فجرت مغامرة صحفية انفردت بها "الجمهورية" علي مدار ثلاثة أسابيع متتالية بالوجه البحري مفاجأة من العيار الثقيل.. حيث أزاحت الستار عن أخطر وسيلة ضمن الوسائل غير المشروعة في صيد الأسماك وهي مادة "السنيور" القاتلة. كشفت المغامرة ان أغلبية صيادي الدلتا وفرعي رشيد ودمياط يستخدمون مادة "السنيور" في صيد الأسماك عن طريق القائها في المياه لتقتل الأسماك بسبب حالة الاختناق التي تسببها لتطفو الأسماك "منتفخة" أعلي سطح المياه ويقوم الصيادون بتجميعها بواسطة الشباك وتفريغها بالقوارب ويقومون ببيعها بالأسواق المحلية علي أنها "اسماك بحري". الأطباء وخبراء الكيمياء أكدوا ان مادة "السنيور" سامة من الدرجة الأولي وتأثيرها كبير علي صحة متناول تلك الأسماك لأنها تسبب أمراضاً عصبية وفشلاً كلوياً وفيروس "C" وأمراضاً مزمنة بالجهاز الهضمي.. كما أنها تتسبب في تلوث مياه النيل وان مادة "الكلور" التي يتم تطهير مياه الشرب بها لا تستطيع القضاء علي مادة السنيور وتتفاعل معها كيميائياً وتزيد من نسبة سمومها. فكرة المغامرة عطلة قررت قضاءها مع أقاربي بإحدي قري القليوبية التي تتميز بطابع ريفي فريد.. بيت قريبتي البسيط والذي يشبه معظم بيوت الفلاحين وهناك تطل نوافذه الخشبية علي النيل مباشرة لا يفصله عنه سوي تلك الأراضي الخضراء تنحني المحيطة به في لوحة فنية رائعة.. علي ضفتي النيل الأشجار في احترام لتغمس بداخلها الحنين.. ومن بعيد تلتمس يمكنك ان تراها شامخة وان شاخت تبدو كحراس جندتهم الطبيعة لحماية الممر المائي وكأنها تدرك انه شريان حياة المنطقة فالبشر والحيوان والطير والزرع - الكل يعتمد عليه اعتماداً كلياً - وهو لا يبخل أبداً مكتوب عليه العطاء بلا حساب برضا نفس وتواضع بالغ. النيل العظيم في صباح كل يوم تشاهد قوارب الصيادين تنتشر علي وجه الماء تتأرجح يميناً ويساراً في خفة وثقة وكأن المياه تدغدها ولم لا فبينهما عشرة طويلة.. يلفت انتباهك ان كل القوارب تخرج في رحلة للتفتيش عن رزقها في خبايا الماء العذب الا قارباً واحداً لصياد في أواخر العقد الثالث من العمر ذي وجه اسمر ينحته الحزن لا يبتسم أبداً تغطي لحيته معظم ملامحه وعادة ما ستشاهده نهاراً مستلقيا علي الضفة يغط في سبات عميق تحت شجرته.. شجرة التوت ذات الظل العملاق ليستيقظ طوال الليل مشعلاً قنديله وممسكاً بعصا غليظة متجولا في قاربه الوضع الذي يجعلك تعتقد انه حارس للطبيعة؟ في منتصف الليل يخيم الظلام علي المنطقة ليجبرها علي الصمت الميت من النقيض إلي النقيض لا يؤنس وحدة الليل سوي حارسه الحزين أحياناً والغريب والمخيف احايين.. يظل يجهر بنثريته المشهورة التي لا يمل ولا يكل من ترديدها فجأة بين ساعة وأخري.. "أنت اللي كنت أصيل وحنين وأنا اللي كنت قليل الأصل مش مبين.. أنا اللي جنيت منك يا بحر كل الخير ولما اذيتك أخد مني ربي أعز شيء.. خاين يا بحر للعشرة وياما قسي قلبي حالف لخلي ميتك تشهد وتطفي نار قلبي". حارس الليل أو "عم مصطفي" جاء منذ 4 سنوات واستوطن الضفة وبمرور الوقت أصبح واحداً من أهالي