مع أكبر تجمع في العالم.. احتضن عرفات الله نحو 4 ملايين مسلم يحملون 179 جنسية. جاءوا طلبا للتوبة والمغفرة. وذاب الجميع في مشهد مهيب.. الكل سواسية لا فرق فيه بين غني أو فقير. تجمعهم العبرات التي تغسل القلوب. والتكبيرات التي تهز الأفئدة وتجعل كل من لا يشارك في هذا الجمع العظيم. يشعر بأجمل غيرة في الوجود. حين يدعو المرء ربه أن يكتبها له وأن يزور بيته الحرام وينعم عليه بالوقوف فوق جبل الرحمة. وحين يستقبل لأول مرة الكعبة المشرفة فيهتز كيانه ويذوب في بحر الدموع.. حين يفعل ذلك. يكون قد تجرد من كل هموم الدنيا وشئونها وصراعاتها. ويهييء قلبه للاغتسال من كل حقد أوحسد أو كراهية. ويتوجه بعقله ووجدانه الي الله علي أمل أن يعود إلي أهله بريئا من كل ذنب كما ولدته أمه. هذا ما يفعله الحجاج وإلا ما الذي دفعهم الي السفر وتحمل ألذ مشقة في الوجود. وبالتالي فإن التساؤل المحير هو: ما الذي يجعل نفرا من الاخوان وهم وسط هذا المشهد المهيب وكأنه يوم الحشر العظيم. يفكرون في مرسي المعزول وتعليمات التنظيم الدولي المخبول برفع الشعار الماسوني الأصل لرابعة فوق جبل عرفات؟.. ألم يفكر كل منهم في أن مثل هذه السلوكيات يمكن أن تفتح الباب للجدل والخلاف.. ألم يفكر لحظة في أن السمع والطاعة للجماعة والتنظيم الدولي تجاوز هنا الطاعة لله حين خالف قوله تعالي "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج". وحين خالف الملايين المحتشدة حوله والتي تكبر في خشوع وترفع يد الضراعة إلي الله بينما هو يزهو بأصابعه الأربعة أمام الكاميرات ليحقق شأنا دنيويا تافها ويفقد الاحساس بأعظم لحظة يعيشها المؤمن الحق؟ أيضا.. ألم يفتح الله قلوب أعضاء الاخوان في كل مكان في هذه الأيام المباركة. ليتساءلوا بصدق عن حصاد الطاعة العمياء لمن يحرضونهم ضد بلدهم وشركائهم في الوطن.. كيف يقبلون علي أنفسهم لاسترداد سلطة زائلة أضاعها قادتهم بعنادهم وغبائهم. ان يروعوا الآمنين ويقطعوا الطرق ويخربوا الممتلكات ويتسببوا في قتل الأبرياء. وهم يعلمون جيدا عقوبة الافساد في الأرض كما جاءت صريحة في القرآن الكريم؟ ونحن في هذه الأيام المباركة أيام التضحية والفداء والتوبة والطاعة لله وحده.. ألم يفكر هؤلاء في الأطفال اليتامي والأرامل الثكالي والأمهات الحزاني الذين يبكون في هذا العيد بعد أن فقدوا أعز ما لديهم من الأبناء أو الآباء أو الأزواج سواء من رجال الشرطة والجيش أو الأهالي من ضحايا الارهاب والمواجهات الغبية في مظاهرات العنف أو حتي من أعضاء الجماعة ضحايا التحريض وغسل الدماغ والاستجابة لمن يدفعونهم للمشاركة في مؤامرة تخريب الوطن وإسقاط الدولة؟ وإذا كان من يطرح مثل هذه التساؤلات من الناس الطيبين الذين يحلمون أو يتعشمون في أن يتوقف هؤلاء لحظة عن الطاعة العمياء وعن العناد ورفض أي محاولة لإعادتهم إلي طريق الصواب أو حتي لا يكتسبوا كل يوم بسبب سلوكياتهم وتكدير حياة الناس وقطع أرزاقهم. المزيد من الكراهية.. إذا كان الأمر كذلك. فإن علي حكومتنا الرشيدة أن تقتدي بحزم الحكومة السعودية التي أعلنت أن من يرفع أي شعار أو ملصق سياسي. سيكون عقابه السجن 3 سنوات وعدم دخول المملكة 10 سنوات. وهو ما جعل حجاج الاخوان يتراجعون عن رفع ملصقات رابعة كما أمرهم التنظيم الدولي خوفا من العقوبة وربما استنادا إلي مبدئهم الانتهازي وهو "التقية" أو "الميكافيلية" العصرية أو الغاية تبرر الوسيلة. ومن هنا.. لابد أن تكمل الحكومة استجابتها المتأخرة جدا باعداد قانون تنظيم التظاهر. بتطبيقه بحزم فور إصداره من رئيس الجمهورية مع اقتراح بالتعهد باعادة النظر في بعض مواده بعد انتهاء المرحلة الانتقالية وذلك لقطع الطريق علي من يطالب بحوار مجتمعي حوله الي ما شاء ربه. وعلي من يتباكي علي حق التظاهر "السلمي" وكأنه لا يكفيهم 3 سنوات من المظاهرات والاعتصامات وتوقف عجلة الانتاج. ولا يكترثون بخطط الاخوان المعلنة بنشر الفوضي وضرب الاقتصاد وتركيع الوطن مع رفض أي مبادرة للتراجع والتوبة عما يفعلونه بحق بلدهم أو علي الأقل يفوضون أمرهم إلي الله العادل.. وذلك لأن إنقاذ مصر وتوفير حق العمل والعيش والأمان للملايين. أهم بكثير من حقوق الانسان المدلل كما يراها بعض النشطاء المرفهين.