صدق أو لا تصدق.. مكسب تهريب طن الخردة من النحاس يصل الي 15 ألف جنيه.. وان مصر التي تعد من أغني دول العالم في مخزون الخردة تفرط في كنزها الاستراتيجي لصالح عمليات التهريب في غياب صناعة متطورة لتدوير الخردة والتي تدخل في تصنيع البطاريات ومكونات السيارات وكابلات الكهرباء والقطارات ومئات الصناعات الاخري.. وفي هذا التحقيق نقتحم هذا العالم الغريب الملئ بالمفارقات والحقائق المؤلمة. اصبحت الخردة في مصر لغزا جديدا من ألغاز الصناعة في الدولة.. فبعد ان كانت مصر من أغني دول العالم في الخردة.. اصبحت تستوردها من الخارج.. بينما يتم تهريب كميات كبيرة من الخردة المحلية بواسطة مافيا منظمة تحقق مكاسب طائلة. التجار ورجال الصناعة يتبادلون الاتهامات حول اسباب تدهور سوق الخردة وتراجع صناعة التدوير التي تعتمد عليها وتقدم مئات المنتجات شديدة الاهمية. رجال الصناعة يؤكدون ان الخردة مخزون استراتيجي مهم ويجب الحفاظ عليها والتصدي لعمليات التهريب او حتي التصدير.. وان رسوم التصدير متدنية جدا وتعود الي قوانين ولوائح قديمة لاتراعي معطيات العصر والارتفاع الشديد في اسعارها. التجار يؤكدون ان توقف عدد كبير من المصانع عن العمل خلال الفترة الماضية.. وانخفاض الطاقة الانتاجية لعدد اخر من المصانع بنسب تتراوح بين 40 و60 بالمائة.. ادي الي تراكم مخزون الخردة وهو ما دفع الكثيرين منهم الي الاتجاه للتصدير الذي يحقق مكاسب اكبر. محمود حسن تاجر خردة يقول أنه يشتري خردة الحديد القديمة من تجار الروبابيكيا والورش خصوصا خردة قطع الغيار الثقيلة في السيارات ويقوم بتوريدها لمصانع حديد التسليح والمعدات الكهربائية الكبيرة حيث تقوم بتنقيتها وصهرها واعادة تشكيلها.. ويبيعها لهذه المصانع ب1500 جنيه للطن لكنه ايضا يشكو ان لديه كميات كبيرة في المخازن مما يجعله يعيد النظر في شراء خردة جديدة او الاتجاه الي تصديرها لان كثير من المصانع تعمل بنصف طاقتها الان. يقول خالد عبدالفضيل صاحب مصنع انه يعتمد علي الخردة بشكل كبير فهي تدخل في الكثير من الصناعات حيث يقوم بتحويلها لبودرة واستخدامها في صيانة اجهزة الكمبيوتر.. فهي تعتبر مخزون استراتيجي مثل الذهب والبترول.. فنجد جميع الدول العربية منعت تصدير الخردة نهائيا حتي ولو بضعف الثمن لاكتشافهم اهمية الخردة وانشاء مصانع لتدويرها واستغلالها في الكثير من الصناعات خاصة التعدينية ولكن معظم التجار بمصر يعتمدون علي تصديرها للخارج للمكسب المادي وللاشتراطات البيئية التي تضعها وزارة البيئة بشأن مصانع تدوير الخردة مع رفضها اقامة هذه المصانع مما ساعد علي زيادة تصديرها.. وبعدها نقوم نحن الصناع باستيرادها بالعملة الصعبة وهذا يعتبر اهدار للمال العام. ويضيف التجار يدخلون المزادات الكبيرة للحصول عليها بأقل الاسعار ليقوموا بتصديرها بالسعر العالمي غير مبالين برسم الصادر المفروض عليهم فعلي سبيل المثل سعر كيلو النحاس 40 جنيها يتم تصديره بسعر 55 جنيها. ويشير الي ان