كأنما كان هناك غطاء احتوي البلد بأكملها. فلما رفع الغطاء بعد الثورة. تغيرت أحوال الناس. وتغيرت سلوكياتهم تجاه بعضهم البعض. وحيث استباح قطاع من الشباب لنفسه أن يكون حكما علي غيره. في الشارع وان يطالب البنات بتغطية رءوسهن بالايشارب.. وحيث تنعقد حياة الكثيرات حين يكتشفن وجوها أخري لناس كانوا قربين منهم بدرجة أو أخري. بمن فيهم شقيق واحدة منهم بدأ يطاردها بأوامره ورفضه لنزولها الشارع والعمل الخ... وحكايات أخري يطرحها الفيلم التونسي الجديد "مانمرتش" وبالانجليزية ترجم إلي "الجمال المخفي" لفنان السينما التونسي الكبير نوري بؤزيد. والذي حصل عنه علي جائزة أفضل مخرج لفيلم روائي عربي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في الشهر قبل الماضي.. وتقوم ببطولة الفيلم الممثلتان "سهير بن عماره" و"نور مزيو" و"لطفي العبدلي" و"با هرام علوي" و"عبدالعزيز المحرزي". وحيث تقوم البطلتان بدوري أمرأتين تعيشان في تونس العاصمة وتضع الأولي الحجاب. لكنها تواجه في عملها كبائعة في محل حلوي الكثير من الضغوط لخلعه من قبل صاحب المحل الذي أحبها منذ البداية ولم يتصور ان تضع الحجاب لخوفها من مطاردة السلفيين لها ولغيرها في الشوارع. بينما تعاني الثانية من مطاردة شقيقها وأصدقائه لها. وطلبه المباشر بأن تتحجب وان تجلس في بيتها حتي تتزوج. وهو ما ترفضه كله ثم تبدأ في الاستجابة للمطلب الأول وحين تكتشف ان عليها ان تتنازل عن حريتها كلها وتترك حياتها في يد الأخ ترفض. يطرح المخرج الذي شارك ايضا في كتابة قصة الفيلم مع جومان الامام وكتب له الحوار. يطرح القضية بعيدا عن التفسيرات الدينية للحجاب مؤكدا علي كونها قضية تتعلق بالحريات العامة والشخصية لكل فرد في اطار حقوقه المتساوية مع الآخرين في الوطن رافضا مبدأ الوصاية علي الآخرين بأي أسباب أو حجج. وهو ما تصل إليه في النهاية بطلتا الفيلم التي احتفظت كلاهما بقناعتها الشخصية فاستمرت الأولي في ارتداء الحجاب. بعد ان جربت خلعه. لأنها ترتاح الي هذا المظهر. بينما رفضت الثانية أن تغير ما تستريح اليه أيضا. الطريف أن نوري بوزيد بدأ يفكر في فيلمه عام 2010 حين حضر مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي كعضو في لجنة التحكيم ومن خلال ما رأه في الشارع المصري. وحين قامت ثورة تونس توقف. ثم حين خرجت جماعات بعد الثورة تطارد النساء وتطالبهن بالحجاب عاد إلي الفيلم من جديد.