رغم حملات الإزالة التي تتبناها المحافظات ويتشدق بها المسئولون مازالت المباني المخالفة تخرج لسانها للقوانين وتلتهم الأراضي الزراعية بشراهة بعد أن فشلت الأجهزة التنفيذية في السيطرة علي فوضي البناء المخالف.. والمحصلة 7 ملايين وحدة غير مرخصة و35 ألف وحدة مخالفة. وتخطت الاعتداءات علي الأراضي الزراعية حاجز المليون لتهدر ما يزيد علي 130 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية. وتأتي محافظة الغربية في المرتبة الأولي في الاعتداء علي الأراضي الزراعية ومخالفات المباني ووصل إجمالي المباني المخالفة 50 ألف حالة تعد وتليها الدقهلية ب 37329 ثم المنيا 35203 والجيزة 33460 والقاهرة 18 ألف مخالفة مبان بدون ترخيص والنتيجة 60 ألف عقار آيل للسقوط. ويري البعض أن الغياب الأمني منذ أحداث يناير وراء الكارثة الكبري. بالإضافة إلي الفساد المتفشي في المحليات والثغرات القانونية التي سمحت بدخول عدادات الكهرباء للأدوار المخالفة لتمنحها الشرعية حتي أصبح من المستحيل هدم مئات الآلاف من المباني التي سكنها أصحابها. يقول محمد سالم: أقيم بإحدي الشقق بمدينة السلام وبعد 25 يناير مباشرة قام الأهالي ببناء حجرات متصلة بالمساكن وأغلقوا جميع المنافذ ولم يتركوا سوي حواري ضيقة لا تسمح بدخول سيارات إسعاف أو مطافي مما تسبب في مشاكل لا حصر لها وللأسف فشل الحي في إزالتها واكتفي بتحرير محاضر ضعيفة للغاية تحصل علي براءة من أول جلسة حيث يسدد المخالف 100 جنيه للمحامي وبعدها يتم حفظ الدعوي أو إرسالها للخبير الذي يستغرق 5 سنوات ولا يحضر في معظم الأحوال. ويضيف إبراهيم محمود من المطرية أنه فوجيء ببناء برج سكني مكون من 4 أدوار بدون ترخيص علي أراضي أملاك دولة تحت مسمع ومرأي من مسئولي الحي وعلي الرغم من قيام العديد من الحملات يومياً. إلا أنه لم يتم توجيه أي حملة إلي هذه الأبراج مما ساهم في التعدي علي أراضي أخري تعتبر مناطق آثار وغير مسموح بالبناء عليها لعدم وجود إزالات حقيقية في مهدها حيث يقوم صاحبها حالياً ببيعها تمليك نظير 250 ألف جنيه للشقة مساحة 85 متراً و300 ألف للشقة ال 100 متر. ويري محمد شاكر - موظف - عدم وجود قانون رادع لمخالفات البناء علي الأراضي الزراعية وأملاك الدولة. فالإزالات تتم لبعض المخالفات فقط علي الطرق السريعة ويتركون باقي المخالفات من الداخل بحجة وجودها داخل الأراضي الزراعية وصعوبة وصول المعدات إليها حيث أقيمت عمارات فارهة وتم توصيل المرافق إليها رغم تحرير محاضر لها. لكن هناك محافظات مازالت تصر علي الإزالات وقامت بالفعل بإزالة أبراج فارهة علي أملاك الري وطرح نهر النيل في بنها. كذلك معارض سيارات علي طريق الإسكندرية الزراعي وكل يوم نفاجأ بإزالات تلو الأخري بعيدة عن الدراسات الأمنية التي تقف عائقاً أمام إزالة التعديات. الإزالات الفورية ويشير سليمان محمد إلي أن التغاضي عن الإزالات الفورية للتعديات السبب الرئيسي وراء انتشارها بتلك الصورة الفجة والتهامها آلاف الفدادين الزراعية وشجعت تلك الطريقة رجال الأعمال علي الاستيلاء علي أملاك الدولة والأوقاف والآثار والري والتهام مساحات شاسعة ورغم ذلك لا تستقوي الأجهزة التنفيذية والأمنية علي المواطن البسيط الذي يبني داخل الأحوزة العمرانية بدون ترخيص أو قام بتعلية دور إضافي لتزويج ابنه فيه حيث تقوم حملات مكبرة لإزالة التعدي ويتركون الحيتان يعبثون في الأرض فساداً!! ويشكو أشرف حسن - موظف - من قيام بعض الأشخاص باستغلال ضعف أجهزة الأمن وإقامة أسوار حول العقارات التي يسكنون بها واقتطاع جزء من الشارع بالمخالفة لقوانين المنفعة العامة دون أن تتحرك الأحياء لإزالتها مما شجع البعض علي الاستيلاء علي مساحات أخري وبناء أكشاك وجراجات..