في البحث عن أسباب التطرف والأفكار التكفيرية وجماعات الإرهاب. توجه الاتهامات غالباً إلي الدعاة وفشلهم في نشر صحيح الإسلام الوسطي السمح.. المشكلة انه نادراً ما يهتم أحد بالبحث عن هموم ومشاكل الدعاة ويفتش عن معاناتهم وكيف يقومون بدورهم في ظل ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة وأيضا مع استمرار مشاكل التفتيش الرقابي بوزارة الأوقاف وانتشار الفساد في العهود السابقة. "الجمهورية".. يفتح ملف الدعاة.. وكيف نجعلهم متفرغين للدعوة وكيف نسد العجز في أعدادهم.. وهل قصر الخطابة علي الأزهريين يحل المشكلة أم يعقدها.. ولماذا يلمع نجوم الفضائيات رغم انهم ليسوا من خريجي الأزهر؟.. الشيخ عيد عبدالحميد يوسف خطيب المسجد الأزهر والمشرف علي الجامع الأزهر.. يقول: الداعية يبدأ يومه في المسجد قبل صلاة العصر بشكل رسمي. أما قبل ذلك فيتولي المسجد في صلاة الظهر مقيم الشعائر أو المؤذن إن وجد وفي صلاة الفجر يتولي المهمة وإمامة الناس أحد الأهالي من الحافظين للقرآن الكريم نظراً لنقص عدد الدعاة. تفرغ الدعاة يضيف: ان الوزارة حرصت علي هذا التوقيت لأن الدروس تبدأ عادة بعد صلاة المغرب.. ومن هنا فإن الداعية أو أمام المسجد يختلف عن الموظف العادي في ميعاد عمله.. وفي بعض المساجد الكبري يوجد اثنان من الأئمة يمكنهما أن يتبادلا شعائر الأذان والصلاة. ومعظم الدول الإسلامية تحرص علي أن يكون سكن الإمام في المسجد لأداء هذه المهمة الجليلة.. وماذا يفعل الإمام كما يحدث معي. إذا كان مسكنه في حدائق القبة؟ ويستطرد قائلاً: خرجت علي المعاش في سن الخامسة والستين لأنني خريج الأزهر علي النظام القديم أما الآن فجميع الخريجين مثلهم كبقية موظفي الدولة يخرجون علي المعاش في سن الستين. وتضطر الوزارة للاستعانة بهم لإلقاء الخطبة والدروس لوجود عجز كبير في المساجد مقابل مكافأة حوالي 200 جنيه.. ولذلك طالب فضيلة الشيخ أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق بمد سن المعاش لإمام المسجد حتي يصل إلي السبعين لعلاج هذا العجز.. لأن الإمام كلما زاد سنه زاد علمه وخبرته.. ويؤكدان: شباب الأئمة معذورون لأنهم لا يتقاضون الأجر المناسب الذي يغنيهم عن العمل في أماكن أخري فلا يستطيعون شراء الكتب للاطلاع وليس لديهم الوقت للقراءة فيكون علمهم محدوداً وسلوكهم يتغير بتغير الأماكن التي يتردد عليها للعمل.. لذلك نفتقد كثيرا للإمام القدوة. تجفيف منابع الفساد في المنوفية.. يقول الشيخ حسين حبيب إمام مسجد السادات: أنا أول من طالبت بفكرة مد سن المعاش للسبعين لأئمة المساجد لوجود عجز شديد في الأئمة والخطباء وطالب بوضع تشريع قانوني ينظم هذه المسألة للعاملين الفنيين بالمساجد وخدمة الدعوة.. بدلاً من الاستعانة بهم بعد ذلك بمكافأة 200 جنيه فقط! ويضيف: لنا طلبات مهمة قبل الشروع في سن قانون للأئمة وأهمها حصانة الإمام الذي يتعرض كل يوم للبلطجية ويتم الاعتداء عليه وهو في أقدس مكان دون خجل أو حياء أو احترام لحرمة المسجد فأين تعظيم شعائر الله؟.. "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب". ويؤكد أنه: لابد من عمل شامل لخدمة المسجد والدعوة أساسه الرقابة والتقويم عن طريق التفتيش علي المساجد وتفعيل الشئون القانونية في الوزارة واستحداث تشريعات جديدة لتيسير العمل داخل إدارة التفتيش لأنها غير مفعلة مما أدي إلي عدم تجفيف منابع الفساد داخل وزارة الأوقاف. ويشير الشيخ إلي: ان قطاع التدريب مهم جدا. وللأسف لم تنظم دورات تدريب تأهيلية حقيقية للأئمة منذ حوالي 15 سنة عندما كان يتم تكليف الأئمة الكبار لتدريب الخطباء عملياً علي الإمامة والخطابة.. وقد ألغيت هذه الدورات واستبدلت بدورات أخري مثل تنظيم الأسرة ومسميات لا علاقة لها بالتدريب الحقيقي علي الخطابة. ويضيف: إن جهاز وزارة الأوقاف الرقابي مهلهل ومعظم أئمة المساجد لا يحضرون إلا خطبة الجمعة ودفتر الحضور والانصراف في المساجد مشاع وهذه مشكلة كبيرة تؤثر علي الدعوة والدعاة. ويقول الشيخ حبيب: ان الإمام يحتاج إلي كادر مالي وإداري يمكنه من الاعتماد علي نفسه وتثقيف نفسه علمياً. حتي لا يضطر إلي ممارسة عمل آخر ليكفي حاجة أسرته.. وطالب بعمل امتحان تحريري وشفوي لجميع الأئمة قبل الالتحاق بالعمل الدعوي. وتفعيل الدورات التدريبية عن طريق مواد علمية ممنهجة وإنشاء أكاديمية لتخريج الأئمة وتحسين مستواهم العلمي والأدبي والاجتماعي ثم بعد ذلك اسألني عن أخلاق الإمام. الجمعيات الدينية الشيخ أحمد حجاج إمام مسجد الحامدية الشاذلية يشيد بالقرار الخاص بالاعتماد علي الأزهريين فقط لإمامة المساجد.. ويقول: إن الأزهر كفيل بسد هذا العجز ولكن الأهم هو توحيد الخطاب الديني الذي يمكن أن يضبطه الأزهر فقط حتي لا يقع الناس في بلبلة تؤدي إلي تعسير الدين علي الناس. مشيراً إلي ضرورة حل مشاكل الجمعيات الدينية ومنها الطرق الصوفية مع الأوقاف.. ويضيف أن جميع الأئمة مكلفون من قبل وزارة الأوقاف ولكن لا علاقة لهذا ببعض المشاكل المثارة من وقت لآخر بين الجمعيات والوزارة. مؤكداً أنه: لابد من احترام الزي الأزهري وعدم التعرض إليه عن طريق الإعلام أو غيره.. ولكن مسألة مد سن المعاش قد تحرم الشباب من التعيين والحصول علي دوره القيادي في الدعوة.