لم يكن من يشغلني ويقلقني وأنا مع جنود مصر الأبطال علي جبهة القتال في حرب 6 أكتوبر 1973 المجيدة.. إلا كيف أرسل للجريدة الرسائل الصحفية التي أكتبها وأفلام الصور التي يلتقطها الزميل إبراهيم عمر كبير مصوري الجمهورية رحمة الله عليه كنت أعود إلي الضفة الغربية للقناة وأقوم بتسليم الرسائل إلي مندوب الشئون المعنوية ليقوم بإرسالها بدوره إلي إدارة الشئون المعنوية وترسل الجريدة سائقاً بموتوسيكل لاستلامها وتسليمها في الجريدة. كنا في شهر رمضان والجنود مصممون علي القتال وهم صائمون.. حتي المقاتل إبراهيم عبدالعال الذي أسقط وحده في أسبوع 18 دبابة أصيب بالحمي وارتفعت درجة حرارته فظل يرتعش ومع هذا رفض أن يفطر وأصر علي تسلق التبة العالية وقد التف في بطانية وواصل القتال مع المجموعة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وتضم الرقيب "الشاويش" محمد عبدالعاطي عطية شرف "صائد الدبابات وصاحب الرقم القياسي العالمي" الذي أسقط بمفرده "23 دبابة ام 60 وثلاث مجنزرات ومعهما الأبطال الشجعان شحاتة الهابط وعبده عمر ورفعت قلدس وجميل أرمانيوس وبيومي عبدالعال وإبراهيم حسين وبكر العادلي وياسين يحيي وصلاح شاهين والسادات فراج. قال لي المرحوم محمد عبدالعاطي الأسطورة.. لقد جن جنوننا عندما استشهد زميلانا صبحي يعقوب شنودة وجعفر محمد بيومي وهما يحضنان بعضهما في أول يوم للقتال.. غلت الدماء في رءوسنا وعروقنا وقررنا الانتقام لهما وكنا نتسابق في إطلاق الصواريخ علي الدبابات.. كنا نصطادها وكأنها عصافير مع أننا نتعامل معها بصواريخ مالوتكا صناعة روس قديمة مستهلكة كانت تستخدم في الحرب العالمية الثانية بينما الدبابات التي تهاجمنا أمريكية الصنع متطورة ومع هذا كانت متعتنا أن نسقط الدبابة بصاروخ واحد ونري علي مرمي البصر النيران تشتعل في الدبابات وأحياناً يخرج منها الجنود وهم يرفعون أيديهم في استسلام ويتم ربط أيديهم من الخلف وإرسالهم إلي الضفة الغربية لعرضهم علي مراسلي وكالات الأنباء العالمية الذين تمركزوا خلف مبني هيئة قناة السويس لتغطية الحرب. كان يقود هذه المجموعة كتيبة صواريخ فهد المقدم عبدالجابر أحمد علي قائد الكتيبة 35 فهد. كان يتقدم هذه المجموعة الشاويش محمد عبدالعاطي الذي توغل هو وإبراهيم عبدالعال وبيومي عبدالعال إلي موقع متقدم يبعد 14 كيلو مترا من خط القناة واتخذا من تبة عالية بجوار مبني قديم مهجور مركزاً لتجهيز صواريخهم ومن ورائهم صواريخ الدفاع الجوي تحميهم ومدافع أبوجاموس كما أسماها الجنود تصوب نحو الطائرات لمطاردتها. السادسة صباحاً يوم 9 أكتوبر أطلق عبدالعاطي صاروخاً واحداً اخترق دبابة واستقر في مجنزرة ودمرهما معا. عبدالعاطي الاسطورة من قرية شيبة قش مركز منيا القمح - شرقية مواليد ديسمبر 1950 ومات ديسمبر 2001 ولا أستبعد أن تكون إسرائيل وراء موته.