وتطالب سميرة محمود بتوقيع عقوبات رادعة تصل إلي ضعفي قيمة التعدي والمخالفة. بالإضافة إلي سداد تكاليف الإزالة أيضاً وتفعيل ذلك علي الجميع ليكون رادعاً لكل من تسول له نفسه المخالفة. رؤساء المدن والقري: الدراسات الأمنية أضاعت 130 ألف فدان قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 سبب المشاكل التي تتعرض لها الأ راضي الزراعية والأحوزة العمرانية التي يدأب أصحابها علي البناء بدون ترخيص حيث تتناقض مادتا 59 و60 حيث تعطي المادة 59 مهلة 15 يوماً لإيقاف الأعمال المخالفة في حين تقضي المادة 60 بالإزالة الفورية مما يعطل الإجراءات كذلك مخالفة شركات الكهرباء والمياه لتوصيل المرافق للمخالفين. المهندس ماهر القاضي رئيس مجلس مدينة شبين القناطر يري أن محافظة القليوبية تقوم يومياً بإزالة عشرات المخالفات سواء علي الأراضي الزراعية أو خارجها حيث يتم عمل تقرير بشكل يومي للمحافظ وقد تم الأسبوع الماضي القيام بأكبر حملة لإزالة التعديات بشبين القناطر حيث تم إزالة 30 حالة بناء مخالف علي مساحة فدان و10 قراريط و6 أسهم عبارة عن أسوار وحجرات وأعمدة خرسانية مسلحة ومازالت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة تكثف جهودها بالتعاون مع الوحدات المحلية ومراكز وأقسام الشرطة لإزالة كافة التعديات علي الأراضي الزراعية. أما المهندس عبدالظاهر رمضان عبدالظاهر رئيس مدينة العياط فيقول: تغلبنا علي التعديات الحديثة علي الأراضي الزراعية بتنفيذ تعليمات الدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة من خلال الإزالة في المهد أي عند بدء البناء خاصة يومي الخميس والجمعة حيث تتم إزالة فورية لتلك التعديات مما جعل مجلس المدينة ينجح في إزالة 97% من التعديات خلال 2013 و2014 بشهادة لجان المحافظة.. أما التعديات التي تظهر في الأعياد والمناسبات فتتم الإزالة وفق دراسة أمنية واستعدادات معينة من الأجهزة الأمنية ومن خلال التعاون مع شرطة المرافق بالمحافظة. ويوضح أنه تم إزالة مخالفات بناء علي الأراضي الزراعية. مؤخراً بقري المتانيا حيث أزلنا 3 تعديات علي أملاك الدولة بمساحات 200 و300 متر وفي قرية طهما أزلنا كشكين علي أملاك الدولة أيضاً. بالإضافة إلي مبني تعدي علي مكان مخصص لمستودع الغاز . مؤكداً أنه يتم حالياً إعداد حملة مكبرة بعد الانتهاء من الدراسات الأمنية لإزالة 100 كش وسط العمارات السكنية بوسط مدينة العياط أقامها أصحابها وقت الثورة. ويري السيد راشد رئيس الوحدة المحلية بطحانوب أن المواجهات مع الاعتداءات علي الأراضي الزراعية والمجاري المائية بدأت بالفعل ولن يفلت مواطن واحد بجريمته في حق الأجيال القادمة حيث نقوم بصورة شبه يومية بإزالة التعديات حيث أزلنا منذ يومين مباني مخالفة علي الأراضي الزراعية علي طريق الكوم الأحمر أثناء عمليات البناء عن طريق العاملين بالوحدة المحلية يدوياً لصعوبة وصول المعدات إليها حيث كانت وسط الأراضي الزراعية. وأبدي راشد مخاوفه من بعض القرارات والقوانين التي ينتظرها البعض لاستكمال التعديات خاصة القرار