المنطقة.. كنت أعلم ان وراء حارس الظلام قصة خفية أو ربما لغز مخيف.. انفرجت اسارير "عم مصطفي" لأول مرة عندما علم بأننا صحفيون علي عكس ما توقعنا تماماً.. قال لنا "جه الوقت اللي أقدر كفر بي عن ذنبي".. واسترسل فيحزم "لازم الدنيا كلها تعرف ان النيل بيتسمم.. هنا وفي كل مكان معلوش رقابة بتحصل مصيبة.. جريمة ممكن يكون في جسم كل واحد مصري حته شاهده عليها بس مش دريان"!! عدة جمل مبهمة قرر بها الصياد الغامض الخروج عن صمته الآثم وقررنا بعدها خوض مغامرة من نوع خاص.. مغامرة داخل أوكار قاتلي النيل الذين يتعمدون تسميمه.. خفافيش الليل الذين يعلمون ان السمك الذي يصطادونه ويبيعونه للتجار فيه سم قاتل يتراكم في جسد الانسان مسبباً أمراض مستعصية .. شياطين البحر مثلما يطلق عليهم الصيادون الذين يلقون بالسم ليسمموا مياه المصريين من أجل مطامعهم من شبين القناطر بدأنا الرحلة مع حارس الليل الذي ظل أربع سنوات وحيداً يلف النيل ذهاباً وإياباً بقاربه البسيط مسبباً الذعر في قلوب مات الضمير بها .. حارس الليل الحزين الذي توفي ابنه عندما ابتلع جزءاً من تلك المادة عن طريق الخطأ والتي كان يستخدمها للصيد المحرم الذي يخالف الشريعة والقانون فاعتبره عقاباً من السماء ليهجر بعد ذلك حياته ويعيش هائماً من ضفة إلي أخري يشدو بتراتيل حزنه الدفين معلناً توبته عملياً بمطاردة الخفافيش غير أن جهوده الضئيلة مازالت تحول دون إيقافهم والحد من المصيبة. "جمال ورحمة" أولاد أشقاء عم مصطفي الأيتام هكذا جئنا بحجة تواجدنا وظهورنا فجأة وملاصقتنا الدائمة للرجل الغامض .. هكذا بدأ تاريخهما ورحلتهما لرصد ماذا يحدث داخل تلك الأوكار المتنقلة وغير الثابتة لكشف المستور الذي يهدد حياة المصريين واللذين أقنعا الصيادين المخالفين بأنهما أقنعا عمهما بأنهما لن يحيا معه في حياة الفقر المدقع وانهما يضمنان لهم مشاركته وتخليصهم من مطارداته وتهديداته بالابلاغ عنهم .. وبعد فترة ابتلع الشياطين الطعم ليصطحبونا في رحلاتهم المشبوهة وقواربهم المملوءة بالسم. شمس يشق نورها ظلام ليلة دامسة معلنة وكالعادة قدوم فجر هاديء علي ضفاف النيل .. بالأمس القريب كان هناك قمر مكتمل يقف بعيداً في السماء يراقب في هلع حزيناً علي صديقه المائي الذي بدأ مستسلما يزداد منسوب مياهه من دموعه التي لا يشعر بها أحد سواه ولم لا فلم تهلكه سنوات عمره الطويلة أو اصابته بالشيخوخة وانهكه مثابرة الأيادي الخائنة علي اغتياله .. هكذا وقف القمر بعيداً يسجل في ذاكرته التحضير لجريمة بشعة وسرعان ما يهرب وكأنه يحث الشمس علي البزوغ فنوره الضئيل يحول دون كشف ملابسات الجرم .. بالأمس كانت تقف الأشجار علي ضفاف النيل تتساقط أوراقها رعباً من تدبير من يستظلون تحتها .. بالأمس القريب كانت المياه التي نصب الشياطين فيها شباكها نقية صافية تسقي الزرع والإنسان وحياة كاملة للكائنات الحية التي تسكن النهر. دقائق ويسطع نور الشمس القوي .. المؤامرة مدبرة وكل يد آثمة تقف في مكانها المحدد لها تستعد لعملية الاغتيال التي تم التخطيط