باغتني ساعي المكتب ¢اللمض¢ بسؤال عن حركة ¢تمرد¢ التي أصبحت ملء السمع والبصر خلال أقل من شهر واحد. فلا يكاد يوجد بيت واحد لم يسمع عنها. بعد أن انتشرت بنعومة وسهولة ويسر. خاصة بين أوساط الشباب الذي ¢كفر¢ بالثورة. بعد مرور حوالي عامين ونصف العام علي قيامها. ومع ذلك لم يحدث أي شيء ملموس - من وجهة نظره - يؤكد نجاحها. وانتهاء نظام الحكم البائد إلي غير رجعة. أعود إلي سؤال ساعي المكتب. الذي أخبرني بأن أحد الزملاء ¢الكبار¢ عرض عليه مبلغ عشرة جنيهات ¢بحالهم¢ حتي يوقع علي استمارة ¢تمرد¢ لكن الساعي رفض. ليس كرها في ¢تمرد¢ ولا ¢حبا¢ في مرسي. ولا زهدا في المبلغ ¢التافه¢ المعروض عليه. وإنما لإحساسه بالريبة من تصرف الزميل المثقف الذي من المفترض أنه يقود الجماهير وعلمهم بقلمه لا بجيبه. ولأن فطرة الساعي مازالت سليمة حتي الآن. فقد رفض هذا الأمر. لأنه ذكَّره بنفس الأسلوب الذي اتبعه صاحبنا ومن علي شاكلته أيام انتخابات مجلس الشعب والرئاسة. عندما قام أنصار المخلوع بمحاولة جذب الناس بالمال. وباءت محاولاتهم بالفشل المخزي. وبعيدا عن تأييدي أو رفضي ل¢تمرد¢.. فإنني والله ليملؤني الشعور بالمهانة لما يفعله النخبة من المثقفين والذين لا يرون حرجا ولا بأسا ولا يشعرون بالخجل من ¢رشوة¢ أي شخص بسيط حتي يحصلوا علي أصوات ¢باطلة¢ تؤيد وجهة نظرهم. ثم تجدهم في النهاية بعد أن يخسروا. يعيبون علي الإخوان المسلمين أنهم يفوزون بالسكر والزيت؟ وما حدث فضلا عن أنه مخجل أخلاقيا. إلا أنه يوضح مدي الكره المتوحش والمتوغل. داخل صدور غالبية النخبة تجاه التيار الإسلامي وعلي رأسه الرئيس محمد مرسي وجماعته. ودع عنك الخلاف القائم الآن - ولو ظاهريا - بين الإخوان والسلفيين. فكل النخبة تكره ما هو إسلامي حتي ولو كان علي قمته أشد المتسامحين. ومن ينكر نصف الدين! فهذا ميراث يحتاج علاجه إلي عقود. والشرح فيه يطول وليس مجاله الآن. نحن أمام ¢مشوار طويل¢ من التصعيد السياسي. بين حركة التوقيعات الحالية لتمرد. وحكاية ¢التوكيلات¢ التي تمت قبل شهرين للفريق أول عبدالفتاح السيسي. والتي أنهي مفعولها تصريحه القاطع بأن الجيش لن ينقلب علي الشرعية بأي حال من الأحوال.. فلما أيقن هؤلاء وطنية الجيش الداعم للشرعية. لجأوا إلي حملة ¢التوقيعات¢ لهدم أركان النظام الذي مازال في مرحلة البناء. علي الجانب المقابل فإن ما يفعله شباب ¢تمرد¢ لو تم استغلاله استغلالا صحيحا. وفي الإطار الدستوري والشرعي. لكان إنجازا غير مسبوق. يمكن من خلاله بناء مؤسسة سياسية منافسة للنظام الحاكم الآن. تأخذ علي عاتقها مواجهة ومحاولة الفوز عليه من خلال الصندوق. خاصة وأنها أرست مبدأ سياسيا مهما وراقيا وهو أن العنف لا يفيد. ولن يفيد. والحل يجب أن يكون بالصندوق. وما التوقيع علي ورقة ¢تمرد¢ إلا رسالة واضحة ومؤكدة بأن القلم أو ¢الختم¢ هما السبيل الأوحد للوصول إلي الكرسي. عسي أن يفهم الجميع ذلك. فيريحونا ونستريح معهم من هذا الوضع السياسي الموبوء الذي ينكوي بناره الغلابة من أبناء هذا الوطن.