الأخير لمجلس الوزراء والذي يتم دراسته حالياً رغم أنه لم يتطرق نهائياً للتصالح في مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية بعد أن استباح المخالفون الأخضر واليابس. تيسير عبدالفتاح رئيس حي جنوبالجيزة يؤكد أن الحي يواصل أعمال الإزالة للتعديات التي انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الماضية بالتعاون مع الجهات الأمنية وكان آخر الإزالات التعدي علي معبد بالقصبجي والبناء عليها بدون ترخيص وكذلك إزالة باكيات مخالفة ذات أسقف خرسانية بجوار المجزر الآلي بالمنيب. 4 عمارات بالمطرية أما المهندس أحمد فوزي رئيس حي المطرية فيؤكد أنه يقوم الآن بتنفيذ الإزالة ل 4 عمارات مخالفة تم بناؤها علي أراضي ملك الدولة خلال عام 2011م وتتم الإزالة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بعد صدور قرار الإزالة المعتمدة من المحافظ ويتم حصر التعديات الواقعة في نطاق الحي من بناء علي أراضي دولة أو التعلية بدون ترخيص وبالمخالفة للقانون 119 لسنة 2008م!! وأعمال الإزالة للتعديات بدأت في شهر أغسطس الماضي وتتم بمعدل تنفيذ إزالة كل شهر حتي سطح الأرض لعمارات ارتفاعها من 8 أدوار حتي 11 دورا ومعظم التعديات في الحي تكون علي أراضي الأوقاف ويقوم الحي باتخاذ الإجراءات لوقف هذه الاعتداءات وخلال الثلاث سنوات الماضية حدثت 17 حالة تعد تم إزالة 9 حالات منها وبالنسبة للبناء بدون ترخيص أو التعلية بالمخالفة للقانون يتم اتخاذ الإجراءات القانونية حتي الحصول علي قرار الإزالة وتنفيذه بمساعدة الجهات الأمنية. ويضيف نبيل حليم رئيس حي شبرا: المسئولون الان يتخذون خطوات جدية لإنهاء العديد من المشاكل وفي حي شبرا كمثال لا يوجد اعتداءات علي أملاك الدولة وإذا حدث أي تجاوز يتم التعامل معه بكل حزم والحي يتميز بعدم وجود ظهير صحراوي أو زراعي ولذلك فالاعتداءات تكون محدودة جداً ووجود أكبر منطقة عشوائية في قلب العاصمة في شبرا "العسال" والذي وضعت خطة من الدولة لتطويره بتجديد البنية التحتية من مرافق وإزالة الإشغالات والتعديات في الشوارع وذلك تحت إشراف المحافظة وهو يلاحظ وجود روح جديدة في الشارع المصري تتسم باحترام القانون. القانونيون: المصالحات لن توقف التعديات الاقتصاديون: 700 مليار حجم الغرامات في الوقت الذي يري فيه التنفيذيون التعامل بقسوة مع المخالفين والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه إقامة مبني مخالف أو بدون ترخيص أو علي أراضي الدولة إلا أن خبراء الاقتصاد والإسكان يرون أن عمليات الهدم إهدار للثروة العقارية وإشعال لسوق العقارات في مصر مشددين علي ضرورة تنفيذ أي قرار علي أملاك الدولة أو مخالف لشروط البناء حتي لا تشمل المصالحات والإعفاءات المتلاعبين بأقوات وأرواح الشعب. في البداية يري الدكتور محيي عبدالسلام الخبير الاقتصادي أن الغرامات التي تفرض علي المباني أفضل من هدمها وتعتبر علاجاً جذرياً لملايين المخالفات التي ارتكبت إبان ثورة 25 يناير حيث تستطيع الدولة جمع غرامات تصل من 500 إلي 700 مليار جنيه كفيلة بإخراج البلاد من عثرتها في الوقت الحالي واستكمال المشروعات المتوقفة سواء السكنية أو الصرف الصحي والمياه وتطوير العشوائيات وسد عجز الموازنة العامة للدولة التي تقدر ب 250 مليار جنيه. ويؤكد اعتراضه علي أي مصالحات في المخالفات والتعديات علي أراضي الدولة والأوقاف والري