لها في ساعات مسروقة من الليل الصامت .. دائرة كبيرة من القوارب وشباك مدلاه وأشجار التوت مذبوحة وملقاة في مجري النهر وفجأة يظهر ابليس يلقي بسمه الأبيض وينتظر الشياطين دقائق معدودة لتطفوا ضحاياهم المقتولة ويقتسموا الغنيمة .. يرفعون شباكهم فرحين بأسماكهم المسمومة تهتز القوارب فجأة يميناً ويساراً في عنف يقول الصيادون إن تلك الهزة تنتج من رفع الشباك والحقيقة أنك تشعر أنها غضبة من النيل وكأنه يحاول الاعتراض أو أن غيظه يريد أن يبتلعهم أو ربما أن القارب أصابه دوار حالة من عدم الاتزان افقدته السيطرة علي نفسه من هول ما يري وكأنه يعلن عدم الرضا حزناً علي صديق عمره ويتبرأ مما يفعله أصحابه ومدي نكرانهم للجميل. هكذا تتجمع الشياطين مقسمة علي اغتيال البلطي والوقار وقتل القرموط من خلال وجبة دسمة من تلك المادة البيضاء التي يلقونها وسط حراسة مشددة .. يحاول النيل في كل مرة أن يصرخ في اسماكه بالا تأكلها يدرك أن اسماكه كائنات ضعيفة تعيش في حماه هو حياتها الوحيدة وليس أمامها خيار سوي أن تتناول السم مجبرة لتصبح أسماكاً مسمومة ينتشر سمها في جسد آكليها مرة تلو المرة وتصيبه بأمراض سقيمة عصية علي الشفاء. المغامرة الأولي شبين القناطر دوره. باطا. طلحه وميت العطار بالقليوبية والجزيرة الشرقية ومسجد الخضر والعطف وبير شمس وساقية أبوشعره بالمنوفية .. أسبوع كامل ننتقل من وكر الي وكر نراقب ونشاهد عملية "تسميم" مياه النيل بمادة "السنيور" أو "السانيور" القاتلة وهي المادة التي تستخدم في الأساس لتلميع الفضة أو كمبيد لقتل ديدان شجرة التوت والتي يستخدمها مجموعات من الصيادين معدومي الضمير لتزداد أعداد أسماكهم ولتمتليء جيوبهم بعد ذلك من الربح الحرام غير عابئين بأنهم يصدرون الموت السريع أو البطئ للمصريين في هيئة أسماك تغرق السوق المصري وأنهم يلوثون مياه الشرب بمادة مسمومة. عدنا إلي الضفة في آخر يوم من المهمة كان ابليس وأعوانه يجمعون الغنيمة ويستعدون لبيعها لتجار الجملة في الوقت الذي جاءت فيه ابنته لأخذ "مشنة" السمك لتحضير الغذاء والذي كان يضعها بعيداً يفصلها تماماً عن أسماك السنيور فقلنا له بسذاجة "خليها تأخذ من السمك ده .. ده حتي صابح". فنظر الينا راسما ابتسامة صفراء خبيثة وقال: "ما بنأكلش ولادنا سم"! ما لاحظناه خلال مغامرتنا ان معظم القري الواقعة علي ضفاف النيل والتابعة لمحافظات وسط وشمال وشرق الدلتا تمتلئ مستشفياتها بمرضي الكلي والكبد والجميع هناك يؤكد ان المياه السبب دون ابداء سبب واضح! مغامرة الغربية توجهنا في الأسبوع الثالث بسيارة "الجمهورية" إلي محافظة الغربية يرافقنا زميلنا خالد رياض سائق بالجمهورية.. كانت عقارب الساعة تشير إلي الثانية ظهراً.. بدلنا ملابسنا ونزلنا إلي قارب خشبي نرتدي زي الصيادين يرافقنا أحد شباب المدينة والذي تطوع لمساعدتنا حرصا منه علي سلامة المواطنين الأبرياء. استقللنا معه القارب بحجة اننا أقاربه وجئنا من محافظة المنوفية لقضاء وقت معه واصطياد الاسماك "البياض".. وهي أسماك لها قيمة كبيرة وعالية