الخردة أنواع منها النحاس والذي نحصل عليه من الكابلات وأواني الطهي وهو انظفها وأغلاها لذلك نجد سرقة الكابلات الكهربائية منتشرة جدا وهناك الاسلاك بدينامو السيارات والصواميل والمواسير النحاس. وهناك الرصاص وهو منتج هام وضروري ونجده بالبطاريات ولأهميته يقومون بصهره سرا في الجبال وتهريبه بمبالغ كبيرة. اما الالومنيوم فمنها الطرية وتتمثل في الحلل والصواني والميكانيكا ونجدها في الالوميتال والسبائك والناشفة من اجزاء مواسير وسيارات ومعدات. واخيرا فنحن نطالب الجهات المسئولة والمعنية بالدولة بسن قوانين جديدة لحماية الصناعة وعدم تصدير الخردة والسماح بإنشاء مصانع لاعادة تدويرها. يوضح مهندس محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية ان الخردة مصدرها منتجات عادية من المستهلكين يتم تكهينها ومنها كابلات نحاس. معدات. علب كانز وحلل ومنتجات الومنيوم ويتم تجميعها عن طريق السريحة او الباعة الجائلين ثم يتم تجميعها بمستودعات يمتلكها التجار. وهناك مصانع تقوم باستغلال هذه الخردة واعادة تصنيعها ولكن هذه الفترة تمر الصناعة عموما بحالة من الركود واغلب المصانع تعمل بطاقة 40 بالمائة ولذلك نجد معظم التجار تتراكم لديهم هذه الخردة فليلجأوا الي البديل وهو تصديرها وكان التصدير في احسن حال قبل عام 2010 ولكن خلال العامين الماضيين كانت اسعار المعادن بالبورصة العالمية متدنية جدا وبالتالي نجد التجار يبيعون للمصانع المحلية وهي بدورها متوقفة ولذلك تتفاقم الازمة اكثر ونجد عند تصدير كل طن معدن خردة يتم دفع رسوم تم اقرارها منذ 2002 ويتم رفع القيمة كل فترة وتبلغ 2000 جنيه لطن الالمنيوم النحاس 8000 جنيه لانه غالي من الاساس ولذلك اضطر لتجار للبحث عن منافذ للتهرب من سداد رسوم التصدير ولجأوا للتهريب وبالتالي اثر ذلك علي السوق في الوقت نفسه غير مستوعب ولذلك نطالب برفع رسم الصادر ليتناسب مع حالة السوق بالزيادة او النقصان والضغط علي التجار لتخفيض سعر السوق للمنتجات حتي يقوم اصحاب المصانع باعادة تدويرها وتعاون وزارة البيئة لتفعيل المصانع الخاصة بتدوير هذه الخردة. ويطالب المهندس فاروق شلش.. مدير غرفة الصناعات الهندسية بمنع تصدير الخردة مع وضع قوانين لحظر التصدير تكون في تشريع يجرم تصدير الخردة المصرية بالكامل وليس الاقتصار علي رسم الصادر او الحظر لتعدد طرق التهريب مشيرا الي هناك شريحة من التجار لا يمثل لهم رسم الصادر شيئا مادامت الصفقة من وجهة نظرهم رابحة وحققت هامش الربح كبيرا. وقال ان للخردة اصناف كثيرة ولكنه ركز علي خردة النحاس والرصاص التي تدخل في صناعات مصرية عديدة ولاتنتجها مصر مثل النحاس والذي يدخل في صناعة الكابلات والالمونيوم في الصناعات المغذية للسيارات وخردة الرصاص ايضا تستخدم في صناعة البطاريات السائلة التي تحتاجها السيارات وقطارات السكة الحديد لذلك لابد من وضع اطار قانوني للحد من التفريط في كنز الخردة الكبير الذي نعاني من عدم استغلاله بالشكل الصحيح.