والآثار والتعليات المخالفة لقيود الطيران المدني والارتفاعات التي تشكل خطورة علي الأرواح ويجب علي الدولة أن تكون أكثر حسماً في تنفيذ هذا القرار حتي لا تتفاقم المشاكل وتضيع علي الدولة حقوقها. أما المستشار محمد جلال المحامي بالنقض فيري أن التصالح في حالة سلامة العقار معمول به في القانون الحالي لكن للأسف القانون الجديد المزمع إقراره والخاص بالمصالحات مازال غامضاً لعدم وجود أي معايير يمكن علي أساسها إلزام الملاك بقيود وشروط البناء وما إذا كان سيفتح باب المصالحات في مخالفات جسيمة قد تضر مستقبلاً وتشكل خطورة علي الأرواح. ويؤكد أن التشريع الجديد فتح الباب مرة أخري للمخالفات بعد طرحه مباشرة حيث أقيمت آلاف المباني بمجرد إعلانه وأصبح الجميع ينتظر المصالحات كما حدث في انتخابات رئاسة الجمهورية 2012 عندما أعلن الفريق أحمد شفيق التصالح في جميع مخالفات البناء مما فتح الباب لمضاعفتها في وقت قياسي. وتوقع جلال أن التصالح في تلك المخالفات سيدر دخلاً لخزينة الدولة من حصيلة الغرامات لتستخدم في مشروعات الإسكان الاقتصادي لذلك يجب أن يكون محدداً بمدة حتي تكون الدولة أكثر حسماً في تنفيذ القرارات التي تعيد هيبتها من جديد وحتي لا يتم أي مصالحات مستقبلية مع أي صاحب مبني لمجرد أنه قادر علي سداد الغرامة. أما المهندس الاستشاري حسام الشافعي فيري أنه لا يجب التصالح في أي مخالفة تتعلق بالبناء ماعدا الخاصة بشروط الترخيص والتي لا تمثل خطورة علي الأرواح لأن التصدي لتلك المخالفات يحافظ علي هيبة الدولة ولابد من تحرك عاجل لإزالة تلك المباني موضحاً أن ترك هؤلاء المعتدين علي الأراضي والممتلكات العامة دون رادع يجعل غيرهم يتمادي في البناء علي أرض جديدة لذلك يعتبر إزالة تلك التعديات أمراً لا رجعة فيه وخطا أحمر يعيد للدولة هيبتها ولا خيار غير الإزالة كحق أصيل للدولة. ويري أن ما يؤلمه أن يشاهد عمليات إزالة صورية لارتفاعات غير مرخصة بالأبراج وللأسف يتم بيعها وتسكينها وتوصيل المرافق خاصة بعد ظهور العداد الكودي الذي منح بعضهم الشرعية في البقاء والمخالفة تحت ستار القانون وللأسف يخرج كل مسئول في وسائل الإعلام متصدراً مشهد حملة أمنية ضخمة لإزالة عقار مخالف لكنها في الحقيقة إزالات صورية ويعود صاحبه لترميمه مرة أخري. ويضيف المهندس إبراهيم الصعيدي مسئول التعديات بمديرية الزراعة بالقليوبية أن الواسطة والمحسوبية مازالا سبباً رئيسياً في تفاقم حدة الاعتداءات علي الأراضي الزراعية حيث مازالت سياسة الكيل بمكيالين تسيطر علي المحليات ومازال بعض الموظفين يتغاضون عن تحرير محضر لفلان أو فلان وتقوم حملة مكبرة من المحافظة والحي لإزالة عقار مخالف وترك آخر يجاوره وأحياناً تتم عمليات إزالة شكلية وعلي الورق فقط. ويري المهندس طارق البري أن قيمة الدولة في هيبتها والتي لا تأتي إلا بتطبيق القانون فإن كانت الشرطة مشغولة حالياً بمحاربة الإرهاب فيجب منح الضبطية القضائية للمهندسين لمنع الزحف الذي يلتهم الأخضر واليابس. ويطالب بتطبيق الحلول الجذرية من خلال منع توصيل المرافق من مياه وكهرباء وغاز إلي المباني المخالفة نهائياً خاصة الموجودة خارج الأحوزة العمرانية أما الموجودة داخل الأحوزة فيجب إعادة النظر فيها من خلال لجنة مشكلة من الإدارات الهندسية بالأحياء لاقرار الصلاحية من عدمه وتسديد غرامة تماثل قيمة المباني لصالح المشروعات الخدمية والطرق.