بسبب هاتف محمول، أصبح طفل قرية أبو شنب بمحافظة الفيوم، جثة هامدة. ومن أجل 50 جنيها تحول بائع متجول إلى قاتل. ونتيجة خلاف على ثمن بنطلون جينز تشاجر صديقان، تطورت إلي جريمة قتل. وبسبب ركن سيارة أمام أحد المحال التجارية بمنطقة معروف تندلع معركة حامية الوطيس، بين عدد كبير من الشباب. وبسهولة شديدة تنفجر آبار الغضب في عيونهم ، لتفتك بأطراف المشاجرة. أمام هذه الجرائم، التى ترتكب لأسباب بسيطة وبدون مقدمات، والأمثلة كثيرة علي عدم السيطرة علي سلوكيات وتصرفات الكثيرين، نرصد آراء خبراء علم النفس في أسباب ارتكاب هذه الجرائم الفظيعة، والتي ترتكب ضد أشخاص أبرياء.. والتفاصيل في السطور التالية: الدكتورة إيمان شريف، أستاذة علم النفس الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، تقول إن انتشار العنف يرجع إلى أسباب مجتمعية تتمثل في ارتفاع الأسعار، وزيادة نسبة البطالة، وعدم استطاعة رب الأسرة توفير الاحتياجات الأساسية لأبنائه، من مأكل وملبس وتعليم، مماأدى إلى استخدام الآباء وأبنائهم العنف في التعامل مع بعضهم. وأضافت أن ارتفاع درجة الحرارة، قد يعد من العوامل التى تؤدى إلى زيادة معدل العنف، لأنها تسبب العصبية. كما أن انخفاض درجة الحرارة، يؤدى إلى نشاط زائد يتبعه ارتكاب للجرائم. وهذه عملية سيكولوجية بحتة. وأوضحت أن أقدم أنواع العنف، هو العنف الأسرى. فالأسرة هى منبع العنف أو المسبب الرئيسى له، وأول جريمة في التاريخ، كانت من داخل الأسرة، التى تؤثر على حياة الفرد، منذ أن كان جنينا في بطن أمه. وأضافت أن الرفاهية الشديدة عند التنشئة، تسبب كوارث عند الكبر، بدليل حادث المهندس، الذي قتل زوجته وأبناءه، بعد خسارة أمواله في البورصة خوفا عليهم من الفقر، وأكدت وجود عنف مؤسسي (مؤسسات اجتماعية، أو مهنية)، عندما يتم تفضيل عامل علي آخر، مما يؤدى إلى الحقد والغيرة بينهما. ويظهر العنف سواء تجاه المدير أو الزميل. وشددت على أن مايحدث في الملاعب، من شغب من أبرز أنواع العنف ، مماأدي إلي عدم احترام الآخر، أو تقبل فكرة فوزه في مباراة رياضية. يعلق الدكتور عادل مدنى، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب -جامعة الأزهر قائلا إن هناك عدة نظريات عن أسباب ارتفاع معدلات العنف، أهمها العنف الناتج عن البيئة، مشيرا إلى أنه كلما كانت البيئة مزعجة وملوثة ومزدحمة ارتفعت معدلات العنف. وأضاف أن الوراثة الاجتماعية من أسباب العنف، فحينما تؤسس أسرة يرى فيها الطفل أباه يضرب أمه، فيعلم أن ذلك أمر طبيعي ويمارسه بالوراثة. وأوضح أن من نظريات العنف الإحباط ، فعندما لايستطيع الفرد تحقيق هدفه، فقد يخرج مابداخله من غضب في صورة عنف في التعامل مع الآخر. أما آخر النظريات، فهى فكرة المجتمع، الذي يعلم الفرد أن يأخذ حقه باستخدام العنف مثل: " اضرب من ضربك ولا تترك حقك ". وهذا يتضح جليا في الكثير من الجرائم، التى تكون أسبابها بسيطة، أو ربما تافهة. يرى د.مدنى، أنه لابد من توجيه المجتمع من خلال جميع مؤسساته، إلى كيفية التعامل مع الآخرين، والتنفيس عن الغضب بطرق صحيحة.. وأضاف أنه لابد من نشر ثقافة اللاعنف بين المواطنين، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ووضع خطة طويلة المدى، تشمل تنظيم الأسرة والتوسع في مستوى المدن، بشكل أفقى لتقليل الزحام. وأكدت دكتورة إيمان شريف، أن الإعلام له أكبر الأثر في التأثير على الأفراد من خلال نشره ثقافة الثراء السريع، ومظاهر الحياة الجذابة، التى تسبب الإحباط.. وطالبت الإعلام ببحث مشاكل الناس بشكل موضوعى، وإحياء القيم والمبادئ الجميلة، التى اندثرت في العصر الحالي. وشددت علي ضرورة إعادة بناء المجتمع بشكل سليم، وتوفير حياة كريمة للأفراد في ضوء العدالة الاجتماعية، خاصة أننا نرى المجتمع، منقسما إلى شقين الأول: شديد الثراء، والثاني شديد الفقر، مماأحدث فجوات رهيبة أدت إلي نشر العنف في المجتمع، لأتفه الأسباب.