1⁄4 "بلاش نضحك علي نفسنا وعلي الناس".. لا توجد في الدول المسماة زوراً وبهتاناً أو تأدباً "نامية" مظاهرات سلمية.. ولا تجمعات سلمية. ولا تعبير سلمي عن الرأي.. ولا يوجد ما نسميه الحوار المجتمعي. "هو فيه مجتمع علشان فيه حوار؟!".. لا يجتمع الناس عندنا ولا يتزاحمون إلا علي شر.. ولا يجمعون إلا علي باطل.. ولا يتعاونون إلا علي الإثم والعدوان.. ليس عندنا تعاون علي البر والتقوي.. وإنما هو دائماً تعاون علي الكراهية. والانتقام والعنف والخراب.. الناس في بلدي "إيد واحدة" في التخريب والتدمير والهدم. صرخ بها الفاروق عمر رضي الله عنه عندما رأي حشوداً وتزاحماً حول رجل يؤخذ في ريبة. أو يقام عليه حد حين قال: لا مرحباً بتلك الوجوه التي لا نراها إلا في شر.. وهذا قول في عز فتوة وعنفوان الدين الحق.. فماذا نقول اليوم. وقد عاد الإسلام غريباً كما بدأ غريباً؟!.. لا اجتماع إلا علي الشر.. لا تعاون ولا تجمعات ولا مظاهرات إلا علي الإثم والعدوان والعنف "والقرف". قومنا يلبسون الحق بالباطل. ويكتمون الحق وهم يعلمون.. يأكلون ويشربون كما تأكل وتشرب الأنعام.. يستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير.. يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق.. قست قلوبهم فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة.. يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.. يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً.. نقضوا الميثاق فلعنهم الله وجعل قلوبهم قاسية.. قسوة قلوبنا لعنة من الله علينا.. وغضب منه سبحانه وتعالي.. لا سماحة ولا لين ولا رفق.. خرج الرفق ونُزع من كل أعمالنا فأصبحت "شين".. شائنة مشينة.. والله تعالي لا يصلح عمل المفسدين.. اتخذنا دُعاتنا ووُعاظنا أرباباً من دون الله.. أطعنا سادتنا وكبراءنا وقادتنا ومرشدينا. فأضلونا السبيل.. نحن متدينون ضد الدين.. ومسلمون ضد الإسلام.. نحن بلا أدني شك وبلا أي جدال. بنو إسرائيل الحقيقيون.. أما هؤلاء الذين سكنوا فلسطين وسموا دولتهم إسرائيل. فهم "حرامية تاريخ وجغرافيا وأنساب".. ولا علاقة لهم بإسرائيل وليسوا بنيه.. نحن المصريين بنو إسرائيل.. نفس رذائل بني إسرائيل ونقائصهم وعنجهيتهم وثرثرتهم ومراوغتهم "وصياعتهم" ومخادعتهم لله.. ولا تزال تطلع علي خائنة منا.. ولا نصبر علي طعام واحد. حتي إذا كان المن والسلوي.. تدعوهم إلي النجاة ويدعونك إلي النار.. لا يوجد بلد في العالم فيه هذه الثرثرة والجدال واللغط سوي مصر.. نفس رذيلة بني إسرائيل.. نفس الحوار المجتمعي حول البقرة. وما لونها. وما هي.. وتشكيل لجان لتقصي الحقائق حول البقرة لأن البقر تشابه علينا.. "ونصعبها علي أنفسنا زي بني إسرائيل".. ويضيع الوقت ويفوت الأوان. ونذبح ألف بقرة "وتطلع مش هي".. ونصوغ ألف دستور "ويطلع مش هو".. ونسن ألف تشريع "ويطلع مش هو".. وكل مصري فرعون صغير يقول لمن حوله: ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد "مين الحمار اللي