدة مضمونة طالما ان الحلقة معدة وجاهزة لتمزيق ثياب مسئول أوهيئة أو حكومة.. أو الحديث عن الجنس والشذوذ بصورة غير مسبوقة من الانحلال والاسفاف. وأنا هنا لا ادافع عن شخص أو نظام أو حكومة وإنما ادافع عن مبدأ وعن اسلوب وعن مهنة الصحافة "صاحبة الجلالة" التي حولها البعض إلي "خادمة" مهلهلة الثياب رثة المنظر سلعة رخيصة للتكسب والابتزاز واقتحم المهنة كل من هب ودب وصاروا مذيعين ومقدمي برامج التوك شو والبحث عن الاثارة الرخيصة حتي لو كانت علي حساب القيم وثوابت المجتمع الرصينة.. لذلك لم اندهش كثيرا عندما شاهدت مقدم برنامج توك شو من الذين ظهروا من خلال صحافة الابتزاز والتمويل الخارجي وهو يستضيف سيدات يتحدثن عن الجنس والشذوذ وزنا المحارم بصورة تسيء إلي المجتمع وتهدم ثوابته وقيمه حتي لو كانت هذه الوقائع قد حدثت من فرد مخمور أو شخص مريض يعيش في أسرة من الشارع فليست هذه ابنته وان عاشت معه علي انه والدها.. وليست هذه الفتاة شقيقته وليست هذه أمه..وإنما نشأ ليجد نفسه وسط هذه الأسرة.. أي ان هذا الانحلال الخلقي يحدث في أسر الأرصفة والعشوائيات.. رجل أخذ طفلا من هذا الرصيف وطفلة من تحت الكوبري وعاش الجميع علي انهم اسرة من أب وأم واشقاء بينما الحقيقة لا يعرف أحدهم الآخر.. وعندما يكبر الجميع يمكن ان يحدث هذا الانحلال.. حالات فردية شاذة ليس من الصواب ان تناقش في الاعلام علي انها عادة في كل العائلات المصرية.. ويشاهدها الآخرون فيقولون هذه هي مصر وهذا هو المجتمع المصري.. يا ألف خسارة علي الاعلام وعلي الذين تسللوا إلي الفضائيات في عصر الفوضي والانحلال المهني والأخلاقي وصارت الفبركة والتمثيل جزءا من الاثارة والنجاح في نظر هؤلاء. *** ومنذ برامج التوك شو وواقعة فتيات الليل وهالة سرحان.. لم تعد هناك أي اثارة أو نجاح مهني في عمل حلقة مثيرة مفبركة.. وليس في ذلك اعلام أو رسالة سوي الاساءة للمجتمع وللإعلام ونقل صورة سلبية وفي منتهي السوء عن هذا المجتمع.. والأسرة المصرية بريئة مما قدمته من قبل هالة سرحان وما قدمه هذا المذيع وضيفاته اللائي يحلمن بالجنس والشذوذ ويتحدثن بلا حياء علي الشاشة في وقائع ربما لم تحدث من الأصل.. يا خسارة وألف خسارة.. يا اعلام!!