قبيل سفر شيخ الأزهر إلي سلطنة عمان وبرفقته مفتي الجمهورية وبعض كبار العلماء أصدرت مشيخة الأزهر بيانا واضحا تدحض به ما يهدف إليه كتاب الوقيعة والفتنة بين مؤسسات الدولة في محاولة يائسة منهم لتوسيع الهوة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الأزهر. أوضح بيان المشيخة أن الإمام الأكبر يتحرك بصحبة نخبة من كبار علماء الأزهر لتلبية دعوات كريمة من الدول العربية للمشاركة في فعاليات فكرية وثقافية حيث يتحدث ويتحاور بروح الرسالة العلمية والدعوية والإنسانية للأزهر الشريف لنشر الرسالة الدعوية الأزهرية. إلي جانب دعم أواصر التعاون بين الأزهر والمؤسسات الإسلامية والثقافية في الدول العربية بعيدا عن السياسة ومشكلاتها وهمومها حيث تنأي مشيخة الأزهر بنفسها عن الدخول في إشكاليات سياسية وتعي أنها بعراقتها ومصداقيتها ودورها العلمي والدعوي والتوجيهي جزء من الدولة المصرية. كما أنها مؤسسة علمية ودعوية عالمية. وهي ملك لجميع المسلمين عربا وغير عرب. وأوضح الشيخ - الذي يقابل في كل مكان يذهب إليه بترحاب وحفاوة تفوق ما يقابل به رؤساء الدول وزعماء العالم السياسيون - أنه تلقي دعوات كثيرة من هنا وهناك وشغلته هموم الأزهر ومشكلاته عن تلبية هذه الدعوات وقد آن الأوان لتلبيتها دعما لرسالة الأزهر ومكانته العالمية. لم يحصد شيخ الأزهر من وراء زياراته الأخيرة للدول العربية مكسبا شخصيا حتي قيمة الجائزة التي حصل عليها عن جدارة واستحقاق من دولة الإمارات والتي تزيد علي مليوني جنيه مصري تبرع بها للأزهر فضلا عن راتبه الذي يرفض الحصول عليه منذ توليه منصب شيخ الأزهر. *** مكاسب مصر من زيارات شيخ الأزهر للدول العربية كثيرة ومتنوعة وتفرض علي كل عقلاء الوطن المخلصين لمصر أن يوجهوا له التحية والدعم فقد كانت زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة سببا في الإفراج عن 103 من السجناء المصريين هناك. وجلبت الزيارة التي استغرقت ساعات للأزهر أكثر من نصف مليار جنيه دعما إماراتيا لمشروعاته في الوقت الذي يعاني فيه الأزهر بخلا وجحودا من الحكومة حتي أن جامعة الأزهر التي تعادل نصف جامعات مصر في عدد الكليات وعدد الطلاب لا تحصل علي ربع ميزانية جامعة واحدة مثل جامعة القاهرة!! مكاسب زيارات شيخ الأزهر للدول العربية لا علاقة لها بألاعيب السياسة وهوي السياسيين. فالشيخ ومعه هيئة كبار العلماء يدركون أن رسالتهم علمية دعوية حضارية وينأون بأنفسهم عن كل دور سياسي ويعلمون أن مكانتهم بين الناس تنطلق من كونهم دعاة حق وتقارب وتضامن وتصالح وجمع للصفوف ومواجهة للخلافات والصراعات. هذه المكاسب للأسف لم تعجب نفراً قليلاً من الكتاب والمثقفين الذين يتلونون بكل ألوان الطيف ويحاولون دائما تعكير المياه التي تعاني أصلا من التلوث وعبث الصغار. فألقوا بالغبار علي زيارات شيخ الأزهر لبعض الدول العربية وحملوها أكثر مما تحتمل مما يضاعف من فرص الوقيعة والفتنة بين مؤسسات الدولة وخاصة مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الأزهر خاصة عندما يصور البعض هذه الزيارات المتكررة علي أنها ذات هوي سياسي مناهض لهوي مؤسسة الرئاسة وتوجهات السياسة المصرية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد. ومحاولات الاستقطاب السياسي الداخلي والخارجي لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأزهر. صدمة بالغة أن يكون من بين هؤلاء الكتاب كاتب مرموق في حجم "فهمي هويدي" الذي عرف بكتاباته العميقة وتحليلاته الموضوعية حيث قضي الكاتب الكبير كل حياته الصحفية يطالب باستقلال مؤسسة الأزهر وتحريرها من هوي الحكام لتستعيد الثقة بها داخليا وخارجيا. صدمة بالغة أن يصنف مقال كاتبنا الكبير - من جانب بعض الأزهريين - بأنه مقال "فتنة" فهم محبون وعاشقون ومدمنون لكتابات هويدي الذي صدمهم بوصفه لزيارات الشيخ ووفد كبار العلماء أنها "تبعث علي الحيرة والقلق بأكثر مما تبعث علي الارتياح" دون أن يكون لديه دليل واحد علي تورط شيخ الأزهر في تصريح منفلت. أو اجتماع مشبوه. أو تخطيط لقلب نظام الحكم والإطاحة بالرئيس المنتخب. صدمة الأزهريين المحبين لكاتبهم المفضل أنه اليوم يناقض ما طالب به بالأمس. ويتنكر لما كان يؤمن به ويكرره في كثير من كتاباته وفعالياته الفكرية والثقافية ويتساءلون: ما الذي تغير ودفع الكاتب الكبير أن يتخلص من قناعاته بضرورة استقلال الأزهر وتحرره من سطوة الحاكم. *** حدثني أحد كبار علماء الأزهر غاضبا وساخطا مما كتبه الأستاذ فهمي هويدي عن زيارات شيخ الأزهر الخارجية وتشكيكه في مقاصد هذه الزيارات وطلب مني رقم هاتفه ليعاتبه علي ما كتب حيث يكن له احتراما كبيرا كأحد الكتاب الإسلاميين المعتدلين والمناصرين لحقوق الأزهر والداعمين لرسالته العالمية. فهدأت من روعه وقلت له من حق كل كاتب أن يقول ما هو مقتنع به ويمكن أن ترسل له أو للصحيفة التي نشرت مقاله برد مقنع وسيجد طريقه للنشر.. ثم بادرته بسؤال: تدافع عن زيارات شيخ الأزهر للدول العربية وأنت لم تشارك في زيارة منها؟ رد علي العالم الأزهري المرموق: نحن وقد بلغنا من العمر أرذله لا نبحث عن منافع شخصية ولا مطامع دنيوية.. كل هدفنا أن يسترد الأزهر ثقة المسلمين به وهذا ما يحدث الآن علي يد د. الطيب وهيئة كبار العلماء ويجب أن نجد الدعم والمناصرة من كل المخلصين في هذا الوطن.. نحن لا ننافس رئيسا ولا مسئولا في مهامه واختصاصاته بل نحن نعمل من أجل الأزهر وعندما ترتفع أسهم الأزهر خارجيا سترتفع أسهم مصر في العالمين. كلمات العالم الأزهري الكبير يجب أن تجد طريقها إلي عقول وقلوب كل المصريين ويجب أن تخرس ألسنة هواة الوقيعة والفتنة الذين لا يريدون خيرا بهذا الوطن. الأزهر انطلق ليحقق رسالته الحضارية.. ولن يتوقف.