كتبلك الدوا ده؟!.. مين الحمار اللي شار عليك بالرأي ده؟!".. "اسمع نصيحتي. ما أريك إلا ما أري. وما أهديك إلا سبيل الرشاد". إلي متي؟!.. الله وحده يعلم.. إلي متي نري سبيل الغي. فنتخذه سبيلاً. ونري سبيل الرشد فلا نتخذه سبيلاً؟!.. مضبوطون مثل ساعة "بيج بن" علي الغي والفساد والسوء.. أوتينا عبقرية الشر والكراهية وغباء الحب والخير.. أذكانا أكثرنا شراً.. أقدرنا علي قيادة الناس وإقناعهم. أكثرنا فساداً وحقداً وإرهاباً.. نختار الأسوأ في كل شيء.. اللصوص والخونة والبلطجية والسفلة هم سادة المشهد ونجوم الوطن.. بنو إسرائيل لا يجتمعون إلا علي شر منذ اجتماعهم يوم الزينة ليتبعوا السحرة. لا ليتبعوا الحق.. منذ استخفهم فرعون فأطاعوه.. بنو إسرائيل عبدة الأشخاص.. وعبيد المأمور "اللي يغلب احنا معاه".. حتي إذا كان الغالب علي باطل.. "احنا مع اللي ياخدنا بالصوت أو بالسوط". الغلبة عندنا للغوغاء.. وتجمعاتنا تجمعات غوغاء.. ومظاهراتنا مظاهرات بلطجية.. وحوارنا حوار طرشان.. ورؤيتنا رؤية عميان.. "وأنا قلتلك الحل قبل كده".. إذا أردت أن تنجو.. إذا شرَّق الناس. فغرب.. وإذا تيمنوا فأشمل.. وإذا علوا فاهبط.. وإذا هبطوا فارتفع.. وإذا أجمعوا فخالف.. وإذا قربوا فابتعد.. وإذا ابتعدوا فاقترب.. "شوف القطيع رايح فين وامش عكسه".. خالفهم تسلم.. السلعة التي عليها إقبال اجتنبها. فهي مغشوشة ومضروبة.. الفيلم "اللي مكسر الدنيا".. لا تشاهده. فهو تافه وحقير "وسبكي".. المرأة التي يحبها ألف رجل ساقطة.. إذا أجمع من حولك علي ترشيح فتاة لك فلا تتزوجها.. أواخر الطلبة في نظامنا التعليمي هم الأعظم والأذكي. وأوائلهم هم الأغبي.. الفائز بأعلي الأصوات هو أسوأ المرشحين وأكثرهم فساداً.. لا تغرنك الكثرة. فهي غثاء السيل.. ولا يخدعنك الإجماع. فهو إجماع غوفاء قائدهم الشيطان.. أنت من بني إسرائيل فاحذر إجماعهم وأغلبيتهم وشرعيتهم ومظاهراتهم واعتصامهم.. لا خير في هذا كله.. الذي يتم اختياره ليقود أو ليتولي منصباً دائماً هو الأسوأ.. نحن مضبوطون علي أن نتصرف ضد أنفسنا!! **** لا حرية لأحمق. ونحن حمقي.. لا رأي لسفيه ونحن سفهاء.. "شفت في الدنيا بلداً حكامه أضعاف محكوميه؟!".. إذا رأيت ذلك فاعلم أنك "أكيد.. في مصر".. إذا رأيت بلداً رؤساؤه أضعاف مرءوسيه. فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت ظالماً في ثياب مظلوم فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت حيوانات تطالب بحقوق الإنسان. فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت بلطجية في ثياب ثوار. فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت إرهابيين في ثياب أتقياء ورعين. فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت مفسدين يرتدون أقنعة المصلحين. فأنت بالتأكيد في مصر.. إذا رأيت "نسواناً مسترجلات ورجالاً متنسونين. فأنت بالتأكيد في مصر". "هو فين الإنسان ده علشان تبقي له حقوق؟!".. ليس في الإسلام ما يسمي حقوق الإنسان.. في