التحق محمد عبدالعاطى بالقوات المسلحة فى 15 نوفمبر 1969، وكانت البلاد تمر بمرحلة التعبئة العامة استعدادًا لمعركة العاشر من رمضان، لمحو عار هزيمة 1967، وانضم إلى سلاح الصاعقة، ثم إلى سلاح المدفعية، وتخصص فى الصواريخ وبالتحديد الصاروخ «فهد». كان وقتها من أحدث الصواريخ التى وصلت إلى الجيش المصرى، وكانت قوته التدميرية عالية، إلى جانب إمكانية الضرب به من على بعد 3 كيلومترات، ويحتاج الصاروخ «فهد» إلى حساسية عالية وسرعة بديهة، لذا كانت هناك اختبارات تتم للجنود قبل إلحاقهم بهذا السلاح، ونجح عبدالعاطى فى الاختبارات، إلى جانب نجاحه فى أول تجربة رماية فى الكيلو 26 بطريق السويس، وكان ترتيبه الأول، وتم اختياره لأول بيان عملى على هذا الصاروخ أمام قائد سلاح المدفعية اللواء سعيد الماحى، والتحق بعدها بالفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، وبدأت ساعة الصفر تقترب بالنسبة لعبدالعاطى فى 28 سبتمبر 1973 عندما طلب منه قائد كتيبته المقدم عبدالجابر أحمد أن يحصل على إجازة «48 ساعة» ليعود استعدادًا ليوم العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، وبدأ الجيش فى التقدم على مقربة من القناة، وبعد الضربة الجوية عبر الجنود الضفة الشرقية للقناة، وتمكنوا من الوصول إلى الطريق الأسفلتى العرضى، من القنطرة، إلى عيون موسى بمحاذاة القناة بعمق 70 كم فى اليوم الأول من المعركة. وفى يوم 12 رمضان 8 أكتوبر وكان يومًا حافلاً، عندما بدأوا بالتقدم لمباغتة العدو، هنا قرر العميد عادل يسرى قائد لواء النصر، دفع 4 أطقم فى اتجاه الشمال الشرقى، لتأمين دخول قوات المشاة وسد الطريق أمام أى قوة مدرعة تحاول الهجوم واحتلوا موقعًا منخفضًا لا يصلح للتصويب من خلاله، وكانت قوات العدو تتقدم بكثافة وكانت تضرب بأسلوب المسح العشوائى لإجبار أى قوة على التراجع، ورغم ذلك نجح عبدالعاطى فى اطلاق أول قذيفة، وأصاب أول دبابة، وأصاب زميله بيومى دبابة أخرى، وخلال نصف ساعة، كان رصيد عبدالعاطى 13 دبابة، وبيومى 7، ونتيجة لهذه الخسائر تراجعت القوات الإسرائيلية، واحتلت القوات المصرية أعلى الجبل. وفى اليوم التالى شن الإسرائيليون هجومًا جديدًا على الطريق الأسفلتى، ونجح عبدالعاطى فى تدمير 17 دبابة، وفى يوم 14 رمضان- 10 أكتوبر- فوجئ عبدالعاطى باستغاثة من القائد أحمد أبوعلم، قائد الكتيبة 34 التابعة للواء بعد أن هاجمتها 3 دبابات، وتمكنت من اختراق اللواء وضربها عبدالعاطى ودمرها ليصبح رصيده 30 دبابة إضافة إلى 3 مجنزرات. ومن المواقف التى كان يرويها عبدالعاطى لأولاده، ذلك الموقف الذى تجلى فيه نصر الله، والذى حدث فى يوم 13 رمضان فيقول: «كانت هناك مجنزرة تحمل 30 جنديًا إسرائيليًا، وكنت أحاول أخذ قسط ضئيل من النوم، فأيقظنى زملائى وصوبت مدفعى نحوها، وحدث شىء غريب، انطلق الصاروخ عكس اتجاه المجنزرة، وفقدت الأمل فى إصابة الهدف، إلا أن الصاروخ وبصورة مفاجئة تغير اتجاهه وأصاب المجنزرة ودمرها، وما زلت حائرًا حتى الآن فى كيفية حدوث ذلك «إنه نصر الله» (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). ويقول عنه ابنه أحمد «ضابط شرطة»: بعد الحرب التحق والدى بالعمل فى الإدارة الزراعية، وكان دائم الارتباط بالفلاحين، وكان يعشق تراب هذا البلد، ولا يتوانى فى خدمة من يحتاج إليه، وكان يختفى بالأيام ثم يظهر محملاً بالأوراق، فهذا لتخليص معاش طارئ، وهذا إعانة لمركز شباب القرية، وكان لا ييأس من اعتذارات بعض المسؤولين أو المقابلة الدبلوماسية التى لا يصل بعدها إلى أى نتيجة، وكان يطرق أبوابهم عدة مرات حتى ينهى أى تعثر، وكان دائمًا ما يقول: عاملوا الناس بأخلاقكم لا بأخلاقهم، وكان يحكى ذكريات الحرب ويقول: إن إسرائيل لن تحارب مصر إلا إذا مات جيل العاشر من رمضان، فيجب أن نحافظ على هذا الجيل ونحتفظ بخبراته، وكانت آخر أمنياته أن يحمل السلاح مرة أخرى فى وجه الصهاينة، ويتذكر ابنه الضابط غضبه من بعض شباب القرية لتشبههم بالأجانب، وإهمالهم الرياضة، وهو يقول لهم غاضبًا: «هل أنتم الذين ستعتمد عليكم البلاد فى المعارك القادمة»، يبقى أن نقول إن صائد الدبابات من مواليد محافظة الشرقية 1950 ولد فى قرية شيبة قش، وأصيب بغيبوبة الكبد وكانت أول مرة يدخل مستشفى للعلاج، وكان يتمتع بلياقة وصحة عالية، وتحسنت صحته، إلا أنه بعد خمسة أيام دخل المستشفى مرة أخرى واستمر علاجه بمستشفى الزقازيق لمدة أسبوعين وتوفى يوم التاسع من ديسمبر 2001 وهو فى عمر الحصاد 51 عامًا.