* كثيرة هي التحديات التي تواجهنا.. لكن صعوباتها تقل بالطبع يومًا بعد يوم رغم تعثر الاقتصاد. وإصرار الإخوان علي إفشال خريطة المستقبل التي بدأ تنفيذ أول استحقاقاتها وأهمها جميعًا وهو الاستفتاء علي الدستور يومي 14و15يناير.. وهو ما ينبغي التركيز عليه. خصوصًا في صحافتنا وإعلامنا. وأن ننشغل بأولوية التعريف به. وتبسيطه للمواطنين في القري والأحياء الشعبية والعشوائيات حتي نخلق حالة وعي تحرض الناخبين علي المشاركة في الاستفتاء علي الدستور.. بحسبانه أهم خطوات المرحلة الانتقالية» فهو أبوالقوانين ومنظم الحقوق والواجبات. والفاصل بين السلطات. والحاكم لعلاقة الرئيس بالشعب وسائر مؤسسات الدولة.. وهو فوق هذا وذاك مظلة الشرعية التي تجب ما قبلها. وتقطع الطريق علي المتربصين والمشككين في ثورة الشعب في 30يونيو. وتقطع الألسنة التي تتخرص علي الدولة. وتدير حملات التآمر ضد الوطن وإرادة المواطنين. * ينبغي أن نحسن تسويق الدستور وشرح جوهره ومقارنته بما سبق من دساتير لنبين للناس كيف عالج سلبيات ما سبقه من دساتير. خصوصا دستور الإخوان المعيب والمشوه!! * ولا يفوتنا ونحن نبني وعي المواطن البسيط أو السواد الأعظم من الشعب صاحب السيادة والقول الفصل أن نكشف عن صراعات المصالح والتآمر علي مصر في الداخل والخارج. حتي نخلق حالة حماسية متدفقة تترجم في خروج الملايين للتصويت حتي نبهر العالم مرة رابعة وربما خامسة بعد الخروج الكبير في 30 يونيو و3 و26 يوليو وقبلها في 25يناير الموجة الأولي من الثورة الشعبية. * بين أيدينا مشروع دستور جديد ينتصر للفقراء والمهمشين والمعاقين. يؤسس لدولة مدنية حديثة قوامها العلم والمساواة والعدالة الاجتماعية. ينهي عهود الاستبداد والديكتاتورية. ويحد من صلاحيات وسلطات الرئيس الفرد.. ويغل يديه من الاقتراب للدستور دون الرجوع للشعب.. ويفرض سياجاً من الحماية علي الشباب والمرأة والأقباط والفلاحين والعمال وغيرهم..!! * ولن يتوقف نضالنا بعد إقرار الدستور حتي نترجم مبادئه لواقع ملموس فلا قيمة لحق لا نفاذ له. ولا نفاذ له إلا بإجراءات عملية. تبدأ بإقرار القوانين المكملة للدستور. وتنقية جميع القوانين حتي تنسجم معه. ولأن الديمقراطية الحقيقية تبدأ من القواعد فقد ضمن الدستور الجديد للشباب والعمال والفلاحين تمثيلا ملائما في المجالس الشعبية المحلية أولاً قبل مجلس النواب الذي احتال من لا يستحقون. وتاجروا فيما سبق بصفة العامل والفلاح لاكتساب حصانة برلمانية هم أبعد ما يكونون عنهما..؟! * الدستور الجديد يضمن الحدود الوسطي في مقومات التقدم. وبقي علينا أن نناضل لاستكمال خارطة المستقبل. وتحقيق غايات شباب 25يناير وشعب 30يونيو. حتي ترتاح أرواح الشهداء. وتقر أعين أهليهم بأن دماءهم الزكية لم تذهب هباء ولا ضاعت هدراً..!! * هناك صراعات مصالح تتنازع النخبة. وتحدث تشويشاً وتضاربا لدي البعض.. لكن الشعب أثبت أنه - كما قال الزعيم الخالد جمال عبدالناصر - هو المعلم.. ودائماً ما يبهر. فهو الذي وضع نهاية لمشروع الشرق الأوسط الكبير. وما سبقه من اتفاقات مشبوهة ومؤامرات يندي لها الجبين.. ومن ثم فإن خروج الملايين لصناديق الاستفتاء وبعده للانتخابات هو بداية الترجمة الفعلية للإرادة الشعبية حتي نمضي علي درب المستقبل. نبني نهضتنا الحقيقية بتعليم متقدم وبحث علمي متفوق ومشروعات قومية تبني الإنسان. وتنمي قدراته. وتحقق له العيش الكريم بحرية وكرامة وعدالة. * وإذا كان هناك من لا يزال يصر علي تعويق حركة الشعب نحو مستقبله. وثمة مؤامرات تحاك هنا وهناك لتفريغ ثورة 30يونيو من مضامينها فإن المواجهة الحقيقية تتطلب وحدة الصف والكلمة والرؤية العميقة والشفافية وحسن اختيار الأولويات الوطنية وحشد الشعب خلفها.. فلن يبني مصر إلا أبناؤها ولن يعوقها - لا قدر الله - إلا شق صفها وإحداث الفرقة والانقسام بين بنيها. * ولا يصح والحال هكذا أن يخرج البعض علي إجماع المصلحة العليا بالاحتجاجات والاعتصامات. فمصر تحتاج - كما قال رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس - إلي الاستقرار والتوقف عن الاضرابات والمظاهرات لمدة عامين علي الأقل حتي تدور عجلة الإنتاج. وتعود الاستثمارات. وساعتها يمكن لمصر أن تحارب الفقر وربما تتخلص منه نهائيا بعد 5سنوات لو توفرت الإرادة والهمة