المحتضر هو من قرب من الموت. والزمن الذي يعيشه المحتضر يسمي بوقت الاحتضار. لحضور الموت. أو لحضور ملائكة الموت فيه. ويستحق المحتضر علي أهله وجيرانه وأصدقائه ستة حقوق في الجملة. الحق الأول : ملازمة المحتضر لمعاهدته وخدمته. وهذه الملازمة حق مسنون علي سبيل التأكيد عند الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة. لما فيها من البر والصلة. ولا تجب إلا بموجب شرعي كصلة رحم أو إنقاذه من ضرر أشد. ويري المالكية : أن ملازمة المحتضر فرض كفاية. تجب أولاً علي أقاربه. فإن لم يكونوا فعلي أصحابه. فإن لم يكونوا فعلي جيرانه. فإن لم يكونوا فعلي عموم المسلمين علي جهة الكفاية. لأن ملازمة المحتضر سبيل للوفاء بحقوقه. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيي بن سعيد عن نافع. أن سعيد بن زيد بن نفيل كان بأرض له بالعقيق علي رأس أميال من المدينة. فأتي ابن له عبدالله بن عمر غداة يوم الجمعة. فذكر له شكواه. فانطلق إليه وترك الجمعة. الحق الثاني : الرفق بالمحتضر. فقد أجمع الفقهاء علي أنه يستحب لأهل المحتضر ومن يخدمه : الرفق به. واحتماله. والصبر علي ما يشق من أمره. كأن يطمعه في رحمة. ويداويه بحب الحياة له. ويتقرب إليه بطلب الدعاء منه. لما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب. قال: "قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم". "إذا دخلت علي مريض فمره أن يدعو لك. فإن دعاءه كدعاء الملائكة". كما يستحب اختيار أحسن الكلام عند المحتضر. لأن ساعة الاحتضار من أوقات الإجابة. فقد أخرج مسلم عن أم سلمة. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إذا حضرتم الميت أو المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون علي ما تقولون". الحق الثالث : بذل ما في الوسع من أسباب العلاج والتداوي. لما أخرجه مسلم من حديث جابر. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لكل داء دواء. فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالي". وأخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء. علمه من علمه وجهله من جهله". وأخرج أبو داود عن أسامة بن شريك. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم". وللحديث بقية.