الإسلام واجبات ومسئوليات الإنسان.. والمسئولية والواجب هما الفرق بين الإنسان والحيوان.. الحيوان له حقوق. ولكن ليست عليه واجبات ومسئوليات.. ونحن نريد حقوق الحيوان. ولا نريد مسئوليات الإنسان وتكاليفه.. لا حق لمن لا يؤدي واجبه ويتحمل مسئولياته.. حتي القوامة.. قوامة الرجل علي المرأة في الإسلام مسئولية وواجب.. لكن الرجال يعتبرونها حقاً.. لأننا مضبوطون علي السلوك الحيواني.. نأكل ونشرب ونمارس الجنس كما تفعل الأنعام.. نحن نطالب بالحرية بوصفها حقاً.. لكن الحرية في الإسلام واجب ومسئولية.. نحن نريد حرية الحيوان في إفساد الزرع وقضاء الحاجة في الطريق العام.. والبرطعة والركل وممارسة الجنس علي قارعة الطريق وقطع الطرق وتخريب المنشآت وإلقاء القمامة في الشوارع.. نريد حرية البقر. لا حرية البشر.. نريد حرية المجانين والحمقي والسفهاء. لا حرية المكلفين.. ولو علمنا ثقل الأمانة والحرية لرفضناها. لكن الإنسان ظلوم جهول. الحمقي والسفهاء هم الذين يعتبرون المناصب تشريفاً ويوزعون الحلوي والشربات إذا تولوا.. والعقلاء هم الذين يهربون من الولاية ويفرون منها كما يفر الصحيح من الأجرب.. وقد قيل إن الوضعاء والسوقة هم الذين ترفعهم الولاية ويضعهم العزل.. والكرام والسادة والمتقون هم الذين لا ترفعهم الولاية ولا يضعهم أو يضرهم العزل.. وقيل إن الأقزام يتطاولون بالمناصب.. والعمالقة تعلو بهم المناصب.. ونحن في زمن وبلد الأقزام فكرياً وعقلياً. والمتخلفين ذهنياً.. نحن في زمن القادة المنغوليين. والرؤساء المبتسرين. ليس هناك ما يسمي حق التظاهر.. فلا حقوق للسفهاء.. والمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات لا يحتشد فيها إلا السفهاء. والغوغاء والسوقة "والصيَّع" والنكرات الباحثون عن دور.. والقبيضة الذين يعتبرون المظاهرات سبوبة ومصدر رزق.. لا يحتشد فيها إلا النشالون والمتحرشون "والنسوان" الباحثات عن الحرام في غلاف حلال.. وعن المحظور في طبق المباح.. المظاهرات والتجمعات صارت المكان الأنسب للمواعيد الغرامية. أو ما يحلو لي أن أسميه الجنس السياسي.. أو ما يسمونه هم نكاح الجهاد.. أو ما أسميه أنا أيضاً غرام الخيام!!.. لا خير في تجمعاتنا.. بل الخير كل الخير في تفرقنا. كما قال سيدنا عبدالله بن العباس رضي الله عنهما فقد أطلق صرخة مدوية مثل صرخة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال سيدنا عبدالله: اجتماع الغوغاء شر.. وتفرقهم خير.. فقالوا: علمنا الشر في اجتماعهم.. فما الخير في تفرقهم؟!.. قال: يذهب كل إلي عمله.. الصانع إلي مصنعه.. والكواء إلي دكانه.. والتاجر إلي متجره.. فيكون الخير والرواج.. ومعني ذلك أن تجمعاتهم ومظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية ليست سوي تجمعات "صيَّع".. والغوغاء في اللغة أسراب الجراد. أو أسراب صغار الجراد.. وفي تجمعات الجراد دائماً "خراب مستعجل".. والمظاهرات والاعتصامات والتجمعات هي تجمعات أسراب جراد.. "يعني خراب" ودمار وهلاك.. هل يمكن