ذكرنا أن أكثر أهل العلم لا يجيزون للدائن أن يشترط علي مدينه زيادة علي أصل الدين. فإن تطوع المدين بدفع الزيادة عند وفاء دينه فقد اختلف الفقهاء علي ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: يري تحريم أي زيادة علي أصل الدين أو القرض مطلقاً. أي سواء كانت الزيادة من جنس الدين أو من غير جنسه. وهو قول جمهور المالكيةپوإليه ذهب الحنابلة في المشهور. وروي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن عمر. وحجتهم: "1" ما أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف. عن أنس بن مالك. أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال: " إذا اقرض أحدكم قرضاً. فأهدي إليه أو حمله علي الدابة. فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جري بينه وبينه قبل ذلك" "2" أن هذه الزيادة انما كانت بمناسبة الدين أو القرض. وكل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا. وهذه الزيادة وإن لم تكن مشروطة في أصل الدين إلا أن الناس ستتعارف عليها. والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. المذهب الثاني: يري جواز التطوع بالزيادة علي أصل الدين أو القرض مطلقاً. أي سواء كانت الزيادة من جنس الدين أو من غير جنسه. وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية وبعض المالكية والحنابلة. وحجتهم: "1" أن العقد الذي ثبت به أصل الدين أو القرض لم يرد فيه شرط بالزيادة. فكانت الزيادة هبة علي وجه الاستقلال. "2" أن الرسول. صلي الله عليه وسلم. أمر بحسن القضاء. ومن هذا الحسن الزيادة علي أصل الدين. فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي رافع. أن رسول الله صلي الله عليه وسلم. استسلف من رجل بكراً يعني جملاً فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة. فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره. فرجع إليه أبو رافع. فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً: فقال. صلي الله عليه وسلم: "أعطه اياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء" وأخرج الشيخان عن أبي هريرة. أن رجلاً أتي النبي. صلي الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ فهم به أصحابه فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" دعوه فإن لصاحب الحق مقالا. ثم قال:" أعطوه سنا مثل سنه" قالوا: لا نجد إلا أمثل من سنه فقال: "اعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء". المذهب الثالث: يري جواز التطوع بالزيادة علي أصل الدين أو القرض بشرط أن تكون الزيادة من غير جنس الدين. فان كان الدين نقوداً من الذهب والفضة والعملات الورقية مثلاً فلا يجوز أن تكون الزيادة من ذلك أما إن قدم مع هذا الدين هدية عينية من المقتنيات والملابس ونحوها فلا بأس. وإلي هذا ذهب بعض الفقهاء المتأخرين من المالكية. وحجتهم: أن الزيادة من غير جنس الدين فيها معني الإكرام والإحسان. أما الزيادة من جنس الدين فهي أشبه بربا الفضل.