الثمن.. أخذنا القارب واخفينا كاميراتنا الصغيرة بطيات ملابسنا وابحرنا بعرض النهر وبعد قرابة 50 مترا تقابلنا بقارب يقف بجوار "العفش" علي حد قول الصيادين وهو "الهيش" أو الأعشاب الموجودة بضفاف النيل وفور اقترابنا ارتابوا بعض الشيء فأخبرهم صديقنا أننا صيادون أقاربه من المنوفية وأننا نريد أن نعرف كيف يتم استخدام مادة السنيور في صيد الأسماك. رحب الصيادون بنا وانتقلنا إلي قاربهم وشاهدنا كميات السنيور بالقارب ملفوفة بقطعة من القماش كبيرة الحجم.. قال أحدهم إن السنيور يتم شراؤه من منافذ بيع السماد والكيماوي الخاصة بالأراضي الزراعية وتبلغ قيمة الكيلو الواحد 80 جنيها وتصل إلي 100 جنيه في بعض المحافظات. اضاف ان مادة السنيور تستخدم في قتلة سوسة شجرة التوت ويتم تبخير شجر البرتقال بها لقتل السوس داخل الأفرع ولكن نقوم باستخدامها لأنها تسهل علينا صيد الأسماك التي يصعب صيدها مثل "البياض والقرموط والثعابين" بالاضافة للكميات الكبيرة من أسماك البلطي التي نحصل عليها فور القائنا مادة السنيور. تابعنا عملية الصيد.. قام أحد الصيادين بفتح القماشة التي تحوي "السنيور" وقام بطحنه بواسطة "قالب طوب"" حتي اصبح مثل "البودرة" وقام بغسل يده بسرعة ثم تحركنا بالقارب نحو ساحل حجارة بضفاف النيل وقام بالقاء السنيور بجوار الحجارة و"الطوب" ثم تحركنا إلي أن وصلنا إلي "الهيش" وقام بالقاء السنيور بجوار النباتات والأعشاب وانتظرنا قرابة 20 دقيقة تحدثنا معهم خلالها عن أخطار السنيور فقال الصيادون إنهم يعلمون أنها مادة سامة ويظن البعض منهم أنه عقب فتح السمكة وتنظيفها تصبح "سليمة" ودون سموم وصالحة للأكل. فيما يري البعض أن تلك الأسماك سامة ولا يصلح تناولها ولكنهم يتفقا في أن الأسماك قلت بمياه النيل بسبب الصيد الجائر وقتل الزريعة واصطيادها بالاضافة لوسائل عدة غير مشروعة في صيد الأسماك ولعل هذا السبب جعلهم يلجأون إلي الصيد بمادة السنيور. وبعد مضي المدة المحددة والتي تجاوزت 20 دقيقة القي الصيادون شباكهم وغزلهم بمكان إلقاء السنيور وبدأت الأسماك تطفو علي سطح المياه.. امسكنا تلك الأسماك وتبين اصابتها بانتفاخ شديد ويوجد آثار دماء ناتجة عن الخياشيم. وبسؤالنا أحد الصيادين عن الدماء الناتجة عن السمكة قال إن مادة السنيور تقوم بخنق الأسماك لأنها تحرق الأكسجين في الماء مما يسبب انفجار الخياشيم ومقتل الأسماك. عدنا إلي قاربنا بعد أن أخذنا 3 سمكات من نوعي البلطي والبياض واخذنا قطعة من "السنيور" وكمية من مياه النيل التي القي بها المادة السامة وعدنا إلي القاهرة بعد رحلة استمرت اكثر من 14 ساعة وفي اليوم التالي توجهنا إلي وزارة الزراعة إلي مركز البحوث الحيوانية بالجيزة وطالبنا بإجراء تحليل للعينات التي احضرناها لاثبات حالة السموم الموجودة بالسمكة وتقابلنا بوكيل المركز والذي استضافنا بمكتبه قرابة 15 دقيقة وأخذ يقنعنا بأننا نترك هذا الموضوع لأنه غير مجز وصعب إثباته وطلب منا تصاريح من النيابة العامة ومصلحة الطب البيطري بالغربية و"عقد لنا العقد" ولم يوافق