والجدية. * ولأن الجماعة الوطنية بطول البلاد وعرضها مدعوة للتكاتف والتوحد في مواجهة تحديات الداخل والخارج. فعلي الأغنياء أن يبادروا بالمساعدة في إنقاذ الاقتصاد وبنائه. وأن يسهموا بأموالهم في معاونة الفقراء ليس بإمدادهم فقط بالبطاطين والسلع الغذائية بل بتطوير العشوائيات حتي تتحول من قنابل موقوتة وبيئة خصبة للإرهاب إلي قيمة مضافة للتنمية وطاقة بناء.. لماذا لايتبني كل رجل أعمال مثلاً تنمية منطقة عشوائية معينة تعليمًا وصحةً ودعماً لغير القادرين.. وأحسب أنهم إن بادروا إلي ذلك العمل بدافع من شعورهم بالمسئولية الوطنية فليس ذلك منة ولا منحة منهم بل هو رد للجميل للأم الرءوم مصر التي أعطت لهم الكثير. ولم تبخل عليهم بشيء حتي صاروا إلي ما هم فيه من ثراء ورغد لن يستفيدوا بشيء منه إذا لم تستقر الأوضاع. وتعبر الدولة لبر الأمان. * لاتستهينوا بالعشوائيات. ولا تقللوا من غضبة الفقراء أو ثورة الفقر لا قدر الله.. فالجوع أعمي وثورة الجياع لا دين لها ولا رشد ولا عقل.. ومن ثم تطرح قضية تطوير العشوائيات نفسها كأولوية قصوي ليس علي الحكومة الحالية فحسب بل علي الأغنياء والمجتمع المدني الحقيقي الهادف للتنمية الصادق التوجه. المدرك لحجم المخاطر والأولويات وعلي مؤسسة الدولة المنتخبة فيما بعد.. والسؤال إذا لم ينهض الجميع بواجبهم في هذه المرحلة الفارقة فمتي نفعل.. متي نرد الجميل.. متي نحتشد وراء الوطن ونعلي رايته. وننكر ذواتنا ومصالحنا الضيقة إن تعارضت مع مصالحه العليا..؟! * كيف للتنمية المستدامة أن تتحقق دون البدء بالفقراء والعشوائيات في المدن والقري. في الصعيد وبحري وسيناء والنوبة ومرسي مطروح.. تنمية البشر هي غاية الأديان والشرائع بالحفاظ علي النسل والعقل والمال وهي مقاصد الرسالات السماوية. فما جاع فقير إلا ببخل غني.. والله فرض في أموال الأغنياء نصيباً معلوماً للفقراء.. وقد آن الأوان لأغنياء هذه البلاد في الداخل والخارج أن يتكاتفوا لإنقاذه ويمدوا يد العون لفقرائه. في ظروف جد صعبة. تظهر معادن الرجال.. فهل يقفون بجواره في محنته أم يبخلون عليه بما يستحق. فالأوطان لا تبني بالدعاء ولا الأمنيات الطيبة وحدها ولا بالندوات والملتقيات الثقافية بل تتقدم بالعمل الجاد والتعليم الجيد والبحث العلمي المتطور..!! * ما أحوجنا جميعاً إلي مراجعة أولوياتنا اليوم فإذا كانت غاية الدين هي عمارة الأرض.. فهل تكرار الحج والعمرة من أولويات المرحلة الراهنة.. أليس بناء مستشفي أو مدرسة أو مشروع يستوعب عاطلين ويدر عليهم دخلاً يغنيهم عن السؤال أحب إلي الله وأنفع للوطن في محنته وربما يكون أكثر ثواباً..!! * لقد انتظر الفقراء والجياع مردود ثورتي 25يناير و30 يونيو ثلاث سنوات فإذا بالأحوال الاقتصادية تشتد قسوتها عليها. انتظروا حقوقاً طال غيابها في حياة كريمة فإذا بهم أمام فصيل يصر علي إسقاط الدولة وتجويع فقرائها والتضييق علي مواطنيها فهل يطول انتظارهم أم يبادر القادرون وأصحاب القرار بالتوحد وتلبية احتياجات الفقراء قبل أن يذهب الجوع بعقولهم ويطيش صوابهم فيصبحوا قوة هدم يراهن عليها الإخوان وأنصارهم في الداخل والخارج لإفشال الدولة. فهم كما قال الفريق السيسي ¢يا تحكمونا يا تموتونا¢. * يا أغنياء مصر ورجال أعمالها.. يا نخبة المثقفين ورجال الأحزاب والحركات الشبابية الثورية.. وكافة القوي الوطنية.. آن الأوان لجعل محاربة الفقر وتنمية العشوائيات ومكافحة الفساد والجهل والمرض هدفاً قومياً نتوحد خلفه.. فلا تأمن مصر عواقب ثورة جياع عشوائية لا تلتزم ضبط النفس مثلما فعلت ثورة يناير و30 يونيو اللتان كانتا انتفاضة حضارية واعية بالأهداف والمطالب. * بسطاء هذا الوطن هم ضحايا فساد واستبداد طويل فازدادت البطالة وتوحشت الأسعار وتآكل الاحتياطي الأجنبي. وازداد الفقراء فقراً. وتأخرت الحكومات المتعاقبة في تحقيق العدالة والتنمية لأسباب عديدة. وتعطل الإنتاج. وتفشي الانفلات الأمني والاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات حتي وصلنا لما نحن فيه. وصرنا أمام أول استحقاقات ثورة 30يونيو فهل نتوحد خلف الاستفتاء وهل نتكاتف لتسريع وتيرة ما بقي من خريطة المستقبل.. هل تتوقف المظاهرات عامين علي الأقل حتي نتمكن من القضاء علي الفقر كما قال رجل الأعمال نجيب ساويرس..؟!