الحمد لله ان الأغلبية في لجنة الخمسين من الليبراليين الحريصين علي مستقبل البلد.. فالدستور هو مستقبل البلد.. فالقوانين تتغير ولكن الدستور باق.. أو هكذا المفروض في كل بلد ديمقراطي عريق. لقد فرضت الأغلبية الليبرالية نفسها علي اللجنة مرتين.. كانت المرة الأولي حينما اختاروا عمرو موسي رئيسا للجنة رغم ان منافسه رجل قانون بل نقيب المحامين ومهمة اللجنة قانونية ولكن أغلبية اللجنة رفضت "الناصرية" والعودة ستين عاما إلي الخلف!! وكان المكسب الثاني للأغلبية الليبرالية هو الغاء مجلس الشوري رغم أنف الاقلية التي تريد اتساع نطاق المجاملة للبقاء في مناصب شرفية لها مرتبات عالية وبدلات كثيرة وسفريات أكثر والبلد مدين لشوشته!!! البلاد ذات الغرفتين البرلمانيتين مثل مصر بالذات لسنوات طويلة قبل ثورة يوليو ومثل انجلترا ايضا ذات مجلس اللوردات بجوار مجلس العموم.. الحكمة من الغرفة الثانية وكان اسمها مجلس الشيوخ هي وجود مجلس لكبار العلماء والسياسيين والمفكرين الذين من حقهم "فرملة" أي شطط أو خطأ من مجلس النواب المكون من شباب خاضوا الانتخابات واستطاعوا النجاح علي عكس مجلس الشيوخ وفيه نسبة كبيرة من التعيينات لكبار القوم ثم العدد المنتخب قليل لضم دوائر مجلس النواب حتي يكون عدد المنتخبين في مجلس الشيوخ ثلث عدد النواب أو أقل. تعالوا نتصارح ونسأل أين كبار السياسيين في مصر الآن؟ لقد قضت عليهم الثورة غير المباركة منذ عام 1952 في بدايتها.. ثم في ظل مخابرات صلاح نصر والسجن الحربي لحمزة البسيوني ومقبرة الواحات كل من يرفع رأسه - ورحم الله شهدي عطية - لم يكن ممكنا ظهور رجال سياسة أو مفكرين أو مبدعين فتح أنور السادات الباب لتكوين الأحزاب منذ أكثر من ثلاثين عاما فهل ظهرت احزاب سياسية وحتي اجتماعية أو اقتصادية لها وزنها أولها صدي في الشارع أو حتي في الحارة!! ثم طوال سنوات مجلس الشوري هل ظهر مصطفي مرعي جديد يرفض تصليح يخت المحروسة علي نفقة الحكومة لأن هذا اليخت لم يعد يستعمله سوي الملك فاروق. إذن عليه أن يقوم هو بإصلاحه علي نفقته رغم ان يخت المحروسة قطعة من اسطول مصر البحري والحكومة ملزمة باصلاحه!! ولكن مجلس الشيوخ رفض.. هل ظهر في مجلس الشوري طوال سنواته محمد خطاب بك جديد يرفض طلب الخاصة الملكية اقراضها مبلغا من المال مقابل رهن أرض الملك الزراعية الشاسعة بعد أن تم صرف ما تملكه الخاصة الملكية ورصيد الملك الخاص نظرا للحفلات والولائم التي أقيمت في طول البلاد وعرضها لكل الناس احتفالا لمولد ولي العهد الجديد أحمد فؤاد الثاني عام 1951 ولولا قبول مدير أحد البنوك الأجنبية العرض الملكي واقرض الملك ما يريد مقابل الرهن لكان موقف السراي في منتهي الحرج.. هل عندنا الآن رجال من هذا النوع؟ هل عندنا الآن عباس محمود العقاد الذي يقف بطوله الفارع وبلاغته التي لا ينافسه فيها أحد ويقول: سنحطم أكبر رأس في البلد؟!.. هل اتخذ مجلس الشوري طوال تاريخه قرارا يذكره الناس.. أم انه صورة طبق الاصل من مجلس الشعب مجلس موافقون موافقون؟ اقترح البعض اطلاق اسم مجلس الشيوخ علي مجلس الشوري وأنا أرجوهم واتوسل إليهم ان يتركوا ذكري المجلس العظيم في أذهان الكبار وكتب التاريخ.. الموضوع ليس اسما بل اعضاء مأهلون لحمل هذا الاسم الكبير وليس لدينا الآن هذا النوع من الأعضاء!! برافو الغاء مجلس الشوري.. في انتظار الغاء بدعة خمسين في المائة عمال وفلاحين!! العالم ضحك علينا بما فيه الكفاية!!