أكد خبراء التربية وعلماء الاجتماع أن الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة مثلث بناء الشخصية المصرية والحفاظ عليها من التلوث الفكري والعقائدي وحمايته من الانحراف والعبور بها إلي بر الأمان. يؤكد ذلك الدكتور إبراهيم المغازي أستاذ علم النفس بجامعة بورسعيد قائلاً: إن أغلب الشباب الذين ينضمون للتنظيمات والحركات التي تدعو إلي العنف ليس لديهم انتماء للوطن ولديهم نظرة تشاؤمية وسوداء للمستقبل تدفعهم لممارسة العنف تجاه المجتمع كرد فعل طبيعي لعدم الاهتمام بهم لعدم قدرة الدولة علي توفير احتياجاتهم الأساسية من عمل ومسكن وعدم قدرتهم المادية علي الزواج فيصبحون فريسة سهلة لقادة هذه المنظمات الذين يستغلونهم لتخريب المجتمع وتنفيذ أجندات خارجية تهدف إلي تفكيك الدولة إلي دويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها مضيفاً أن النرجسية والأنا والوصولية هي الغالبة في شخصية المنضم لهذه الكيانات التي تدعو إلي العنف لإشباع رغباته المادية والنفسية ويري أنه علي الدولة أن تقوم بتنظيم برامج لحماية هؤلاء الشباب. وهنا يشير الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع السياسي جامعة قناة السويس إلي ان بناء الشخصية مسئولية مشتركة بين ما يعرف بوسائط التنشئة الاجتماعية وهذه المؤسسات هي الأسرة والمدرسة والإعلام ودور العبادة والأصدقاء موضحاً ان الأسرة تأتي علي قائمة هذه المؤسسات المسئولة عن بناء نسق القيم والثقافة والعادات والتقاليد والأخلاقيات والمثل في شخصية الفرد خاصة في السنوات الأولي ثم يأتي دور باقي المؤسسات في تدعيم هذه القدرات مشيراً إلي أن السنوات الأولي في عمر الفرد هي أخطر وأهم سنوات حياته وأن الأسرة هي المسئولة الأولي عن هذه المرحلة. الصيد السهل ويضيف: لاحظنا في السنوات الأخيرة مع بداية من الثمانينيات حتي الآن غياب دور الأسرة المباشر بنسب مختلفة ومستويات متعددة لقيام بدورها في عملية التنشئة نتيجة لخروج الأم للعمل وغياب الأب عن المنزل فترات طويلة أو سفره للخارج وتفشي الدروس الخصوصية والاعتماد علي الحضانة في تربية الطفل وإلهاء الطفل ببعض الألعاب حتي تتفرغ الأم لمسئولياتها الأسرية والمنزلية وكانت النتيجة فقد الطفل لأهم سنوات حياته الأولي دون توجيه أو رعاية أو تربية أو تثقيف ويصبح بذلك صيداً سهلاً في المستقبل لكل من يحاول أن يستقطبه في إرهاب أو غيره أضف إلي ذلك غياب الحوار داخل الأسرة وفقد ثقافة الاختلاف وتفشي روح الأنانية والفردية والانعزالية الالكترونية فقد أصبحت العلاقة الأسرية علاقة فندقية فالأسرة تعيش في مكان واحد ولكل منهم حياته الخاصة. وتضيف الدكتورة سميحة نصر دويدار أستاذ علم النفس الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن كل المؤسسات الاجتماعية وعلي رأسها الأسرة مسئولة عن بث القيم الأخلاقية والدينية وكذلك بث روح الارتباط بالمجتمع ولابد من توعية الفرد بحقوقه وواجباته وكيفية الحفاظ علي حقوق الآخر.. ففي مجتمعنا لا توجد ثقافة احترام الآخر ولذلك يجب مراعاة ذلك سواء اختلف دينه أو جنسه أو لونه لأنه مواطن في المجتمع والدستور يدعم هذا وعلي المدرسة والجامعة بكل مستوياتها أن تثبت القيم الأخلاقية والدينية وقيمة