عضو مجلس نقابة المحامين: الرسوم القضائية الجديدة مخالفة للدستور.. والإضراب مستمر    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    محافظ الدقهلية يستعرض مستجدات إنشاء موقف جديلة الحضاري    انطلاق أولى رحلات طيران الحج السياحي لموسم 1446 ه    أكسيوس: الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل وحماس لقبولهما مقترحا محدثا لوقف إطلاق النار    استطلاعات الخروج: عمدة وارسو الليبرالي والمؤرخ المحافظ يتقدمان إلى الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية البولندية    أتلتيكو مدريد يمطر شباك ريال بيتيس برباعية في الدوري الإسباني.. فيديو    أوربان: انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أكبر تهديد لهنغاريا وسنقاوم    منتخب جنوب إفريقيا بطلًا لكأس الأمم الأفريقية للشباب بعد الفوز على المغرب    سعيد العويران: الزمالك مظلوم والكرة المصرية تتراجع    الدورى الإيطالى.. خيمينيز يقود ميلان لمواجهة روما    تمهيدًا لانتقاله إلى ليفربول.. فريمبونج يخضع للفحوصات الطبية    جداول امتحانات الصف الخامس الابتدائي 2025 آخر العام في 26 محافظة    الدفع أو الحبس.. صالح جمعة يواجه مصيرا غامضا بسبب النفقة    مسلسل حرب الجبالي يتصدر التريند بالتزامن مع عرض الحلقة الأولى    «احذر الاقتراب منهم».. 4 أبراج تفتعل المشاكل باستمرار    أيكوم مصر تمنح مركز محمود سعيد للمتاحف جائزة أفضل أداء متحفي تعليمي    بتول عرفة: كارول سماحة نموذج استثنائى للاحتراف وتحمل المسئولية على المسرح    صناع الأفلام العرب الصاعدون يجتمعون في جلسة نقاشية بالجناح المصري بمهرجان كان    شقيقة سعاد حسني: السندريلا كانت تحتفظ بعقد زواجها من العندليب والجواب لم يكن بخط يدها    أمين الفتوى يحسم حكم سفر المرأة وأداء الحج دون محرم: جائز بشرط    "تعليم القاهرة" تكرم الطلاب الأوائل في المسابقة الدينية للعام الدراسي الحالي    نجاح جراحة دقيقة لإصلاح كسر بالرقبة للمرة الأولى في الدقهلية    موقع تحميل النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025 (الرابط)    «رابطة المستأجرين» ترد على الملاك: دفعنا ما يعادل كيلو ذهب «خِلِو»    وزير التموين يناقش رسالة دكتوراه عن القيادة والولاء الوظيفي بجامعة حلوان    المركز القومي للمسرح ينظم مؤتمرًا علميًا واحتفالية فنية بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي    الرئيس الإيراني: الغرب تجاهل رسائل السلام التي بعثناها    خبير روسي: انقسام بين العسكريين والاقتصاديين حول إنهاء حرب أوكرانيا    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    كيف نعالج السهو في الصلاة ؟.. عالم أزهري يوضح    إزالة 9 مخالفات بناء في حملة بالعريش    في 5 خطوات.. طريقة تنظيف الثلاجة والتخلص من الروائح الكريهة بسهولة    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب في سيارة تحمل كرتون مضغوط بالمنوفية    أحكام الحج والعمرة (1).. علي جمعة يوضح شروط ووجوه أداء العمرة    علاء عبد العال: بيراميدز فرط في الصدارة.. والأهلي الأقرب لحسم الدوري    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة فتاة لخطف طفل بالدقهلية    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    الهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال يستهدف بشكل متعمد المراكز الطبية في غزة    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    فصل التيار الكهربائي عن 5 مناطق بالعريش غدًا.. تعرف عليها    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    «مأزق جديد».. بيراميدز يدرس عدم خوض مباراة سيراميكا ويلوح بالتصعيد    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    أشرف العربي: رغم التحسن الملموس في أداء التنمية في مصر إلا أنه لازال أقل من المأمول    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم مغلوط تم تصديره من حرافيش نجيب محفوظ وأفلام العشوائيات
"ثورة الجياع" ..عملة سياسية مضروبة !
نشر في آخر ساعة يوم 26 - 02 - 2013

أما ما يذكره التاريخ حول ثورة الجياع في مصر القديمة في عهد الملك بيبي الثاني فنفس التاريخ لم يجعل هذا الجوع كل أسباب الثورة التي قامت بعد سيطرة الولاة علي موارد الدولة والفساد الذي جعل طبقة قليلة من البشر تمتلك النفوذ والإرادة وتعاقب من يتجرأ علي الاقتراب من دائرتهم المغلقة، وهو ما يجعل ظروفها تتشابه مع ثورة 1952 وثورة يناير 2011.