أن يكون هناك خير في تجمعات الجراد؟!! **** زمان كنا نشكو ونتبرم من نفاق الأدني للأعلي.. نفاق المرءوس للرئيس.. والتلميذ للمعلم.. والسجين للسجان.. والحرامي للعسكري.. والمتسول للمتصدقين. والمحسنين.. فلما أصابتنا وكسة الخامس والعشرين من يناير.. أصبحنا كالرجل الأحدب الذي سقط في البئر. فلما خرج منها وجد حدبته قد زالت. واعتدل قوامه. ولكنه أصبح "أدر".. أي أصيب بتورم وتضخم خطير في خصيتيه. تصاحبه آلام لا تطاق.. فلما علم الناس بذهاب حدبته.. توافدوا عليه ليهنئوه.. فكن يقول لكل من يهنئه: لقد ذهب شر. وجاء ما هو شر منه.. وهذا بالضبط ما حدث لنا عندما سقطنا أو أسقطنا في مستنقع الخامس والعشرين من يناير.. ذهب شر وجاء ما هو شر منه.. ذهب نفاق الأدني للأعلي. وابتلينا بنفاق الأعلي للأدني. وهذا هو الذي سيعجل بتدمير المجتمع والوطن.. الدولة تنافق الشعب.. بل تنافق أسوأ الناس في هذا الشعب.. الرئيس يداهن المرءوسين "ممكن يشيلوه بمظاهرة". والمتظاهرون دائماً هم "الصيع".. والمعلم ينافق التلاميذ.. والسجان يداهن السجين. والعسكري يتملق الحرامي.. كانت مصر مقلوبة وعاليها سافلها قبل الخامس والعشرين من يناير. وصارت بعده أكثر انقلاباً.. فقد "نامت القوالب وقامت الأنصاف".. ورأينا أناساً خرجوا من مقالب القمامة كالحشرات ليقودوا المشهد كله ويتحكموا في مصير وطن كبير مثل مصر.. وأراد الأقزام أن يضيقوه ويفصلوه علي مقاسهم.. وأعادني هذا الذي نراه إلي قول أحد الأعراب: سلطان قاهر خير من سلطان مقهور.. وقوله: الخير للرعية أن يكون السلطان نسراً حوله الجيف.. لا أن يكون جيفة حولها النسور.. ونحن تحت رحمة الجيف في كل مكان وكل هيئة.. والمصريون الحقيقيون الذين يعشقون هذا الوطن مطحونون بين فريقين من البلطجية والغوغاء "فريق يأخذهم بالصوت.. وفريق يأخذهم بالسوط"!!! نظرة شعرت باختناق من التكدس المروري وتوقف الحركة تماماً في الشوارع.. رحت أبحث عن حل حتي وجدته.. الحل دائماً أن تحاول رؤية الوجه الآخر المشرق لأي حكاية أو مشكلة أو قضية.. كل شيء له وجهان.. وجه مر ووجه حلو.. المهم إلي أين تتجه عيناك؟!.. المهم ماذا تري أنت؟!.. ارتحت جداً لهذا الخاطر. وهدأت أعصابي وأنا أقول في "سري".. التكدس المروري وتوقف الحركة نعمة نحمد الله عليها.. توقف الحركة تماماً ينقذنا من أنهار دماء.. المجانين والإرهابيون في بلدي "علي قفا" من يشيل.. لا ينبغي أن تنساب الحركة ليطيروا بحرية ويقتلوا ويدمروا.. التكدس المروري لابد أن يكون حلاً أمنياً أمام الكنائس والمساجد والمنشآت!!.. لابد أن تكون حركة السيارات والدراجات النارية "بالعافية".. حتي لا يعمل "الإرهابي عملته" ويجري.. سيفكرون ألف مرة قبل الإقدام علي إرهابهم وجنونهم.. لا يمكن السيطرة الأمنية علي مدينة كالقاهرة إذا أتيح للمجانين والإرهابيين أن يطيروا في الشوارع بحرية وانسياب.. هدأت أعصابي وارتحت. وبدلاً من الغضب والانفعال وحرق الدم.. رحت أردد بصوت عال: "اللهم ديمها نعمة"... "لو سلكنا لهلكنا"!!!