الانتماء للوطن والمحافظة علي وجود الآخر من خلال المناهج وعلي المؤسسات الاجتماعية الأخري مثل الجامع والكنيسة دور في زيادة الوعي وزيادة قيم الانتماء للوطن التي تنادي بها جميع الأديان السماوية ولابد من تضافر مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة لزيادة الوعي لدي الشباب وخلق نشاطات ومشاريع تفيده وتفيد بلده لمواجهة الإرهاب. معايشة الأصدقاء يتفق معها الدكتور حسن شحاتة أستاذ التربية جامعة عين شمس في أن بناء الإنسان يبدأ من الأسرة فهي الحضن الاجتماعي الذي يترعرع فيه الطفل كذلك المنزل والمدرسة وبالرغم من وضعه في إطار تعليمي أصيل إلا أنه يحاول التعلم من الحياة والمجتمع من خلال معايشته لأصدقائه الذين يؤثرون عليه بصورة كبيرة فقد يجذبه أحد أصدقاءه إلي إحدي الندوات ويبدأ بتلقي قيم دينية خاطئة وما يلبث أن يهاجم المجتمع فمسئولية الأسرة في تعليم القيم والأخلاق الحسنة وكذلك شغل أوقات الفراغ والحث علي المشاركة في نشاطات اجتماعية والتشجيع في حال الإنجاز والتوبيخ في حال الإساءة. مخاطبة الغرائز ويضيف الدكتور إبراهيم البيومي أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن بناء الفرد يرتبط بحالة الاستقرار السياسي والمجتمعي العام فإذا اختل هذا الاستقرار أصبح بناء الفرد العاطفي والوجداني والثقافي غير متوازن وعليه فلابد لمنظومة مؤسسات التنشئة الاجتماعية للفرد أن تعمل معاً وفي اتجاه واحد يؤدي إلي نتيجة إيجابية وإذا عملت عكس بعض تأتي بنتيجة سلبية وهذه المنظومة تشمل الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة ووسائل الإعلام ومجموعة الرفاق وهذه المؤسسات يعمل كل منها عكس الآخر فيما نشاهده الآن وبالتالي تزداد الأزمة خاصة أن التنشئة والتربية للأجيال الحالية تتعرض لخطر شديد طويل الأمد وفي هذه الحالة لا تستطيع أن تقوم بدورها ليس لأنها غير راغبة ولكن لأنها غير قادرة نتيجة منافسة شديدة من وسائل الإعلام ففي هذه الفترة لا يقوم بدوره الإيجابي بل يقوم بدوره السلبي بحده الأقصي لأنه يخاطب الغرائز من خلال الإعلانات ويخاطب العواطف ولا يخاطب العقل وبالتالي يؤدي إلي اهتزاز الوجدان العام في المجتمع فهو لا يقوم بدور تحديثي أو تنويري بل يدمر العقل والمنطق بسبب ما يعرضه الإعلام في صورة شائعات أو أكاذيب وأشياء عاطفية أو استهلاكية أو جنسية. إسلام فوزي رئيس اتحاد طلاب جامعة حلوان: منذ ثورة 25 يناير وحتي 30 يونيه وما صاحبه ذلك من موجات ثورية لم نجد عنفا أو تطرفا داخل الجامعات إلا من بعض الجماعات التي تدعو إلي التطرف والإرهاب وهذا ما يقود الجامعات إلي الهاوية بالعنف والاقتتال داخلها فهم يستغلون تواجد الطلاب داخل الجامعة للتعلم لخدمة أغراضهم.. فهناك عدد كبير يتعاطف معهم إلا أن التأخير في تنفيذ المطالب يؤدي إلي نتائج عكسية من الإفراج عن الطلبة المعتقلين الذي لم يصدر ضدهم حكم قضائي أو من تم القبض عليه بطريق الخطأ فإذا ما تم ذلك فسيؤدي إلي الهدوء في الجامعات وكذلك تطبيق القوانين بفصل من يضبط بإحداث عنف أو تخريب فإذا كان هناك عقاب سيحد من المخالفات أما إذا غاب فستتكرر المخالفة ويزداد الوضع سوءاً فهناك عدد محدود من الطلبة يثير الشغب وإذا تم التخلص منهم انتهت المشكلة.