وبحسب ما يذكر الباحثون فقد "كان لطول مدة حكم الملك بيبي الثاني أثره في ضعف الأسرة ، فنجد أنه في النهاية بسبب كبر سنه غير قادر علي كسب طاعة أمراء الأقاليم الأقوياء الذين زادت سلطتهم ولم يدينوا بالولاء للملك وامتنعوا عن دفع الجزية وظهر عدم الاستقرار وعدم الأمن فسادت الفوضي في كل مكان وأهملت القوانين وانهار الصرح الاجتماعي وطرد الموظفون من وظائفهم وزاد السلب والنهب"
"وبدأت المأساة بضعف الملك بيبي الثاني لعجزه وطعونه في السن وذهوله عما يجري حوله وتسليمه بأكاذيب المنافقين من حوله، فاستقل حكام الأقاليم بأقاليمهم واستبدوا بالأهالي، فرضوا المكوس الجائرة ، ونهبوا الأقوات، وأهملوا أي إصلاح للري والأرض، وانضم اليهم الكهنة حرصا علي أوقافهم، يبيحون لهم بفتاواهم الكاذبة كل منكر، وبلغ الياس غايته، فلا حاكم يعدل، ولا قانون يسود، ولا رحمة تهبط، فانطلقت الدعوة للعصيان ومحاربة الظلم بالقوة، وسرعان ما استجابوا إلي النداء، فحطموا حاجز الخوف والتقاليد البالية، ووجهوا ضرباتهم القاتلة إلي الطغاة والظالمين، وسرت النار المقدسة إلي جميع البلاد وانطلقت قذائف الغضب الأحمر علي الحكام والموظفين ورجال الدين والمقابر."
وإذا كان الأدب قد تعامل مع الحرافيش علي أنهم مجرد بذور لثورة الجياع كما حدث في روايات نجيب محفوظ، وصنع منهم يوسف شاهين وتلميذه خالد يوسف مادة ثرية للهياج والقفز من حالة الكمون والرضوخ إلي الطفو علي السطح والتمرد لإملاء شروطهم، فالواقع يقول إن الفقر هو ما تستعمله السلطة لكسر الإرادة وإلهاء الناس في إشباع بطونهم مما يمكنهم من قيادتهم وبالتالي السيطرة الكاملة علي البلاد في الوقت الذي تصور فيه المعارضة علي أنهم مجرد أشخاص يهددون استقرار الوطن ويعيقون التنمية وبالتالي فإن الناس تنقم علي المعارضة وتثور عليها!
والآن هل يمكننا مراجعة مصطلح "ثورة الجياع" الذي تم تصديره من الفن إلي السياسة وتم التعامل معه بدون مناقشة وكأنه مسلمة لا تقبل التفاوض؟
تقول الناشطة السياسة والروائية الدكتورة هويدا صالح مدرس علم الجمال بجامعة 6 أكتوبر : مداومة البعض علي التحذير من ثورة جياع قادمة، وفزعوا المصريين من قربها لمجرد وجود أزمة اقتصادية، ونسوا أن أكبر دول العالم تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة, ولم نسمع أن أحداً في تلك الدول حذر من حدوث ثورات جياع فيها فعلي سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية أقوي وأغني دولة في العالم تعاني من أزمة اقتصادية حقيقية نتيجة تجاوز ديونها 16 تريليون دولار هذا الحجم الهائل من الديون جعلها أكبر دولة مدينة في العالم وأوصلها إلي حافة الهاوية المالية التي تم الإعلان عن تداركها في الوقت الضائع بالاتفاق بين الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وبين رئيس الكونجرس الجمهوري جون بينر لتفادي الخطر المحدق بالاقتصاد الأمريكي.
وتتساءل: متي بدأ طرح هذا المصطلح؟ وهل عانت مصر قبلا من ثورة جياع؟
وتجيب: مبدئيا مصر لم تعرف ثورات الجياع في تاريخها إلا مرة واحدة في مصر القديمة، حيث ثار الناس علي الملك بيبي الثاني حين عمت الفوضي والفقر البلاد، ومنذ ذلك التاريخ القديم لم يحدث أن ثار المهمشون ضد أوضاعهم الاقتصادية حتي يمكننا أن نتحدث عن ثورة جياع. لكن هذا المصطلح طرح في الفن والأدب، طرحه نجيب محفوظ في الحرافيش، وكذلك طرحه خالد يوسف في سلسلة أفلام "هي فوضي " و"دكان شحاتة" وحدث أن ارتحل المصطلح من فضاء التخييل لفضاء الواقع من أجل إرباك المشهد السياسي وتمرير خطابات سياسية بعينها، فكان أول من استخدمه الإخوان المسلمون حين أرادوا تمرير مصالح سياسية معينة بداية من استفتاء مارس 2011 وانتهاء بالاستفتاء علي الدستور الأخير، فسيف الانهيار الاقتصادي والإفلاس وثورات الجياع هو ما يرفع في وجه المعارضة. صار هذا التهديد الاقتصادي المغلف بغطاء اجتماعي هو السيف المسلط علي رقبة المعارضة حتي يتراجعوا عن مطالب الحرية والديمقراطية.
