قوانين التأمينات القديمة حرمت أصحاب المهن الحرة من حقهم في ضمان مستقبلهم ومنحهم فرصة التأمين علي أنفسهم والحصول علي معاش مناسب لهم ولأسرهم عند بلوغهم السن أو في حالة العجز مما دفع العديد من أصحاب الحرف والمهن الحرة للمطالبة بتغيير تلك القوانين. محمد مراد حارس عقار يقول: أعمل في هذه المهنة منذ خمسة عشر عاماً أنتقل فيها من عقار لعقار رغم مرضي بالقلب وكل أملي ترك معاش مناسب لأسرتي ولذلك توجهت للتأمينات لفتح ملف وتقدير حصتي حتي اقوم بسدادها شهرياً ولكن رفض الطلب وأبلغوني بالتوجه للشئون للحصول علي معاش الضمان فهل من المعقول أن اتقاضي 300 جنيه شهرياً دون عمل في الوقت الذي ترفض فيه التأمينات طلبي بالسداد للحصول علي معاش. صلاح عثمان مبيض محارة يوضح: أعمل في المهنة منذ 42 سنة ومتزوج ولدي أربعة أولاد وطبيعة مهنتنا حسب طلب السوق فمن الممكن أن نظل شهراً أو أكثر بدون عمل بخلاف ما نتعرض له من مخاطر أثناء العمل من وقوف علي سقالات واستخدام معدات ثقيلة ومن يسقط من عليها يتوفي أو يصاب بعاهة مستديمة تجعله قعيد الفراش مما دفعني للتوجه للتأمينات لعمل معاش لي ولأسرتي ولكني صدمت بالقوانين التي حرمتنا من الحصول علي المعاش. محمد عبدالرحمن واحد من الأرزقية الذين يفترشون الميادين في انتظار من يطلبهم لتنفيذ أعمال الهدم أو البناء يشير إلي نزوح العديد من الفلاحين و"الأجرية" من القري والصعيد إلي القاهرة ظناً منهم أن سبل الرزق والعمل أكبر وأوسع ولكننا اصطدمنا بالواقع المرير حيث يستغلنا أصحاب الورش والمحال للعمل في المهن الثقيلة والخطيرة دون الالتزام بأي حقوق تجاهنا فقد عملت بمجال البناء والتشييد لدي العديد من المقاولين وكل مرة يرفض صاحب العمل التأمين عليّ وضمان حقي مما يضطرني لترك العمل وحاولت التأمين علي نفسي ولكنني فوجئت برفض التأمينات لطلبي لعدم امتلاكي منشأة خاصة بي وبطاقة ضريبية وسجل تجاري وهي متطلبات تحتاج لرجل أعمال وليس ارزقياً. يقول زميله كمال خليفة من مركز مغاغة بالمنيا: قانون التأمينات يلزمنا بوجود صاحب للعمل للحصول علي حقوقنا وعمل معاش ودائماً ما يرفض صاحب العمل التأمين أو يقوم به مع عدم الالتزام بالسداد الشهري حتي يتمكن من الاستغناء عن العمالة في أي وقت وفي هذه الحالة يصبح التأمين نقمة علي الطرفين فالتأمينات ملزمة بسداد مستحقات العامل التأمينية كاملة عند بلوغه السن حتي وإن لم يسدد صاحب المنشأة الاشتراك لأن القانون يستثني العامل من النزاع القائم بينهما والنقمة الثانية تقع علي العامل الذي يحرم من أي مساعدات أو معونات تمنحها الدولة للأرزقية والعاجزين بسبب وجود ملف تأميني له. أما خالد محمد بائع متجول فيقول: أبلغ من العمر 35 عاماً وتقدمت لمكتب تأمينات الزاوية الحمراء لفتح ملف تأميني وسداد كافة الاشتراكات المطلوبة لأتمكن من الحصول علي معاش مناسب وقد تم توجيهي للجنة الطبية لتوقيع الكشف الطبي وحصلت علي نموذج 111 بوظيفة عامل عادي وكانت النتيجة أنني مصاب ب "فتاق قربي" وغير لائق طبياً فطلبت العودة إلي مكتب التأمينات واحضار خطاب يفيد بأنني أعمل بمجال الخدمات المعاونة فكانت المفاجأة عدم وجود كود لعمال الخدمات المعاونة سواء في المقاولات أو الأعمال الحرة. عادل فتحي مدير منطقة تأمينات جنوبالجيزة يقول: طبقاً للمادة الخامسة من قانون التأمينات رقم 79 لا يحق إلا للعاملين في مجال المعمار والسائقين فقط فتح ملف تأميني وذلك عن طريق النقابات الخاصة بهم بحيث يقوم عامل المقاولات بإحضار قياس مهارة من النقابة العامة لعمال المقاولات لتحديد مستواه المهني وبناء علي هذا الخطاب يتم التأمين عليه علي أن يقوم بسداد حصته ويقوم المقاول بسداد حصة صاحب العمل مع عدم التزام المقاول بتسجيل العامل نهائياً وإلا سيتم الزامه بالعامل طوال مدة الخدمة أما باقي الأعمال الحرة فلا ينطبق عليهما القانون ولا توجد مظلة تأمينية تسمح بفتح ملفات لهم إلا بوجود رب للعمل. إبراهيم أبو العطا نائب النقابة العامة لأصحاب المعاشات يؤكد أن قانون التأمينات به العديد من المواد التي تحتاج لإعادة دراستها وصياغتها من جديد لذلك تقدمت النقابة بمقترحات جديدة للحفاظ علي حقوق العاملين بالقطاع الخاص والعمالة الحرة ومن ضمنها أن تكون العلاقة التأمينية مباشرة بين العامل والتأمينات والتخلي عن شرط وجود رب للعمل مما يؤدي إلي ارتفاع اعداد المؤمن عليهم فهناك العديد من الشرائح حرموا من حقهم التأميني كالباعة المتجولين وماسحي الأحذية وغيرهم من أصحاب المهن الحرة. كما تقدمنا بمقترح جديد لاحتساب المعاش علي المتوسط العام للمدد وليس علي متوسط آخر خمس سنوات علي ألا تقل المدة الواحدة عن سنتين حيث تختلف الأجور بالنسبة لهذه المهن حسب حاجة العمل وأن يقدم العامل طوال مدة خدمته ما يفيد أجره الفعلي ويتم سداد حصته بما يعادل 10% هذا الدخل. اضاف أبو العطا أن نص المادة المتعلق بشريطة وجود نقابة مهنية لصاحب الحرفة ما هي إلا فهلوة تأمينية الهدف منها جمع الأموال فبناء علي هذه المادة ما يتم سداده هو 12 جنيهاً سنوياً لتقاضي العامل في نهاية مدته 100 جنيه شهرياً بحد أقصي الأمر الذي لا يتناسب مع مكاسب بعض هذه المهن.