حرصت منذ بداية عملي بالصحافة عام 1980 علي الابتعاد ع العمل الحزبي خشية ان يؤثر ذلكپعلي ارائي ورؤيتي الموضوعية للأحداث او الشخصيات.. وطول مسيرة عملي التي تتجاوز ال33 عاما رفضت اغراءات متعددة للانضمام للحزب الحاكم. وقاومت ضغوطا تصل إلي حد التهديد احيانا للانضمام إليه. حدث ذلك قبل ثورة 25 يناير وما بعدها وبالطبع كانت هناك خسائر. ولكن بتوفيق الله لا ازال اتمسك بموقفي حتي الان. ويكفيني حالة التوافق مع النفس التي يفتقدها الكثير من الاعلاميين والصحفيين والكتاب والموضوعية من وجهة نظري تعني ان يقف الكاتب او الصحفي أو الاعلامي علي مسافة واحدة من جميع الاطراف المرتبطة بقضية ما او اي حدث. والحد الادني منها ألا نغفل حقوق الاخرين حتي ولو كانت رؤيتنا تصطدم مع توجهاتهم.. وهذا لا يعني ان يكون الصحفي سلبيا دون لون او طعم أو رائحة. بل بالعكس لا بد ان يكون لكل انسان رؤية في الحياة يؤمن بها ويدافع عنها. وتصبح هذه المسألة ضرورة لدي الكاتب او المفكر او الصحفي. ولكن لا ينبغي ان تؤثر رؤيته او قناعاته اثناء تناوله للاحداث. والموضوعية لاتتعارض مطلقا مع ضرورة الانحياز بل والدفاع عن القيم الدينية وعن المصالح العليا للوطن. وبحكم عملي ومتابعتي اليومية لكل وسائل الاعلام المسموع والمرئي والمقروء اري ان الغالبية العظمي من وسائل الاعلام والاعلاميين لاتلتزم بالموضوعية بل ان بعضهم للاسف تحول إلي المتاجرة بقلمه او بصوته ويضعه تحت امر من يدفع اكثر. وسقط اللامعون منهم في فخ الاغراءات خاصة ان مستويات الاجر الشهري تقدر بالملايين في الفضائيات وبعشرات الالاف في الصحف. ولايخفي علي احد اهمية وخطورة الاعلام في صنع او في التأثير علي مجريات الاحداث الحالية في مصر حيث لعبت وسائل الاعلام الخاصة "فضائيات وصحف" الدور الرئيسي في تعبئة وحشد الجماهير ضد او مع النظام الحاكم في بلدنا بعد ثورة 25 يناير 2011 نعرض لاعزائي القراء كيفية تلاعب وسائل الاعلام أثناء تناولها للاحداث بشكل يؤثر علي توجهات الجماهير. واعادة صياغة رؤيتهم لهذا الحدث بما يتفق مع الرؤية التي تتبناها الوسيلة الاعلامية.. واشكال التلاعب الاعلامي كثيرة منها ما يتعلق بمحتوي الرسالة الاعلامية "مضمون المادة الاعلامية" ومنها ما يتعلق بالادارة "الوسيلة الاعلامية.. صحيفة وراديو وتليفزيون" ومنها ما يتعلق بالمرسل "الشخص الذي يقدم الرسالة الاعلامية عبر الاداة". ويمكن تلخيصها في ثلاثة اشكال هي تشويه الحقائق او قلبها او اختلاقها والتشويه يتم بعرض الحدث بشكل مجتزئ او منقوص فاذا كانت هناك مسيرة مؤيدة للنظام الحاكم تقوم وسائل الاعلام الموالية له بالتقاط الصور من قلب المسيرة التي تظهر كثافة عدد المشاركين والجوانب الايجابية لسلوكياتهم اثناء التظاهر وتنقل علي لسانهم ايجابيات النظام وضخامة الانجازات التي تحققت والعكس تماما تقوم به وسائل الاعلام المناوئة بعرض صور لأطراف المسيرة لتظهر قلة عدد المشاركين وتضخم من مخالفات بعض الافراد وتظهرها علي انها سلوك عام لكل المتظاهرين.. اما قلب الحقيقة فيكون بعرض الحدث الموالي للنظام علي انه معارض له. او الحدث المعارض علي انه مؤيد. مثلما في مظاهرات 30 يونيو و26 يوليو حيث عرضت بعض وسائل الاعلام مظاهرات التحرير المعارضة للرئيس المعزول علي انها للمؤيدين اما الشكل الثالث فهو اختلاق حدث لم يكن موجوداً اصلا. مثلما قامت احدي القنوات الفضائية خلال احداث ثورة 25 يناير بالاتفاق مع اشخاص سلمتهم قنابل يدوية لتصويرهم علي انهم من فلول نظام حسني مبارك ويستعدون لعمل تفجيرات ضد المتظاهرين. ومن صور التلاعب اختيار توقيت عرض الحدث في وقت ذروة المشاهدة ام في وقت نوم معظم المشاهدين. ومنها ايضا مكان نشر الحدث في الصحيفة بابرازه في الصفحات المتقدمة وتعزيزه بالصور او بعناوين كبيرة والعكس يحدث مع الحدث الذي يريدون اهماله. ومن التلاعب الاعلامي الخطير اختيار شخص معين لتوجيه رسالة محددة عبر وسيلة بعينها في توقيت ذروة المشاهدة.