وتم تسويق المصطلح للعامة حتي يزيدوا من كرههم للمعارضة، فالمعارضة هم ضد الاستقرار ، ضد الفقراء ، بل وصل بهم الأمر إلي وصف "جبهة الإنقاذ الوطني" بأنها جبهة خراب مصر وإلي آخر هذه الاتهامات الباطلة كنوع من التضليل للعامة والبسطاء حتي يكرهوا كل من يقول لا في وجه النظام القائم، فكل من يريد أن يعارض هو ضد مصالح الفقراء.
وصل الأمر إلي حد أن كل من يقابلك في المترو أو في العمل أو في المحيط الاجتماعي عموما ويسمعك تتحدث عن أن الثورة مستمرة، أو لم تحقق أهدافها إلا ويتهمك بالسعي لخراب البلد والعمالة.
وتؤكد هويدا أن المجتمع المصري رغم كل ما يعانيه من أزمات عبر التاريخ لم تقم فيه ثورة جياع. ورغم ما حدث أيام الانفلات الأمني بعد 28 يناير 2011 حين سقطت الشرطة المصرية وأصبح الناس مسؤولين عن حماية المجتمع ، لم نسمع عن أي حوادث سرقة أو نهب أو اجتياح لتجمعات الأغنياء مثلا. لم نسمع بأي حوادث سرقة منظمة، رغم أن العشوائيات في مصر تعيش في تداخل مع المناطق الثرية، فنجد أهل بولاق أبو العلا مثلا يعيشون بالقرب من الزمالك والسيدة زينب بالقرب من جاردن سيتي وأرض اللواء بالقرب من المهندسين وهكذا لم نسمع عن حواث تنبئ بما يخوفون الناس منه.
تتابع: هذا الخطاب الغرض منه تمرير مصالح سياسية تعطل مسيرة الديمقراطية ، وكذلك تشويه الثورة والثوار في نظر العامة والفقراء.
ومن الخطير الترويج له، لأننا بهذا نروج لسيناريو قد يصيب السلام الاجتماعي في المجتمع، ماذا لو اتخذه البلطجية أو الخارجون علي القانون ذريعة وبدأوا ينظمون هجمات ممنهجة ضد الدولة أو المصالح الخاصة للناس ؟ ألن يكون لديهم مبرر جاهز نحن نعاني اجتماعيا وثورتنا ثورة جياع ؟!
ويصف الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي الحديث حول ثورة الجياع بأنه استثمار سلبي لما يحدث حولنا، ويشير إلي أن ثورة يناير هي لحظة تاريخية في مصر شعر فيها كل مواطن بقيمة نفسه، وانتبه جيدا لما يحدث من ظلم تعرض له، وسرقة طالت ممتلكاته، واستبداد وفساد عاش فيه.
ويحذر من أن الأحداث إذا لم تستوعب طاقة الإنسان المصري وآماله وطموحاته وأحلامه فلا أحد يدري كيف ستجري الأمور.
ويضيف: المصري اليوم ليس هو المصري قبل 25 يناير، وهذا لم يصل جيدا إلي المجلس العسكري الذي حكم البلاد في الفترة الانتقالية أو السلطة الحالية التي لم تستوعب تغيرات وفتح مصر علي كل الاحتمالات.
أما الاعتقاد بأن الإنسان المصري سيصبر دون أن تتوافر لديه معلومات عما جري من سرقة للبلاد فهذا استهبال واستهتار. وطالب عبد الله بشراكة حقيقية للمواطن مع السلطة التي لابد أن تكشف له الأوراق كاملة وتطلعه علي الحالة كما هي وتقتسم معه القرار.
الناس الآن تشعر بوجودها، ودون استيعاب لطاقتهم لن يتم شيء، أما الحديث حول ثورة الجياع فهي تصورات خائبة فالمصريون صبروا سنوات طويلة علي الجوع، ولكن الوضع تبدل الآن لأن الحرية أعطتهم الإحساس بالقيمة وهو ما يعني أهمية استثمار هذه الروح وإدخالها في الخطط ودوائر صنع القرار، والشراكة في المعلومات فضلا عن أن ثورة يناير كانت خليطا جمع بين كل الطبقات ولم تقتصر علي فئة دون الأخري.
"المصريين جعانين من 60 سنة ومفيش مشكلة" لكن المشكلة الحقيقية أن تصل الأمور إلي الاستهانة دون معرفة ما يحدث بالظبط، وبعد تسوية المديونيات يصبح من قامت الثورة ضدهم هم نجوم المرحلة!
نحن أمام معطيات يجب أن نعرف كيف نستثمرها، أما النظر إلي الفقراء كأنهم مجرد أفواه جائعة ومفتوحة فهذا اختزال للإنسان المصري الذي أصبح الآن لديه ما يقدمه للوطن من طاقة يجب وضعها داخل المنظومة بدلا من التعامل معه علي أنه مجرد مستهلك ينتظر ما تمن به عليه أمنا الدولة.
ويضرب الدكتور أحمد عبدالله مثالا بحالة الغياب الأمني التي أعقبت انسحاب الشرطة وكيف لم يستغل الفقراء الوضع فقاموا بحماية المنازل والمنشآت فلم تحدث حالة سرقة أو اغتصاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.