مازال الجدل والنقاش داخل الشارع المصري وبين الخبراء والمتخصصين دائراً حول سد النهضة الأثيوبي وذلك في ظل إصرار حكومة أديس أبابا علي استمرار الأعمال الإنشائية للسد استعداداً لتحويل المجري المائي في سبتمبر القادم دون انتظار لنتائج اللجنة الثلاثية الخاصة بتقييم السد المقرر إعلانها في نهاية الشهر الحالي بما تضمه من خبراء وطنيين من مصر والسودان وأثيوبيا بالإضافة إلي 4 خبراء دوليين في علوم السدود وآثارها علي المجتمعات والدول المتشاطئة. أيضاً تعالت صيحات التحذير من المتخصصين وغير المتخصصين علي السواء بأن نهر النيل في مصر سوف يتحول إلي ترعة نتيجة إنشاء سد النهضة ناهيك عن تقليل الوارد لمصر من مياه الفيضان وغيرها من الآثار السلبية التي تهدد مستقبل التنمية في مصر كل هذا. وغيره يتطلب أن ننظر نظرة موضوعية ومحايدة حول قضية السد وآثاره بعيداً عن التهويل أو التسخيف. والتي تمثل خطوة أساسية نحو التعرف من خلال وجهة نظر واقعية علي الواقع وتحديد الخطوات المطلوبة من قبل صناع القرار في مصر للتعامل مع هذه القضية وتلك الأزمة. بداية علينا أن نعرف أن إقامة أية منشآت مائية لتنظيم حركة سريان المياه علي مجري النهر تحول المجري في منطقة ما إلي "ترعة" دليلنا في ذلك أن تشغيل السد العالي عقب الانتهاء من انشائه حول مجري النيل داخل مصر إلي ترعة بمعني أن السد أصبح يتحكم في حجم المياه المطلقة خلف السد وذلك وفقاً لاحتياجات البلاد حيث إن حجم التصرفات المائية لاحتياجات البلاد في موسم الصيف تختلف تاماً عن حجمها في موسم الزراعات الشتوية. وهو ما يتم صرفه وفقاً لبرنامج مدروس. وإن كان علي المدي البعيد يمكن لهذا السد الأثيوبي أن يزيد حصة مصر المائية حيث يقل الطمي الوادر من الهضبة الأثيوبية. من ثم تزيد السعة التخزينية لبحيرة السد العالي. وإن كان ذلك يحتاج إلي وقت ليس بقصير. ما يقلق مصر من إنشاء سد النهضة الأثيوبي مجموعة من النقاط الأساسية والتي علي أساسها وافقت علي المشاركة في اللجنة الثلاثية الخاصة بتقييمه من بين هذه النقاط التعرف. والاتفاق علي قواعد تشغيل سد النهضة وكذلك قواعد التخزين وفترات ملء بحيرة السد. علاوة علي القواعد المنظمة لإطلاق المياه من بحيرة سد النهضة لضمان حق مصر التاريخي في مياه النيل الأزرق. علينا أن نستعد لاحتمالية أن توافق حكومة أديس أبابا علي أن تساهم مصر مادياً. وفنياً في إنشاء السد ومن ثم سوف تكون هناك ضرورةة لطرح فكرة الاكتتاب أمام الشعب المصري لتوفير التمويل أو بمعني آخر حصة مصر المالية في إنشاء سد النهضة الأثيوبي فكل الاحتمالات مطروحة وقائمة.