غدا عيدك يا أمي.. وعيد كل الأمهات.. وقوفي أمامك وتقديمي هديتي أجمل ذكرياتي.. وبعد فراقك أصبح أعز أمنياتي.. بجد.. وحشتيني يا ست الحبايب.. رغم انك في دار الحق والهدي.. وأنا في دار الباطل والظلام.. دنيا الغدر والخداع.. دنيا الكذب والضلال.. دنيا الفساد والغباء.. دار الخيانة وعدم الأمانة. مفتقدك يا أمي.. لمن أشكو من بعدك همي.. من يزيل غمي.. ويمحو ألمي.. ويلم شملي.. منذ أكثر من 8 سنوات لم يضمني حضنك.. ولم أقبل خدك.. ولم أطلب ودك.. ولكني في كل وقت يا ست الحبايب أستشعر رضاكي وحبك.. وحشني كلامك.. عتابك.. حتي صمتك.. أقسم بالله إني مفتقدك. حبيبتي.. عاجلاً أم آجلاً سآتي إليك.. أرتمي بين أحضانك.. ألتصق بعظامك.. ألتحف بكفنك.. أرتوي بحبك.. أأتنس بوجودك كما كان حالي وأنا طفل بين أحضانك أرضع لبنك الممزوج بحنانك.. حبيبتي.. اؤكد لك أني مازلت أسير علي نهجك ودستورك.. وأهتدي بهديك ونورك.. وأعيش ببركة دعائك ورضاك. غدا وكل يوم أتذكر دائما لحظة رحيلك.. وأنت علي سريرك.. وأنا أنحني أمامك بقدر قدرك وقامتك.. وناديت عليك استيقظي يا أمي فأنا علي ابنك حبيبك.. لم تتمكني أنت من الرد.. ولم أستطع أنا إلا تقبيل جبينك.. وصلينا عليك يا ست الحبايب.. وزففناكي إلي مثواك الأخير.. ونحن ننقلك من منزلك الفاني إلي منزلك الباقي.. لن أنسي طوال عمري لحظة دخولك لقبرك الذي استضاء بنور إيمانك.. وتفرق عنك أهلك وولدك وأنت تحتمين بربك وعملك.. لقد كانت عظتك لنا بالأمس بلسانك.. واليوم يا أمي بصمتك.. بعد أن ارتديت يا حبيبتي كفنك وسكنت يا ست الحبايب قبرك. أمي.. لم تكوني أبداً طالبة نعيم.. كان الزهد عنوانك.. والقناعة منهجك.. والحمد ختامك.. والعطاء أسلوبك.. آمنت ان الموت يفسد علي أهل الدنيا نعيمهم.. فكنت تلتمسين الآخرة طمعاً في نعيم لا موت فيه.. كان شعارك أن الدنيا تطلب لثلاثة أشياء.. للغني.. والعز.. والراحة.. فمن زهد فيها عز.. ومن قنع فيها استغني.. ومن قل سعيه استراح.. فزهدت.. وقنعت.. فاسترحت. أدعو لأبي بطول العمر.. ودوام الصحة والعافية.. وأنت يا ست كل الحبايب لا أملك إلا أن تكون هديتي لك اليوم في عيدك إلا الدعاء بأن يرحمك الله رحمة واسعة.. وأن يجعل لك من رضاه وفضله ومغفرته حظاً ونصيباً.. وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة.. وأن يباعد بينك وبين خطاياك كما يباعد بين المشرق والمغرب.. وأن يغسلك من الذنوب بالماء والثلج والبرد.. وأن ينقيك من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس.. وأن يسترك في الآخرة كما سترك في الدنيا.. ويدخلك الجنة من أوسع أبوابها.. ويسكنك الفردوس الأعلي.. وأن يجعل محمداً عليه الصلاة والسلام لك شفيعاً وحبيباً.. وأن يسقيك من حوضه شربة هنيئة لا تظمئين بعدها أبداً.