علي تحليل الاسماك.. فقمنا بتحليل الأسماك بمعامل خاصة يعمل بها كبار اساتذة كلية العلوم بجامعة عين شمس واثبتت التحاليل ان هذه المادة سامة من الدرجة الأولي وتؤثر سلبا علي صحة متناول الأسماك وتسبب أمراضاً تتعلق بالجهاز الهضمي والكبد والكلي. رأي الطب استطلعنا آراء الأطباء البيطريين والكيميائيين عن أخطار مادة السنيور.. أكد الدكتور محمد أبوسالم عميد كلية طب بيطري بجامعة بنها وأستاذ السموم أن مادة السنيور مادة قاتلة وسامة من الدرجة الأولي وتؤثر علي الخلايا العصبية والجهاز التنفسي للأسماك مما يسبب وفاتها واصطيادها بالطرق غير المشروعة.. مشيراً إلي أن تلك الاسماك التي تحوي مادة السنيور تؤثر أيضاً علي الخلايا العصبية للإنسان والحيوان وتصيب بحالات الفشل الكلوي وفيروس "C" الوبائي. وأوضح أيضاً ان هناك خطورة بالغة علي القاء مادة السنيور بمياه النيل بحيث انها تلوث المياه وتسبب في وفاة الحيوانات التي تشرب من الجزء الملوث مشيراً إلي أن مادة "الكلور" التي تستخدم في تطهير مياه الشرب لا تؤثر علي السنيور بل تتفاعل معها وتزيد من درجة سمومها وهو ما يشكل خطراً علي المجتمع وحياة المواطنين خلال الفترة المقبلة خاصة أن معظم الصيادين الآن يلجأون إلي السنيور في صيد الأسماك بحثاً عن المال وقلة الجهد. يقول د. رجب الشواربي أستاذ السموم ووكيل كلية الطب البيطري جامعة بنها ان هذه المادة سامة وقاتلة واسمها العلمي السنايور أو السينيوريت وهي مادة تدخل في صناعة المبيدات الحشرية ويستخدمها الفلاحون في تسميم الفئران أو كمبيد لديدان شجرة التوت وهي تعمل علي تدمير الخلايا والجهاز العصبي للاسماك ولها تأثير شديد الخطورة علي الإنسان الذي يتناول هذه الاسماك فإذا كانت كمية قليلة فهي تؤثر تراكميا علي الكبد والكلي والخلايا وإذا تناولها بشكل دائم وكميات كبيرة قد تؤدي إلي حدوث التسمم.. يضيف د. الشواربي ان الكارثة الكبري ان هذه المادة السامة لا يؤثر فيها الكلور الذي تستخدمه محطات مياه الشرب مما يعني انها تتسرب إليها وتتراكم مسببة اضراراً صحية غير محمودة العواقب. يقول د. فتحي النواوي استاذ الرقابة الصحية ان هذه المادة من أشد المواد سمية وتظل في لحوم الاسماك ولا تتحلل وتضر بآكليها فإن لم تسممهم لا حتواء السمكة علي كمية كبيرة فهي تتراكم محدثة تلف في الخلايا الإنسانية والحيوانية. قدر المصريون القدماء النيل ورفعوه إلي درجة الآلهة واسموه حابي إله الحب والعطاء وكانوا يدركون اهميته وانه نعمة اهدتها الطبيعة لهم لتقيهم شر الجوع والعطش وزادت أهميته بعد سنوات يوسف السبع العجاف الذي قل فيها منسوب مياهه فأبت الأرض ان تخرج الزرع واصبحت سنابل القمح عقيمة الانتاج وباتت ثمار اشجار الخضر والفاكهه بمواليد مشوهه.. تمر السنوات ومازال حابي يعطي دون ان ينتظر المقابل مجسدا أسمي آيات الحب. بعد قرون تحاول الأيادي الغاشمة والآثمة ان تحول النيل من شريان للحياة إلي شريان للموت ومازالوا طامعين بأن النعمة التي يحاولون قلبها إلي نقمة ستصبر ونسوا شر غضبة الحليم.